كشف الخبير المُستقل في الأمم المتحدة المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان إريستيد نوننسي "الأربعاء" عن العديد من النواقص والشواغر فيما يتصل بملف الحقوق الأساسية والحريات في السودان رغم التقدم الذي حققته الحكومة في العديد من الجوانب، وقطع بأن الأوضاع الحالية في إقليم دارفور تستدعي بقاء بعثة "اليوناميد" لحماية النازحين في المعسكرات التي لا وجود للحكومة في أرجائها مؤكدًا وجود العديد من الإنتهاكات يتعرض لها النازحين من قتل واغتصاب للنساء وإستهداف علي أساس العرق والنوع مايستدعي بقاء البعثة حتي إستتباب الأمن بشكل كامل رغم التحسن الكبير والإستقرار الذي تشهده دارفور.
وأوضح الخبير المُستقل إريستيد نوننسي خلال مؤتمر صحافي بمقر الأمم المتحدة الإنمائي في الخرطوم "الأربعاء"، لخص فيه مخرجات زيارته للسودان التي إمتدت إلى "12" يومًا تنقل خلالها بين الخرطوم وولايات وشمال وغرب دارفور، إلتقي خلالها مجموعة واسعة من الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات الحكومية والوحدات الحكومية المتخصصة، والوكالات، وقادة المجتمع، والأكاديميين، وأعضاء المجتمع المدني، والطلاب، وأجهزة الأمم المتحدة، والهيئات الدبلوماسية في الخرطوم.
وأوضح نوننسي أنه بعد زيارته الأخيرة للبلاد في أبريل/نيسان 2016، كان السودان تحت عملية المراجعة الدورية الشامل لمجلس حقوق الإنسان في وكشف أن الحكومة من بين "244" توصية، وآفقت على "180" توصية ذات صلة رئيسية بالإصلاح الدستوري والقانوني، والمصادقة على المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتعزيز إقامة العدل.
وأعلن الخبير المُستقل ترحيبه بقرار الحكومة الخاص بتمديد وقف إطلاق النار في المناطق المتأثرة بالصراع في دارفور، وفي منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأشار إلى أن القرار وجد حفاوة واسعة من المجموعات المسلحة المعارضة، بالإضافة إلي قرار الحكومة الخاص باستئناف محادثات السلام مع عدد من المجموعات المسلحة المعارضة، وأكد على الإصلاحات التي إتخذتها الحكومة لضمان تحقيق المزيد من فصل السلطات بين وزارة العدل ومكتب النائب العام ووصف الخطوه بأنها الإصلاح تُعزز سيادة القانون والأداء الفعال للسلطة القضائية.
وأعرب الخبير المُستقل عن قلقه رغم التحسن الذي تحدث عنه حيال الإعتقالات والمُضايقات والإحتجازات التي تنفذها الحكومة وتستهدف بها ممثلي منظمات المجتمع المدني، من غير الحصول على التمثيل القانوني، أو السماح لهم بمقابلة عائلاتهم، وأشار إلي حالة الدكتور مضوي إبراهيم، وتسنيم طه، والسيد حافظ إدريس، من بين آخرين، وطالب الحكومة باحترام حقوق الحريات الأساسية المنصوص عليها في الدستور الوطني الانتقالي، والسماح للمواطنين بممارسة هذه الحريات ممارسة تامة، وحث الحكومة على الإفراج العاجل عن جميع أعضاء المجتمع المدني المعتقلين تعسفيًا، وأعلن أنه سيزور عقب المؤتمر الصحفي المعتقل د.مضوي بعدان سمحت له السلطات بمقابلته.
وكشف نوننسي أنه أبلغ المجلس الوطني بضرورة مراجعة التعديلات على الدستور ومجموعة من القوانين، من بينها قانون الأمن الوطني، والقانون الجنائي، وجعلها تتماشى مع معايير حقوق الإنسان الدولية، وقال " أود أن أحث المجلس الوطني على النظر بصورة شاملة، وإلغاء جميع الأحكام التي تتضمنها تلك القوانين و التي تتعارض مع حقوق الإنسان الدولية للمواطنين السودانيين".
