أكد الرئيس بشار الأسد أن أولويات الدولة هي في مكافحة الإرهاب، وتوفير الحد الأدنى من سبل العيش للمواطنين السوريين، معتبراً أن العملية السياسية لم تُبنَ على مفاوضات بين سوريين وطنيين، وإنما بين سوري وطني وسوري عميل، مستنتجاً بأن كل ما سبق جعل من العملية مولوداً ميتاً منذ البداية، وموضحاً أن مشاركة سورية في هذه العملية كانت «لكي نسد الذرائع ونثبت للجميع بأن الدول التي تتحدث عن حل سياسي، والغرب تحديداً، هي غير صادقة».
وفي مقابلة مطولة خص بها جريدة «الوطن» المحلية ، شدد الرئيس بشار الأسد على أنه «ليست كل معارضة عميلة» لكنه اعتبر أن «المعارضة التي كُلفت بالحوار مع سورية عميلة، وهذا كلام غير قابل للنقاش بالنسبة لنا»، مؤكداً تأييده «أي حوار بين السوريين، عندما يكون حواراً سورياً سورياً، بين سوريين لا ينتمون لأجندات خارجية ولا يدعمون الإرهاب» في دمشق وفي أي مكان، مشدداً على عدم وجود حصانة (لأي شخص) من القانون، في إشارة منه لكل من يرغب من معارضي الخارج بالمشاركة في هذا الحوار.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن دول الخليج، السعودية وقطر التي أخذت مواقف معادية جداً وعبر التاريخ كانت أحد أسباب بقاء إسرائيل وتفوقها في المنطقة، لكنه اعتبر أن هذا لا يجعل الشعب في السعودية أو في قطر أو غيرها من الدول هو شعباً عدواً، مشدداً على أن إسرائيل تبقى هي العدو.
وكشف الرئيس الأسد عن وساطة روسية مع السعودية منذ نحو عام ونصف، لكنها فشلت لأن «السعودية لديها هدف واحد أن تقوم سورية بالوقوف ضد إيران ولا نعرف لماذا يجب علينا أن نقف ضد إيران لكي ترضى السعودية أو لكي يرضى عقلهم المتخلف».
واعتبر العلاقات مع مصر أنها «تتحسن ببطء ولكن الأفق ما زال محدوداً بالإطار الأمني»، مبيناً أن تلك العلاقات انحدرت لمستويات متدنية خلال حكم الإخونجي (محمد) مرسي، ولكن لم تصل لدرجة القطيعة «وليس لأن مرسي لا يرغب، أو «الإخونجية» لا يرغبون، ولكن لأن المؤسسة الأمنية العسكرية لم تكن ترغب بهذه القطيعة».
وشدد الرئيس الأسد على أن عملية تحرير المنطقة الشرقية من حلب مؤخراً لا تأتي في إطار سياسي وإنما في سياق الأعمال العسكرية الطبيعية، وأضاف: «لكي نكون واقعيين لا تعني نهاية الحرب في سورية، وإنما محطة كبيرة باتجاه هذه النهاية»، مشدداً على أن الحرب «لا تنتهي إلا بعد القضاء على الإرهاب تماما وسنتابع الحرب عليهم».
الرئيس الأسد رأى أن المصالحات مسار مختلف عن عملية جنيف، مؤكداً أنها هي «الحل الوحيد المتاح بالتوازي مع ضرب الإرهابيين، وأثبت نجاعته خلال السنتين أو الثلاث سنوات الماضية وبدأ يتسارع، وأنه حلّ حمى المدنيين»، مؤكداً على أنه و«في كل مصالحة حصلت كان موضوع المخطوفين هو الأساس»، وأضاف: «هذه أولوية بالنسبة لنا لأنها مشكلة اجتماعية وإنسانية كبيرة، ولا يمكن للدولة أن تتغاضى عنها»، مبيناً أن الدولة تبحث «عن آليات أو أقنية للتواصل مع الإرهابيين من أجل تحرير» المخطوفين.
وبين الرئيس الأسد أن هناك أربع نقاط ساهمت في صمود الاقتصاد السوري، هي «إرادة الحياة لدى الشعب السوري بمختلف المهن الموجودة في القطاع العام والخاص» وثانياً «الأسس التي بُني عليها الاقتصاد السوري عبر عقود» وثالثاً أن «الدولة بعد عامين أو ثلاثة أعوام عندما بدا أن الحرب ستستمر ربما لسنوات طويلة، انتقلت باتجاه حلول غير تقليدية، لم تكن مقبولة في الأوضاع الطبيعية قبل الحرب، إضافة إلى «الدعم الخارجي الذّي أتانا من الأصدقاء وخاصة الإيراني والروسي».
وحول ملف إعادة الإعمار رأى الرئيس الأسد أنها «ستقلع وخاصة عندما يكون هناك أمان»، موضحاً بأن «الدول الصديقة ستكون من أول المساهمين في هذا المجال عبر شركاتها وعبر القروض»، وأضاف: «لا أعتقد أن الشعب السوري يقبل أن تأتي شركات من دول معادية لتقوم بإعادة الإعمار وتحقق مكاسب من الحرب التي أشعلتها»، واستدرك «لكن الكثير من الدول التي ناصبتنا العداء ستبحث عن شركات في دول صديقة لتكون واجهة لها في إعادة الإعمار في سورية».
وشدد الرئيس الأسد على أن «الفساد يجب ألا يستمر دون محاسبة»، معتبراً أن «مشكلة الفساد ليست في عدم القدرة على محاسبته وإنما في عدم القدرة على اكتشافه خصوصاً في مثل هذا الظرف»، مشيراً إلى ضرورة «مضاعفة الجهود على مستوى الدولة وعلى مستوى المجتمع من أجل عملية الكشف»، ومشدداً على أن «أولويات الدولة الآن تختلف، أولاً، مكافحة الإرهاب، وثانياً، توفير الحد الأدنى من سبل العيش للمواطنين السوريين».
ورأى أن تجربة «القوات الشعبية هي ليست خياراً للدولة ولكن هي تجربة تفرضها كل الحروب الوطنية في أي دولة من دول العالم»، مؤكداً أن «هذه التجربة لها إيجابيات ولها سلبيات، وفي حالتنا كان لها إيجابيات كثيرة وحققت إنجازات عسكرية على الأرض، لكن السلبيات دائماً ترتبط، كالفساد، بالحالة الفردية»، موضحاً أن «هناك حالات تم إلقاء القبض عليها وأنا أعرفها بالتفصيل ولكن هناك حالات أخرى لم تُضبط».
أرسل تعليقك