بغداد-نجلاء الطائي
سلطّ تحقيق أجرته بريطاني في المناطق العراقية المحررة من قبضة "داعش" الضوء على كيفية حصول عناصره هناك على أسلحة من دول أخرى، وكشف تقرير عن نتائج التحقيقات التي أجراها فريق المحققين برئاسة جيمس بيفان، ممثل المجموعة، في مواقع تم طرد مسلحي "داعش" منها في محافظة نينوى، جراء مواصلة القوات العراقية، مدعومة من البيشمركة والحشد العشائري والحشد الشعبي، وبمساندة من التحالف الدولي، أثناء تقدمها نحو الموصل.
ونقل التقرير عن بيفان قوله: "حتى اليوم، كان المجتمع الدولي مكفوفًا إزاء وصول الأسلحة إلى منطقة القتال"، مضيفًا أن هدف الفريق كان يكمن "في الكشف عن كيفية وقوع هذه الأسلحة في أيد آثمة"، وجرى التحقيق في بلدة قرقوش المحررة قبل أيام من براثن "داعش"، وعثر المحققون في أحد المنازل المهجورة على علبة ذخائر خالية، وهذا الأمر يمكن اعتباره نجاحًا كبيرًا لأنه تطبع عادة على العلبة علامات تتيح الكشف عن الدولة المنتجة لها، إلى ذلك، تمكن الفريق من العثور في الكنيسة المحلية على أجزاء من الصواريخ وكميات من المواد المتفجرة وورقة تتضمن طريقة تصنيع قنبلة يدوية.
وتُشير المعلومات التي جمعها المحققون إلى أن مسلحي "داعش" كانوا يستلمون من دول أجنبية، بالدرجة الأولى من تركيا، كميات كبيرة من المواد التي يستخدمونها في صناعة الأسلحة يدويًا، وعلى سبيل المثال، عثر الفريق في محيط الكنيسة على أكياس تحتوي على مواد كيمياوية لا يمكن اقتناؤها إلا في السوق الداخلية التركية، وأكد بيفان أن شبكة مشتريات "داعش" تنتشر حتى جنوب تركيا، مرجحًا وجود صلات قوية بين المتطرفين وموردين محليين.
وأوضح ممثل المجموعة أنه في بعض الأحوال تبين أن ما بين 3-5 آلاف كيس وقعت في أيدي "دواعش"، كدفعة واحدة، وهو ما تشير إليه العلامات الموضوعة عليها، وذلك يعني أن طرفًا ما اشترى مرة واحدة حوالي نصف كميات المواد الكيمياوية المصنوعة في المعمل، وبعد تحليل المعلومات المتوفرة استخلصت المجموعة الاستنتاج القائل أنه في المراحل الأولى من الحرب على داعش حصل مسلحوه في الميدان على معظم كميات الأسلحة التي وقعت في براثنهم، جراء تحقيقهم سلسلة انتصارات على القوات الحكومية في سورية والعراق، ولكن منذ أواخر عام 2015 حصل "داعش"، مع بداية تراجعه، على مصدر إضافي للتسليح.
وتُشير علامات موضوعة على علبة الذخائر التي عثر عليها المحققون أنها كانت مصنوعة في أوروبا الشرقية، وكشفت الدول المصنعة لها، ردًا على استفسار من المجموعة، عن أنها باعت هذه الذخائر على نحو مشروع إلى الولايات المتحدة والسعودية، لتسلم لاحقًا عبر تركيا إلى فصائل المعارضة السورية المجابهة للحكومة شمال البلاد، ولكن هذه الأسلحة استخدمت في نهاية المطاف ضد القوات الحكومية في كل من تكريت والرمادي والفلوجة والموصل في العراق.
وشددّت المجموعة على استغرابها من قصر الفترة التي وقعت خلالها الأسلحة في أيدي "دواعش" منذ خروجها من المصانع شمال أوروبا، إذ لم تتجاوز المدة أحيانًا شهرين فقط، وقال بيفان تعليقًا على نتائج تقرير مجموعته: "إذا سلمت أسلحة ومعدات عسكرية، إلى أطراف غير حكومية في أزمة داخلية معقدة للغاية، فإن مخاطر وقوع هذه المعدات في أيد آثمة هائلة".
أرسل تعليقك