تونس - حياة الغانمي
دعا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد العميد شوقي الطبيب، في كلمة مسجلة نشرت على صفحة الهيئة، أعضاء مجلس النواب إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية والطعن في القانون الأساسي المتعلق، بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد الذي وقع التصويت عليه بغالبية النواب الحاضرين في جلسة 19 يوليو/تموز الجاري. وأكد في كلمته أنه "أما تبديل الدستور.. أو القانون".
وشدد على أن كل مكونات الهيئة كانت تحلم بهيئة دستورية حقيقية، وتساهم بصفة فعلية في مكافحة الفساد والحد منه ولكن البعض مازال يصر على حد تعبيره، على منع الحلم وعلى تأبيد كوابيس الفساد والمفسدين.
والرفض جاء من منطلق حقوقي ووطني، يقول رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ومن باب تجربة جعلته يتمكن من معرفة مواطن الخلل ومواطن القوة التي يمكن تثمينها، وأن تم ذلك فان الهيئة الدستورية المقبلة، التي ستتسلم المشعل ستتمكن من العمل والمساهمة بصفة فعلية في الحرب على الفساد التي هي مسؤولية الجميع. وجاء أيضا من منطلق قانوني باعتبار أن القانون الذي وقع التصويت عليه في مجلس النواب غير دستوري ومخالف للاتفاقيات والمعاهدات الدولية. ويكرس لهيئة منزوعة الصلاحيات ولا يمكنها من القيام بواجبها على أكمل وجه، وفيه تراجع حتى على ما جاء في المرسوم المنظم للهيئة الحالية.
اذ يتعارض القانون بشكل واضح مع ما ورد في نص الفصل 130 من الدستور الذي ينص على هيئة دستورية في مكافحة الفساد، تساهم كبقية الهيئات الدستورية في دعم الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة. ويعطي الفصل بكل وضوح للهيئة صلاحيات رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص، والتقصي والتحقيق فيها ثم احالتها على الجهات المعنية أساسا القضاء أو السلط الإدارية مثل رئاسة الحكومة وغيرها.
ونفس الدستور عرف الهيئة أيضا على أنها تتكون من أعضاء محايدين ومستقلين من ذوي الكفاءة والنزاهة على غرار بقية الهيئات الأخرى، وهم مجموعة من الشخصيات الذين يتم انتخابهم من مجلس نواب الشعب، ولكن بالمصادقة على قانون الهيئة الجديد منح غالبية النواب المصوتين هذه الصلاحيات لأعوان جهاز التقصي او ما يسمى بجهاز مكافحة الفساد، المتكون من مجموعة من الموظفين الذين يتم انتدابهم من طرف مجلس الهيئة، والذين سيكونون تحت الإشراف الإداري للهيئة أو لمجلسها لكن في ما يتعلق بهذه الصلاحيات، والتي هي أساسا الرصد و التحق و جمع المعلومات وإلى غير ذلك من تلقي الشهادات و التفتيش فانهم سيكونون فيها تحت اشراف النيابة العمومية، بحكم ان القانون الجديد عرفهم على أساس انهم مأموري الضابطة العدلية.
وأكد العميد شوقي الطبيب خلال كلمته أيضا أن قانون هيئة الحوكمة الرشيدة و مكافحة الفساد في صيغته الحالية، سيشكل عمليا عائقا امام نجاعة الهيئة و سرعة التحرك و الرد و تجميع المعلومات و البحث في ما يتعلق بجرائم الفساد التي تعتبر جرائم معقدة و مركبة، و عادة ما يكون مرتكبها ممن يتمتع بالسلطة و القدرة و الموارد التي تفوق في أحيان كثيرة موارد الدولة، والجريمة الاستثنائية تتطلب إجراءات استثنائية.
وأشار رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد خلال كلمته المسجلة أيضا إلى ما اسماه بحملة ممنهجة شنتها صحف صفراء، وطالت حتى أعمدة صحف محترمة بمقالات حملت الكثير من سوء النية والافتراءات والمغالطات. ومن بين هذه المغالطات التي تم تداولها بشكل مكثف هي مسالة "التغول" على الدولة وسلب صلاحيات القضاء وذلك بالاتفاق مع كتل نافذة تعمل على منح الهيئة حسب مزاعم المشاركين في الحملة سلطة إيقاف الناس والزج بهم في السجون وسلب أموالهم ومصادرة املاكهم، بما في ذلك من خرق للدستور وللقوانين المنظمة للحياة السياسية والقانونية.
وشدد العميد شوقي الطبيب في هذا السياق خلال كلمته، أن الهيئة لم تطالب البتة بان تكون لها سلطات القضاء.. التي من أهمها اصدار الإحكام وهو ما سيبقى دائما من صلاحيات القضاء، وكذلك ستبقى كل التدابير التي في علاقة بالحقوق والحريات، من ذلك الايقافات وتحجير السفر وتجميد الأموال وغيرها. وأكد انه لم يطالب ولم يعبر ابدا عن نيته الترشح للهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وقد صرح بهذا عديد المرات في مناسبات واطر مختلفة لأنه كان يستشعر على حد تعبيره هذا الخطر والتهديد، واعتبر انه لتكون لديه المصداقية والاريحية التامة في الدفاع عن الهيئة الدستورية المقبلة، وعلى مجلسها ورئيسها فانه لزاما عليه التأكيد على عدم ترشحه.
أرسل تعليقك