دمشق - لامار اركندي
تقترب المعركة الكبرى التي أعلن عنها التحالف الدولي، للقضاء على "داعش" في مدينة "الموصل" العراقية، ومركز خلافته في الرقة السورية، وتزداد المخاوف من مواصلة التنظيم المتطرّف السماح للمدنيين النازحين من ريف حلب الشرقي، بالدخول إلى مدينة الرقة، حيث يشرف الأخير على عملية نقلهم على متن العبَّارات والزوارق، عبر نهر الفرات، من ضفتها الجنوبية إلى الشمالية.
وأكّدت مصادر مطّلعة، أنّ عملية النزوح جاءت في توقيت خاطئ، من الناحية الإنسانية، فالمدينة باتت محاصرة مع أجزاء من أريافها الغربية والشمالية والشرقية، من قبل قوات سورية الديمقراطية المدعومة بقوات خاصة أميركية، بعد قطع طريق "الرقة – دير الزور" أخيرًا في شرق الرقة، والوصول إلى شمال سد الفرات في ريف الرقة الغربي، وقطع كافة الجسور والمعابر المائية، بحيث باتت وسيلة التنقل الرئيسية الزوارق والجسور المتحركة والعبَّارات، وتتواصل التحضيرات إلى معركة الرقة الكبرى، بالتزامن مع إدخال التحالف الدولي لمئات الآليات العسكرية مصحوبة بعتاد وذخيرة ومستشارين عسكريين والعشرات من الجنود، للمشاركة، ورصد نشطاء في الأيام الفائتة مرور مئات الآليات العسكرية عبر معبر سيمالكا في الشرق والذي يربط بين الجزيرة السورية وإقليم كردستان العراق، متّجهة نحو الرقة.
وأكدت المصادر أن تنظيم “داعش” لا يزال يمنع المدنيين من الخروج من مدينة الرقة، أو من مناطق سيطرته إلى خارجها، فيما يعمد إلى زيادة أعداد المدنيين القاطنين في مدينة الرقة، واتهم الأهالي التنظيم بمحاولة الاحتماء بالمدنيين، وتأخير أو منع عملية إخراجه من مدينة الرقة، عبر جعل المدنيين دروعاً توقف عملية “غضب الفرات” التي تقودها قوات سورية الديمقراطية بدعم من طائرات التحالف الدولي وقوات خاصة أميركية منذ الـ 6 من تشرين الثاني / نوفمبر من العام الفائت 2016، وتهدف لطرد التنظيم المتطرّف من مدينة الرقة.
وتشهد مدينة الرقة، ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية وزيادة الغلاء في المواد المعيشية ومستلزمات الحياة، ويتأتى هذا الارتفاع في الأسعار، مع بدء تناقصها، بعد قطع كافة الطرقات البرية الواصلة إلى المدينة، الأمر الذي أثار استياءً واسعًا لدى المواطنين، وسمح "داعش" بمرور الأهالي، بعد محاولة الآلاف من عوائل المدنيين، الوصول إلى داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة، ترافقها نحو 120 عائلة لمقاتلين وقياديين في صفوفه، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في الـ 7 من آذار / مارس الجاري، أنه مع وصول العائلات للحدود الإدارية بين الرقة وريف حلب الشرقي، تفاجأت بقيام التنظيم بإيقاف العائلات المدنية، فيما منح ورقة “عائلة مجاهد في داعش” لعوائل عناصر التنظيم، وسمح للأخيرة، بالعبور باتجاه مدينة الرقة، وعمد إلى نقلهم إلى المدينة، عبر القوارب، بعد تعذّر النقل البري، نتيجة لتدمير الجسور الواصلة بين مدينة الرقة والضفاف الجنوبية لنهر الفرات.
