الخرطوم- محمد إبراهيم
ربما كان العاشر من أكتوبر / تشرين الأول في السودان، موعدًا يتمنى فيه القائمون على أمر الجمعية العمومية للحوار الوطني مشاركة شخصيات، توسموا فيها خيرًا، بيد أن أسماء بارزة كانت من الغائبين، ويتعلق الأمر على وجه التحديد برئيس حركة "الإصلاح الآن"، الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، كما يتعلق بغيره، ممن كان يرجى حضورهم، خاصة في أعقاب توجيه رئاسة الجمهورية السودانية الدعوة إلى العديد من الشخصيات، المحلية والخارجية، علاوة على جميع القوي السياسية في البلاد، وقادتها، دون تمييز. وكان غياب قادة وزعماء الخليج محل تساؤل عريض من قبل المراقبين، خاصة بعد الدور السوداني الكبير في المنطقة العربية، ومشاركته بفعالية في عملية "عاصفة الحزم"، لإعادة الشرعية في اليمن، وعلى الأقل كانت التوقعات تُشير إلى مشاركة سعودية ذات وزن كبير، حتى وإن لم تكن على مستوى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز.
وكان أبرز الغائبين عن حضور الحوار الوطني في السودان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الذي كان من المؤمل أن يكون من الحاضرين، غير إن المسؤول الكوري الجنوبي المحنك، اعتذر عن ذلك، مبررًا موقفه باشتغاله بترتيبات إخلاء موقعه، وإكمال التسليم والتسلم في المنظمة الدولية العريقة، حيث ينتظر أن يخلفه أقوى المرشحين، البرتغالي أنطونيو غوتيريس.
كما غاب الرئيس الإثيوبي، هايلي دستالين، وأرسل مندوبا عنه، واللافت في الأمر أن دولاً يمد معها السودان حبال الود والوصل، لم يحظى الحدث لدى قادتها باهتمام، ينم عن عمق علاقتهم بالسودان، ولم يحضر أي موفد خاص بالسعودية والكويت وقطر، وما يثير الإهتمام أن هؤلاء الغائبين قدم لهم السودان الكثير من الدعم، في قضاياهم الإقليمية، خاصة السعودية، التي مثلت لها جهود السودان الداعمة ميزة في حربها على الحوثيين، في الأراضي اليمنية، فيما عرف بـ"عاصفة الحزم".
أما في الداخل، أثار غياب رئيس حركة "الإصلاح الآن"، الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، عن الحوار، تساؤلات عريضة، خاصة وأن الحكومة في الخرطوم كانت تأمل في حضوره، أكثر من قادة المعارضة الآخرين، باعتباره الأقرب إليها. وقال محمود الجمل، مدير مكتب "العتباني"، في تصريحات صحافية، الإثنين، إن هنالك حاجة لتحديد القضية أولاً، فإن كان الأمر يتعلق بغياب الحركة بشكل عام عن المشاركة، فهو أمر قد يكون تفسيره أن الحركة غير مشاركة من الأساس في جلسات الحوار، وبالتالي فليس من الأهمية بمكان أن تشارك في الجمعية العمومية، حتى إن وردتها الدعوة للمشاركة، أما الجزئية الأخرى، المتعلقة بحضور رئيس الحركة، فإن غيابه كان بسبب كونه خارج البلاد، حيث غادر إلى تركيا، للمشاركة في مؤتمر دولي يُعقد هناك.
ويري مراقبون أن "العتباني" ربما كان محظوظًا عندما تصادفت عمومية الحوار مع موعد مسبق، قطع على نفسه المشاركة فيه، وهو المؤتمر المقام في تركيا، حيث شكلت الرحلة إلى بلاد الأناضول مخرجًا له من حرج حضور عمومية الحوار الوطني، الذي لم تشارك فيه حركته أصلاً، لكنه وبطبيعة الحال كان مدعوًا لحضورها، تأسيسًا على تعميم الدعوة إلى القوى السياسية، المشاركة والممانعة، ولكن غيابه ربما يلقي بعلامات استفهام، تتعلق بمدى حماسه ورضاه عن المشاركة في الحوار مع الحكومة من الأساس، وعلى الأقل حوار "الوثبة"، وهو غير الحوار الذي تدعو إليه القوى الممانعة، في حين يعلم "العتباني" يقينًا أن احتمالات الخروج بمكاسب سياسية معتبرة، جراء حوار مع الحكومة، تظل متدنية.
وليس سرًا أن الحكومة ترى في "العتباني" الآن ورقة رابحة، وتعتبره أحد مفاتيح الحل، وذلك قياسًا على تأثير "كاريزما" شخصيته، وليس حركته، التي تعتبر حركة سياسية لا تضاهي أحزاب بوزن "المؤتمر السوداني"، أو "الحزب الشيوعي" العتيد، الذين غابا أيضًا عن الحوار، وجمعيته العمومية.
أرسل تعليقك