تمتلك المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية هيلاري كلينتون في جعبتها خيارات محتملة ربما تمكنها من التحايل على نتيجة الانتخابات وإبطالها، في حال أسفر التصويت النهائي عن خسارتها ضد منافسها الجمهوري دونالد ترامب في يوم الحسم الانتخابي المقرر غدا الثلاثاء.
ويرى محللون أنه في حال خسارة كلينتون للانتخابات بهامش تصويت طفيف لصالح ترامب، سيكون لديها خيارات لمحاولة إبطال نتائج الانتخابات وجعلها أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة.
أبرز تلك الخيارات هو حشد تأييد حليفين اثنين على الأقل من الكونجرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) لتقديم احتجاج رسمي قبل اقرار نتيجة الانتخابات.
رؤية المحللين هذه تنبع من تجاهل كلينتون الإجابة عن سؤال وجه إليها عقب المناظرة الرئاسية الأخيرة، في 19 أكتوبر الماضي، بشأن ما اذا كانت ستتعهد بقبول نتائج الانتخابات أيا ما كان ستسفر عنه أم لا.
. وبدلا من الإجابة بوضوح عن السؤال، شنت كلينتون هجوما حادا على ترامب الذي رفض الاقرار علنا بقبوله نتائج الانتخابات. وتعرض ترامب لانتقادات طائلة من قبل وسائل الإعلام الأمريكية عقب آخر مناظرة رئاسية، حين رفض الاقرار بأنه سيعترف بنتيجة الانتخابات في حال خسارته، وقال حينها "سأترك الأمر لحينه.
. أريدها أن تكون مفاجأة". وفي حال خسارة ترامب الانتخابات بهامش طفيف، من المرجح أن تطالب حملته بإعادة تجميع الأصوات وقد يرقى الأمر لرفع دعوى قضائية، كما أن بعضا من أنصاره الأشد عنفا هددوا بإحداث اضطرابات حال حدوث ذلك.
ووجهت حملة كلينتون اتهامات حادة لموسكو عقب التسريبات التي نشرتها ويكيليكس من داخل حملتها الانتخابية، متهمة الاستخبارات الروسية بالوقوف خلف هذه التسريبات، وهو ما أكده لاحقا جيمس كليبر مدير الاستخبارات الوطنية، الذي حمل مسؤولين رفيعين في روسيا مسؤولية "تعمد التدخل في عملية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من خلال التفويض بالقرصنة على حواسب اللجنة الوطنية الديمقراطية".
وبلغ مدى اتهامات كليبر حدا كبيرا، حين اتهم شركة روسية معينة بالوقوف وراء محاولات القرصنة على أنظمة الكمبيوتر الانتخابية في عدة ولايات مختلفة.
وبدا واضحا تقبل وسائل الإعلام في الولايات المتحدة للاتهامات التي وجهتها إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما لموسكو، على الرغم من عدم ظهور دليل علني وفعلي على تلاعب روسيا بنتائج الانتخابات الأمريكية.
ومن المرجح أيضا اذا خسرت كلينتون الانتخابات الرئاسية أن تتحدى النتائج وتتهم روسيا بالتلاعب فيها، وهو ما سيكون مقبولا لدى كثير من الأمريكيين نظرا للبلبلة التي أثيرت حول هذه القضية في الشهور الأخيرة.
وتجدر الإشارة الى أن النظام الانتخابي في الولايات المتحدة يتسم بتعقيد فريد من نوعه، ربما يجهله الكثير من الناس خارج الولايات المتحدة وكثير من الأمريكيين أيضا، حيث لا يتم اختيار الرئيس الأمريكي عبر الاقتراع العام المباشر، ولكن يتم اختياره من قبل المجمع الانتخابي. ويقوم الأمريكيون في 50 ولاية باختيار الممثلين أو المندوبين الذين سيشكلون المجمعات (الكليات) الانتخابية التي تقوم بانتخاب الرئيس، والمرشح الذي يفوز بتصويت الغالبية في كل ولاية منفصلة يجري انتخابه من قبل جميع مندوبي الولاية، ويتحدد عدد مندوبي كل ولاية بناء على تعدادها السكاني. والمرشح الذي يفوز بالرئاسة هو الذي يحصل على 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي وعدد أصواتهم 538 صوتاً، وهي أصوات أعضاء الكونغرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) بالإضافة إلى ثلاثة مندوبين لمقاطعة كولومبيا التي تضم واشنطن العاصمة.
ويتجاهل هذا النظام الانتخابي التصويت الوطني الشعبي، حيث يمكن لمرشح ما أن يفوز بمزيد من الأصوات على المستوى الوطني لكن في الوقت ذاته لا يتم انتخابه، وهو ما حدث أربع مرات آخرها كان في عام 2000، حين فاز آنذاك "آل غور" بالتصويت العام لكنه خسر الانتخابات لصالح "جورج دبليو بوش".
وفي حال عدم اقتناع الناخبين بالتصويت لكلينتون، يوجد حل أخير لديها للتحايل على نتيجة الانتخابات، وهو يوم السادس من يناير قبل تنصيب الفائز رسميا، حيث يجتمع الكونجرس بمجلسيه للتصديق على نتيجة الانتخابات، وخلال هذا الاجتماع يمكن لعضو واحد من كل من مجلسي (النواب والشيوخ) تقديم احتجاج رسمي على نتيجة الانتخابات.
وعقب الاحتجاج، يجتمع المجلسان على نحو منفصل لتقييم الدعوى.. وفي حال موافقة الجهتين، يتم إبطال الأصوات الانتخابية.
وفي هذه الحالة، يفقد المرشحان الأصوات الانتخابية اللازم توفرها لتولي المنصب الرئاسي، ويتم اختيار الرئيس عن طريق تصويت مجلس النواب فقط.. ورغم أن غالبية مجلس النواب من الحزب الجمهوري التابع لترامب، إلا أن كثيرا منهم لا يدعمونه.
وواجهت الولايات المتحدة موقفا مشابها حين قام مجلس النواب باختيار الرئيس في عامي 1800 و 1824. ويرى المحللون أنه على الرغم من تضاؤل احتمالات لجوء كلينتون لمثل هذه الخيارات، إلا أن ما أفرزته الانتخابات الرئاسية لهذا العام حملت الكثير من المفاجآت التي لم يكن يتوقعها أحد سابقا، ومن المرجح أن تحمل المزيد منها.
أرسل تعليقك