ووصف الخبير المُستقل الأوضاع في دارفور بالمُستقرة من وآقع زيارته للإقليم الأسبوع الماضي، ولكنه نوه إلي مخاوف رئيسية أكد أنها لا تزال تؤثر على السلام والأمن والتعايش بين المجتمعات المحلية، تتمثل في قطع الطرق والنهب المسلح، والاعتداءات، وجرائم القتل، والاغتصاب، وعمليات الاختطاف التي يتعرض النازحون داخلياً، فضلاً عن الصراعات بين الجماعات السكانية المختلفة بسبب الأراضي الزراعية، والاعتداءات الجنسية، والاعتداءات على أساس النوع، مُشيراً إلي تنامي وتيرة القتل في نطاق العنف بين الجماعات السكانية المختلفة، وقال "إن القتل صار سمة أساسية للصراع الدائر في دارفور" وأرجع تفشي هذه الظواهر رغم مجهودات السلطات المحلية والإدارة الاهلية إلي الصراعات المتعلقة بالوصول إلى الأراضي والمياه وغيرها من الموارد، لم وحذر من إرتفاع المظاهر الإجرامية بسبب الإفلات الشامل من العقاب، وضعف سيادة القانون، وضعف المؤسسات القضائية.
وأوضح نوننسي إنه خلال زيارته لدارفور إلتقي عدد من المجتمعات المحلية بمنطقة " كونقفي" بولاية غرب دارفور، ونوه إلي أن المواطنين هناك لايزالون قلقون بشأن الأوضاع الأمنية في المنطقة فضلاً عن حاجتهم أيضاً لتوفير الخدمات الأساسية، من مياه، وتعليم، رعاية الصحية.
وكشف نوننسي عن زيارته لمعسكر "سورتني" وقال إن النازحين أبلغوه بحالة انعدام الأمن بسبب وجود عناصر مسلحة مختلفة، فضلاً عن أعمال إجرامية تتم داخل المعسكر وخارجه، من بينها العنف الجنسي والعنف على أساس النوع، أوضح أنه وفقاً للمعلومات التي تحصل عليها، فإن هذه الأحداث ترتكب بواسطة أفراد مسلحين عند خروج النساء من المعسكر للمشاركة في أنشطة كسب العيش، أو داخل المعسكر أثناء ساعات الليل، وأعلن عن إبلاغه بنحو تسع حالات اغتصاب ارتكبت رصدتها التقارير في معسكر سورتني للنازحين، في الفترة من 27 يناير حتى 18 فبراير 2017، مُشيراً إلي هناك العديد من حالات الاعتداء الجنسي لم ترصد، بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاغتصاب، والخوف من الانتقام، وعدم وجود مؤسسات تطبيق للقانون في سورتني بالشكل الذي يؤدي إلى التحقيق مع الجناة وملاحقتهم ملاحقة فعالة، وشدد علي أن هذه الأوضاع تستدعي بقاء بعثة "اليوناميد" لحماية النازحين، وطالب الحكومة بتحمل المسؤولية الأساسية في حماية المدنيين في أراضيها، بإجراء تحقيقات عاجلة لتقديم الجناة للعدالة.
وأحث الحكومة أيضاً للالتزام بدعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في تعزيز التعاون مع اليوناميد في جهودها المبذولة لحماية المدنيين في دارفور، وأعرب الخبير عن قلقه من عدم إصدار تأشيرات العمل لموظفي حقوق الإنسان التابعين لليوناميد، وقال إن هذا من شأنه أن يؤثر على مقدرة البعثة في تنفيذ ولايتها على حقوق الإنسان، وبالتالي يؤثر على مطالبة السلطات السودانية باتخاذ التدابير التصحيحية اللازمة، لضمان استمرار ولاية حقوق الإنسان في دارفور.
وشدد علي أنه لا يمكن أن تتحقق ولاية البعثة في السودان، ولا حتى دورها في عملية السلام في دارفور، إلا من خلال زيادة التركيز على نشر حقوق الإنسان، ودعا الحكومة للسعي للحصول على العون الفني و المساعدات من الشركاء الدوليين و الإقليميين المعنيين خاصة هيئات الأمم المتحدة و المانحين الثنائيين لدعم و تقوية المؤسسات الوطنية، وأعلن زيارته المقبله للسودان منتصف مايو/أيار من العام الحالي للوقف علي النقائص ومُتابعة تنفيذ ما تعهدت به الحكومة وقال إن زيارته المقبلة ستشمل المنطقتين.
أرسل تعليقك