أكدت أمين عام المجلس الأعلى للسكان ميسون الزعبي ضرورة الاهتمام بظاهرة زواج القاصرات في الأردن وإعداد استراتيجية تختص بهذا المجال، والاهتمام بإيجاد خطط توعوية وتوجيه البحوث العلمية إلى معالجة هذه القضية وآثارها، مشيرة إلى ارتفاع اعداد زواج القاصرات وفق نتائج الدراسة، وكان للجوء السوري الأثر في ذلك، إلى جانب بيان أن 23 قضاء (منطقة ) تركز فيها زواج القاصرات بشكل كبير.
وأكدت الزعبي خلال اطلاق نتائج دراسة عن زواج القاصرات في الأردن"بحضور وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري وممثلين عدد من الجهات الشريكة اليوم الأحد، إلى أن إطلاق النتائج إلى تعزيز التعاون بين الشركاء في كسب التأييد لبيئة سياسات وبرامج داعمة للحد من زواج القاصرات في الأردن. وشددت الزعبي أن الحد من زواج القاصرات احتل حيزا كبيرا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية نظرا لتأثيراته السلبية على المرأة وارتباطه بحرمان الاناث من الحقوق التي نصت عليها، مبينة أن الدراسة جاءت لتسليط الضوء على حجم المشكلة وتأثيراتها وتحفيز أصحاب القرار لاتخاذ قرارات تحد من حجم الظاهرة.
فيما بين وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري أن تعزيز وسائل التشاركية في التباحث والتدارس مع كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية، هو نهج حكومي في بناء أسس التنمية المستدامة الشاملة والتطوير في كافة القضايا من أجل رفاه المواطن، مشيرا إلى أن الجميع يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة لمفهوم التشاركية من خلال الانتخابات اللامركزية والبلدية والتي تتيح للمرأة والفتاة الأردنية فرصةً للتقدم في العمل التنموي وصنع القرار.
واضاف فاخوري، "لقد كان الأردن ولا يزال من الدول السباقة في رسم سياسة سكانية واضحة المعالم مبنية على الأسس العلمية والتصانيف المعتمدة دولياً، إضافة إلى عملية التنسيق بين النشاطات السكانية في المملكة، إدراكاً منه لأهمية هذه القضايا وارتباطها الوثيق بقضايا التنمية المستدامة". وأظهرت الدراسة أن ثلث الإناث السوريات اللاتي تزوجن في الأردن عام 2015 كنّ دون الثامنة عشرة، في حين بلغت هذه النسبة 4و13% على المستوى الوطني الأردني فيما كشفت الدراسة أن هناك عوامل وأسباب تفرض على الأسر تزويج فتياتها، حيث يعد الفقر، والتخلص من مسؤولية الفتاة المادية، وحماية شرف الفتاة من أهم الأسباب المؤدية إلى زواج القاصرات.
وكانت البيانات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة ودائرة الإحصاءات العامة، أن هناك مشكلة تتزايد على المستوى الوطني في تزويج الإناث اللاتي تقل أعمارهن عن 18 سنة عموما، وبين الإناث السوريات خصوصا، وفقا لما جاء في الدراسة. وذكرت الدراسة أن التحليل الإحصائي لبيانات التعداد العام للسكان والمساكن 2015 بين أن تزويج الفتيات دون (18) عاما "في تزايد مستمر في المجتمع الأردني"، إذ هناك ارتفاع ملحوظ في أعداد حالات الزواج للإناث التي أعمارهن تقل عن (18) سنة خلال الفترة الزمنية 2010 - 2015.
وارتفعت النسبة من 7و13% عام 2010 إلى 15% عام 2013 واستمرت بالارتفاع خلال عامي 2014 و2015 لتبلغ (2و16% و1و18%) على التوالي. وكانت أعلاها في محافظة المفرق، وبلغت النسبة 5و24% تلتها محافظة الزرقاء وبنسبة 8و18% فمحافظة إربد وبنسبة 7و17% في حين لم تتعد المحافظات التسع الباقية المستوى الوطني، إذ راوحت بين 3و13% في محافظة العاصمة، وفي محافظة الطفيلة 6و5%، وبين التعداد العام أن نسبة الإناث الأردنيات اللاتي تزوجن في الأعمار التي تقل عن 18 راوحت بين 5و9% عام 2011 ووصلت عام 2015 إلى 6و11%.