وأكدت المصادر أن آلاف الأُسر المدنية، لا تزال متواجدة على الحدود بين ريفي الرقة وحلب، وبعضها عاد أدراجه إلى قراهم التي لا يزال تنظيم “داعش” يسيطر عليها في ريف حلب الشرقي، بسبب منع التنظيم لهم من العبور نحو مدينة الرقة، ما أثار استياء الأهالي في مناطق سيطرة تنظيم “داعش” من قيام الأخير بالتشديد على بقاء كل شخص في مدينته، وعدم السماح لهم بالخروج نحو مناطق أخرى حتى لو كانت تحت سيطرته، متهمين التنظيم باستخدامهم كدروع بشرية لحماية عناصره وقاداته من غارات التحالف الدولي والطائرات الروسية وطائرات القوات الحكومية، هذا المنع في انتقال المدنيين من قبل تنظيم “داعش” وتعريضهم إلى خطر الاستهداف من الطائرات الحربية، أتى مع انهياره في ريف حلب الشرقي، بعد خسارته عشرات القرى والمدن وبلدات رئيسية مثل الباب وتادف وبزاعة وقباسين، في الريف الحلبي، كما جاء بالتزامن مع الاستياء الذي يسود مدينة الرقة.
ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان قيام تنظيم “داعش” في المدينة بإصدار قرار يلزم المواطنين بارتداء لباس موحد وهو “اللباس الأفغاني”، وجرى استصدار القرار خلال الأسبوع الفائت، وأمهل التنظيم المواطنين في المدينة عدة أيام حتى يتم اقتناء اللباس، لتقوم اليوم بتسيير دوريات مكثفة في المدينة، واعتقال كل من يخالف التعميم والقرار، وإجباره على شراء اللباس وارتداءه، فيما أثار هذا القرار استياءً شعبياً واسعاً في أوساط المدنيين في مدينة الرقة، وتحدثت مصادر أهلية للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن مخاوفها من قيام تنظيم “داعش” باتخاذ المدنيين بشكل غير مباشر كدروع بشرية، عبر إيهام التحالف الدولي والطائرات الحربية والتحامي بالمدنيين، من خلال صبغ المدينة بصبغة لباس واحد، بعد أن كانت في وقت سابق عمدت إلى إجبار المواطنين على إطلاق لحاهم وحلق شواربهم، ويخشى الموطنون أن يتم استهداف المدينة من قبل الطائرات الحربية تحت ذريعة أنهم عناصر من التنظيم بسبب تشابه اللباس بينهما.
و أكدت مصادر مطّلعة أن هذا القرار سيشكّل خطرًا على حياة المواطنين الذين يحاولون الوصول إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية في أرياف الرقة الشرقية والغربية والشمالية، بسبب تخوّفهم من الاستهداف من قبل قوات سورية الديمقراطية في مناطق التماس بينها وبين التنظيم، فيما كان المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق في فترات سابقة تنفيذ تنظيم “داعش” باعتقالات طالت عشرات المواطنين بتهم “مخالفة اللباس” أو مخالفة “الزي” الذي عمم التنظيم على المواطنين في مناطق سيطرته بوجوب ارتدائه.
وشهدت مدينة الرقة قيام “الشرعيين” وأئمة مساجدها بمخاطبة المواطنين في المدينة، بأن “كل من لا يحمل السلاح ويدافع عن أرضه وعرضه، فهو ديوث لأن الأميركيين سيغتصبون عرضه بعد أن يحتلوا أرضه””، حيث أن هذا الفرار الجماعي للعائلات الأجنبية من مدينة الرقة، جاء بعد تمكن قوات سورية الديمقراطية من محاصرة المدينة وأجزاء من ريفها، عبر قطع طريق الرقة – دير الزور، والتقدم نحو مدينة الرقة، كما جاءت بعد استقدام تعزيزات من عناصر التنظيم من ريف حماة الشرقي ومحافظة دير الزور، إضافة لعناصر فارين من التنظيم من ريف حلب الشرقي، ووصل عدد الواصلين إلى مدينة الرقة أكثر من 230 عنصراً وقيادياً ميدانياً.
أرسل تعليقك