دمشق – خليل حسين
طالب بعض أصحاب المنازل والمحال التجارية في محافظة درعا المستأجرين بدفع مبالغ الإيجار بالدولار الأميركي عوضًا عن الليرة السورية التي انخفضت قيمتها بشكل كبير مؤخرًا، إذ وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى أكثر من 650 ليرة لأول مرة في تاريخها، في حين اتهم الأهالي المنظمات الخيرية بالمسؤولية عن هذا التحول بسبب تعاقدها مع أصحاب العقارات للدفع بالدولار.
ويُبرّر المؤجرون اتجاههم للقبض بالدولار بأن الأجر المقوّم بالليرة لم يعد ذا قيمة مقبولة، و"خسارتهم" تزيد كلما زاد هبوط قيمة الليرة، في حين يشدد المستأجرون، وخاصةُ ذوي الدخل المحدود، على أن ذلك يزيد وضعهم المالي صعوبة، سيما وأن ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء المواد يطال الطرفين، وبالتالي فإنهم لا يرغبون بزيادة أعبائهم عبر دفع أجور أكبر للعقارات.
ونقلت وسائل اعلامية معارضة عن سكان مناطق ريف درعا أن تسعير أجرة المنازل الشهرية بالدولار بدل الليرة بات شائعا في معظم المناطق "غير الساخنة" أي البعيدة عن المعارك والقصف، لافتًا إلى أن أجرة المنزل في الشهر تصل إلى 250 دولار أميركي، أي ما يعادل 160 ألف ليرة تقريبًا، أي نحو 20 ضعفًا عما كانت عليه قبل اندلاع الاحتجاجات ضد النظام في آذار/مارس 2011.
وقال محمد الزعبي من سكان بلدة خربة غزالة إلى "العرب اليوم" إن المئات من اصحاب المنازل في المناطق الهادئة والتي يعيش اصحابها في دول الخليج العربي قدموا منازلهم للعائلات النازحة من المناطق التي تشهد معارك بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة بل ان المئات من العائلات تم تهجيرها من قبل القوات الحكومية.
وأوضح أحد السكان أن التأجير بالدولار لم يقتصر فقط على المنازل، إنما تعداها ليطال المحال التجارية أيضاً، إذ يتراوح إيجار المحل في الشهر بين 100 و150 دولارا أميركيًا، متسائلًا, "لو ارتفعت قيمة الليرة كثيرًا هل سيقبل المؤجرون استلام المبلغ الشهري بالدولار؟".
واستنكر بعض المستأجرين هذا التحول بمجال تأجير العقارات، واصفا إياه بـ"الاستغلالي"، كون أصحاب المنازل والمحال والمستودعات يتخذون من هدوء مناطقهم وبعدها عن الاشتباكات سببا لفرض شروطهم "غير المنطقية"، من دون مراعاة ظروف العائلات النازحة التي يعجز معظمها عن دفع مبالغ كبيرة.
ومع ارتفاع عدد النازحين وزيادة الطلب على العقارات، بدأ مؤخّراً بعض مالكي المنازل التي تُطل على شوارع رئيسية تتميز بحركة كثيفة في بعض بلدات الريف الشرقي، باستثمار المساحة المُطلّة من منازلهم على الشوارع الرئيسية، عبر بناء محال تجارية، وتأجيرها بمبالغ مالية متفاوتة، تصل إلى 150 دولار أميركي.
وحمل صاحب محل تجاري في بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي المسؤولية بتحول الأجرة من الليرة إلى الدولار وغلاء الإيجارات للمنظمات الخيرية المحلية والهيئات والمكاتب الإغاثية والتنموية، كونها تتّخذ من بعض المنازل بريف درعا الشرقي والغربي مكاتب ومستودعات لها، وتدفع أجرة عالية تصل إلى 500 دولار للعقار، الأمر الذي دفع باقي المالكين لأن يحذو حذوهم، "مستغلين" هدوء مناطقهم ونزوح مئات العائلات إليها، واضطرارها للعيش فيها مهما ارتفعت أجرة المنازل، على حد وصفه, وأردف أن بعض ملاك العقارات وصلوا إلى مرحلة رفض تأجير منازلهم للنازحين، وانتظار "فُرصة" تأجيرها للمنظمات الخيرية أو المكاتب الإعلامية، التي تدفع مبالغ مالية كبيرة كونها تتلقى دعما من جهات خارجية بالدولار أو اليورو أو إحدى العملات الخليجية التي زاد سعر صرف كل منها أكثر من عشرة أضعاف عما كان قبل خمسة أعوام.
يُذكر أنَّ بعض العائلات النازحة تعاني صعوبات في تأمين منزل مناسب للسكن، بسبب الكثافة السكانية المرتفعة ببعض القرى والبلدات بريف درعا، وغلاء أجور العقارات، وعدم توافر فرص العمل، وانخفاض قدرتها الشرائية ولاسيما بعد إنفاق مدخراتها.
أرسل تعليقك