وبالمقابل كانت الإناث السوريات المقيمات على الأراضي الأردنية هن الأكثر زواجا في الأعمار التي تقل عن 18 سنة، إذ راوحت نسبتهن بين 2و33% عام 2010 أما عام 2015 كانت النسبة 7و43%، كما بينت النسبة المئوية لحالات الزواج المسجلة لدى دائرة قاضي القضاة للإناث السوريات اللاتي أعمارهن من 18 سنة خلال الفترة 2011 - 2015 ارتفاعا مقارنة بالنسب الوطنية التي سجلت، فقد ارتفعت النسبة من 12% من مجموع عدد حالات الزواج المسجلة عام 2011 إلى 4و18% عام 2012 وإلى 25% في عام 2013 وإلى 3و32% في عام 2014 واستمر الارتفاع عام 2015 فبلغت نسبتهن 6و34%.
وأشارت البيانات الإحصائية والبحث الميداني، إلى أن الزواج المبكر يحرم الفتيات من استكمال تعليمهن بسبب الزواج، وكذلك الحرمان من تطوير المهارات وفرص العمل، إذ أن معظم القاصرات الأردنيات تعليمهن ابتدائي أو إعدادي بنسبة 7و66%، أما السوريات فغالبيتهن من حملة الشهادة الابتدائية والاعدادية بنسبة 3و69% وترتفع كذلك نسبة الأميات بين السوريات (8و9%) وكذلك الملمات (2و15%)، ونتيجة غياب الفرص التعليمية، والعادات والتقاليد الاجتماعية، وجدت الدراسة أن الغالبية الساحقة من الإناث الأردنيات والسوريات لا يعملن، ولا يبحثن عن عمل.
و شكلت الإناث اللاتي تزوجن في أعمار تقل عن 18 سنة اللاتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل الغالبية العظمى من بين الإناث اللاتي تزوجن في مختلف السنوات وراوحت نسبتهن بين 2و94% للاتي تزوجن عام 2010 أما اللاتي تزوجن عام 2015 فبلغت نسبتهن 3و96%، كما تشير البيانات إلى أن غالبية الإناث الأردنيات اللاتي تزوجن في أعمار تقل عن 18 سنة أو ما نسبته 7و76% منهن يقمن في مساكن تملكها الأسرة أو أحد أفرادها، بينما يقيم حوالي ثلاثة أرباع الإناث السوريات اللاتي تزوجن في أعمار تقل عن 18 سنة أو ما نسبته 8و74% في مساكن غير مفروشة.
أما فيما يتعلق بالوضع الصحي والنفسي للفتيات القاصرات، فقد بينت النتائج النوعية من البحث الميداني أن من أسوأ آثار زواج القاصرات هي الآثار الصحية والنفسية السلبية التي يتركها الزواج على القاصرات، وما يتبعه من حمل وولادة ومسؤوليات اجتماعية ونفسية. وأشارت البيانات إلى أن أكثر من نصف الأردنيات اللاتي تزوجن في أعمار تقل عن 18 سنة، وكذلك (4و69%) من السوريات كن من غير المؤمنات صحيا، وشكلت الوفيات بسبب الحمل بين الصغيرات اللاتي أعمارهن 13-19 سنة وقت الوفاة ما نسبته 3و6% من إجمالي الوفيات التي حدثت أثناء الحمل، بينما لم تسجل حالة وفاة للإناث اللاتي أعمارهن 13-19 خلال 42 يوما من الولادة (فترة النفاس).
وبين البحث النوعي أن هناك "ندما" إلى حد ما على الزواج المبكر، وذلك نتيجة اختلاف التوقعات التي شكلتها الفتاة مسبقا عن الزواج، وتفضيلها إياه على استكمال التعليم، كما أظهرت الدراسة أن الفتيات الصغيرات لم يكن لديهن أية معلومات حول العلاقة الزوجية، وما يرتبط بالصحة الإنجابية. وأظهرت النتائج أن الأردنيات عادة يتزوجن من أردنيين بنسبة (1و98%) وان السوريات يتزوجن سوريين بنسبة (4و97%) وأن الزوج الأردني أكثر تعليما من زوجته القاصر، ونظيره السوري.
وأوصت الدراسة بإيجاد استراتيجية أو سياسات يتم تُقَرّ على المستوى الوطني لمكافحة زواج القاصرات وآثاره السلبية، وضرورة خلق بيئة داعمة للتغيير المجتمعي بالتوعية لجميع شرائح المجتمع، وتحفيز الرسائل الإعلامية التي ترفع درجة الوعي بشأن الآثار السلبية الناتجة عن زواج القاصرات. ودعت الدراسة إلى ضمان حق التعليم لجميع القاصرات المتزوجات عن طريق استراتيجيات التعليم غير النظامي، ودعم برامج الصحة الإنجابية وتطويرها، كما اقترحت ضبط زواج القاصرات بإلغاء الاستثناء واعتبار سن الزواج 18 سنة ملزما للجنسين.
أرسل تعليقك