دعت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، الحكومة العراقية إلى فتح تحقيق فوري مستقل وشفاف بشأن ملابسات استعمال القوات الأمنية القوة ضد المتظاهرين، في حين أعربت منظمة العفو الدولية عن "قلقها" من استعمال القوة بنحو "متهور" ضد المتظاهرين، مطالبة إحالة المتورطين للقضاء لمحاسبته في محكمة "عادلة".
وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، خلال مؤتمر صحفي، عقده في جنيف، اليوم، إن "الحكومة العراقية ينبغي أن تفتح تحقيقاً فورياً مستقلاً وشفافاً بشأن ملابسات استعمال القوات الأمنية القوة ضد المتظاهرين ", وأعربت منظمة العفو الدولية، في بيان لها اليوم، عن "قلقها من قيام القوات الأمنية العراقية باستعمال القوة بنحو متهور ضد المتظاهرين"، مؤكدة على ضرورة "إحالة أي شخص يشتبه بسوء استعماله القوة وممارستها بنحو متهور ضد المحتجين، إلى القضاء لمحاسبته في محكمة عادلة".
وأكدت اللجنة التنسيقية لحركة الاحتجاج، اليوم الثلاثاء، في بيان لها خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته في مقر مجلس السلم والتضامن، في ساحة الاندلس، وسط بغداد، إن " ما تعرض له المتظاهرون السلميون الجمعة الماضي، من إرهاب الدولة استخدمت فيه القوة المفرطة وأوقعت العديد من الشهداء والمئات من الإصابات التي لحقت بمتظاهرين سلميين عزّل، إلّا ان الماكنة الإعلامية الحكومية وبالتعاون من الأحزاب المتنفذة والمتضررة من تظاهرات الإصلاح، حاولت قلب الحقائق وتشويهها"، مبينة أن "حبل الكذب قصير في زمن التواصل الاجتماعي وتعدد وسائل التوثيق والاتصال التي غابت عن تفكير أحزاب الفساد والمحاصصة".
وأضافت, "إطلاع الرأي العام العراقي وانطلاقاً من الصدق الذي جعلناه نهجاً في حراكنا نبين أمامكم حقيقة ما جرى في تظاهرات يوم الجمعة الماضي، حيث احتشد الآلاف من المتظاهرين السلميين لتجديد المطالب في الإصلاح ومحاسبة والمفسدين والضغط على الحكومة التنفيذية في توفير الأمن والأمان عقب التفجيرات التي ضربت مناطق عدة من بغداد، وأوقعت العشرات من الشهداء والجرحى، ووضع الحكومة أمام مسؤولياتها الحقيقية بمعالجة الخروق الأمنية"، مشيرة إلى أن "المتظاهرين السلميين تمكنوا من عبور جسر الجمهورية بسلمية قل نظريها وكان التجاوب مع الحاجز الأمني الموجود على الجسر بكل احترام وتقدير للعناصر الأمنية، لكن النوايا السيئة كانت مبيتة من قبل الحكومة ومن يساندها، فعند وصول طلائع المتظاهرين أمام بوابة التشريع حتى قامت القوات الأمنية بتوجيه القنابل الصوتية وإطلاق الغاز المسيل للدموع في مشهد استفزازي يكشف السوء الذي يختمر في نفوس المسؤولين الحكوميين الذي أمروا الجنود باستعمال القوة ضد اخوانهم ابناء الشعب العراقي".
وذكرت اللجنة، أن "المتظاهرين حاولوا عبر النداءات وبأصواتهم العالية الطلب من العناصر الأمنية الكف عن اطلاق القنابل المسيلة للدموع إلَّا أنَّ الرد كان أقسى وأقوى حيث وجه رجال الأمن الرصاص المطاطي والحي نحو متظاهرين سلميين عزّل، الأمر الذي أسهم في اندفاع المتظاهرين الغاضبين من هذا الفعل المشين إلى الدخول إلى المنطقة الخضراء ولوقت محدود لا يتجاوز النصف ساعة"، مؤكدة أنه "لم يكن مخططاً الدخول للمنطقة الخضراء لولا ما أقدمت عليه القوات الأمنية من جريمة في حق عراقيين استخدموا حقهم الدستوري بالتظاهر السلمي".
