بغداد- نجلاء الطائي
أكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها عن معارك الموصل، شمال العراق، أن الأطفال الذين حاصرتهم الحرب يعانون إصابات نفسية وجسدية "مرعبة"، ويواجهون واقعًا مؤلمًا.
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه المفوضية العليا لحقوق الإنسان، الجمعة،عن تلقيها نداءً إنسانيًا عاجلاً من أهالي حي المثنى، في مدينة الموصل، يطالبون بتحريرهم من قبضة تنظيم "داعش"، بسبب ما يتعرضون له من انتهاكات واعتداءات من قبل التنظيم. وحملت المنظمة القوات العراقية وتنظيم "داعش" مسؤولية ما يعانيه هؤلاء الأطفال.
وأوضحت أنه تبين، خلال زيارة بعثتها للعراق، التي استمرت 17 يومًا، أن الأطفال الذين حوصروا في مرمى نيران معركة الموصل الوحشية رأوا أشياء لا ينبغي لأحد، مهما كان عمره، أن يراها أبدًا.
وقالت كبيرة المستشارين لمواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية، دوناتيلا روفيرا، والتي قادت البعثة: "لقد شاهدت أطفالاً لم تلحق بهم إصابات مرعبة فحسب، وإنما رأوا رؤوس أقربائهم وجيرانهم تقطع بسبب انفجار قذائف الهاون، أو يتحولون إلى أشلاء نتيجة انفجار السيارات المفخخة أو الألغام، أو يسحقون تحت ركام المنازل".
وأضافت أن الأطفال الذين جرحوا بسبب الحرب يجدون أنفسهم بعد ذلك في مستشفيات تكتظ بالمرضى، أو في مخيمات للنازحين، حيث تزيد الظروف الإنسانية البائسة من صعوبة تعافيهم جسديًا ونفسيًا مما لحقهم. وأشارت إلى أن هناك فتيات، لم تتجاوز أعمارهن 11 سنة، لم يسلمن من الاغتصاب، بينما أكره الصبيان على الالتحاق بالتدريب العسكري، ولقنوا كيف يقطعون رؤوس البشر، وأجبروا على مشاهدة أشخاص يعدمون أمام أعينهم.
وطالبت المسؤولة الدولية المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية لتمويل استجابة ناجعة، هدفها حماية الأطفال، بما في ذلك توفير الدعم الصحي النفسي الشامل لمن تعرضوا للعنف المفرط، كجزء من المواجهة الإنسانية للأزمة في العراق.
وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، في بيان لها، إنها تلقت اتصالاً من بعض الأهالي، يعيشون جوًا من الخوف التام بسبب "داعش"، ورد فيه هذا النداء الذي يحمل عنوانًا إنسانيًا: "انقذوا المثنى"، حيث فُجع اهالي المثنى باستباحة عناصر تنظيم "داعش"، وأغلبهم أجانب، لمنازلهم، والعبث فيها والاستيلاء على ممتلكاتهم و سياراتهم واستهانتهم بكل شيء، حتى أجبروا سكان 200 منزل على مغادرتها قسرًا وترك كل ما يملكون، ثم احتلوا تلك المنازل واعتلوا أسطحها للقنص.
وأكد النداء الذي تلتقته المفوضية أن أغلب البيوت لم يعد لديها خزانات مياه صالحة على الأسطح، بفعل الشضايا وإطلاق النار، مبينًا أن القصف العشوائي مستمر على حي المثنى منذ أسبوعين، ولَم يكد يسلم منه منزل واحد. وأشار إلى أن المثنى حي منكوب، لا ماء فيه ولا كهرباء ولا وقود ولا غذاء ولا متاجر تفتح، كما نفذ كل ما تم تخزينه .
وذكرت المفوضية أن الحالة الإنسانية "على شفير الهاوية"، وبعض الناس تكاد تهلك جوعًا، ولا يوجد أي مظهر من مظاهر الحياة، بسبب الحصار والإقامة القسرية التي فرضها التنظيم على الأهالي، كما أن معركة تحرير هذا الحي لم تبدأ بعد.
وأعربت المفوضية عن خشيها على حياة المدنيين في هذا الحي، اذ أصبحت كل ثلاث أو أربع عوائل متكدسة في بعض المنازل جراء التهجير، وهذا يعرضهم للخطر الكبير حينما تبدأ عملية تحرير هذا الحي، حيث سيقوم تنظيم "داعش" باستخدامهم دروعًا بشرية.
وطالبت المفوضية الحكومة الاتحادية والقوات الأمنية بوضع خطة استراتيجية محكمة لتحرير هذا الحي، وإخراج العوائل منه، بتوفير ممرات آمنة لهم، وانقاذهم من بطش وممارسات "داعش" المتطرف لتفادي ارتكاب هذا التنظيم مجازر وحشية بحق المدنيين.
وتنفذ القوات العراقية، بدعم من "البيشمركة" و"الحشد الشعبي" و"التحالف الدولي"، حملة عسكرية واسعة لتحرير الموصل من تنظيم "داعش"، بدأت في أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
وفي بيان آخر، أفادت المفوضية العليا لحقوق الانسان، الجمعة، بأن تنظيم "داعش" استخدم حيلة لاجتياز القوات الأمنية المتواجدة في منطقة كوكجلي، شرق الموصل، وتنفيذ تفجيرات فيها. وقالت إنها تابعت الانتهاك الصارخ الذي ارتكبته عناصر "داعش" المتطرف، باستهدافها المدنيين في منطقة كوكجلي المحررة، بتفجير خمسة سيارات مفخخة، راح ضحيتها ١١ قتيلاً و ٤٠ جريحًا، حالة بعضهم خطرة.
وأوضح البيان أن عناصر تنظيم "داعش" استغلوا عدم تفتيش قطعات الجيش العراقي لجنازة وهمية انطلقت من حي القدس المجاور، وغير المحرر، بحجة دفنها في مقبرة "التلفزيون"، وبعد تمثيلهم أداء مراسيم الدفن الوهمية، انطلقوا بمركباتهم المفخخة من الطريق الترابي إلى "سايدين" كوكجلي، وفجروها في سوق شعبي مكتظة.
وأضاف البيان: "إن المفوضية العليا لحقوق الإنسان إذ تدين وتستنكر هذا الانتهاك الصارخ لحق الحياة للمدنيين العزل، تطالب القوات الأمنية، بكل صنوفها، والحشد الشعبي والعشائري، بضرورة توفير الحماية اللازمة للمناطق المحررة وأخذ الحيطة والحذر لإفشال دسائس ومكائد تلك العناصر الإجرامية، التي ترتكب افضع المجازر الوحشية بحق المدنيين، كونهم الآن عادوا إلى مناطقهم المحررة و ينعمون بأمان وحرية تامة، بعد عودة الحياة إلى تلك المناطق".
أرسل تعليقك