ونفت "صحة ما تداوله إعلام السلطة والأحزاب المتنفذة من وجود سلاح بين أيدي المتظاهرين"، عادة ذلك "الإدعاء كذباً وتشويهاً للحقائق وتهرباً من المسؤولية القانونية والأخلاقية نتيجة الفعل الإجرامي في قتل المتظاهرين وجرح المئات منهم", وأوضحت أن "المتظاهرين فتشوا من قبل العناصر الأمنية قبل وصولهم إلى ساحة التحرير عدة مرات"، لافتة إلى ان من "سقط من القوات الأمنية نتيجة إصابات مختلفة هو ما أصاب المتظاهرين نفسه حيث أن جميع تلك الإصابات جاءت نتيجة الرصاص العشوائي وقنابل الغاز التي اطلقتها القوات الأمنية وهذا يعني أن من أصيب من رجال الأمن قد أصيب بنيران صديقة، وهذا مثبت وموثق لدينا عبر تسجيلات فيديو عرضتها مواقع التواصل الاجتماعي".
وحملت اللجنة التنسيقية لحركة الاحتجاج "رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نتائج ما حصل من إصابات ووقوع قتلى وجرحى"، مطالبة بـ"اعتبار المتظاهرين الذين قتلوا على يد القوات الأمنية شهداء للوطن والديمقراطية، وتعويض عوائلهم بما تعوض به عوائل شهداء العراق".
وشددت على ضرورة "إطلاق سراح من تم اعتقاله من المتظاهرين والنشطاء، والالتفات إلى أن هؤلاء المعتقلين كانوا يمارسون حقهم الدستوري الذي كفل حق التظاهر".
وطالبت اللجنة التنسيقية لحركة الاحتجاج أيضاً "إحقاق الحق ونشر العدالة من خلال تقديم المسؤولين عن ارتكاب جريمة قتل وجرح المتظاهرين السلميين إلى العدالة ليقول القضاء حكمه فيهم".
واختتمت اللجنة التنسيقية لحركة الاحتجاج بيانها قائلة أن "المتنفذين ينبغي أن يعلموا كل إجراءاتهم القمعية لن تثنينا عن المطالبة بالإصلاحات وتقديم الفاسدين إلى القضاء واستعادة الأموال المنهوبة، ولن نخضع لأساليب الممطالة والتسويف التي انتهجتها القوى المتنفذة ورضخ إليها رئيس مجلس الوزراء واستجاب لمطامعهم برغم الدعم الكبير الذي قدمه الحراك الجماهيري له وإسناده في الضغط على القوى المتنفذة إلا انه ضيّع الفرصة تلو الأخرى ليصطف أخيراً مع القوى المتحاصصة في موقف مخيّب للآمال".
واقتحم الآلاف من المتظاهرين لاسيما من أتباع التيار الصدري، الجمعة،(العشرين من أيار/مايو 2016 الحالي)، المنطقة الخضراء، ومقر رئاسة الوزراء، ما أدى إلى تصدي القوات الأمنية لهم بالماء الساخن والقنابل المسيلة للدموع، ومن ثم الرصاص المطاطي والحي، ومقتل ما لا يقل عن اثنين منهم وإصابة المئات، في تطور خطير يؤشر مدى تفاقم الأمور والنقمة الشعبية من جراء "العقم السياسي" وعدم تحسن الخدمات ومحاسبة الفاسدين وتنفيذ إصلاحات حقيقية، لاسيما أن الكثير من المحافظات تشهد تظاهرات متواصلة منذ (الـ31 من تموز/يوليو 2015)، من دون تطور يذكر.
أرسل تعليقك