بيروت ـ جورج شاهين
ناشد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في العظة التي ألقاها في قداس أحد الشعانين في بكركي،"الشعب اللبناني والمخلصين للبنان والمسؤولين السياسيين جميعهم، في الظرف الحرج الذي يعيشه لبنان وخصوصا بعد تقديم رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي استقالته والأوضاع الداخلية والإقليمية المتوترة، تقدير خطورة الوضع والجلوس إلى طاولة الحوار بروح المسؤولية والضمير الوطني من أجل تشكيل حكومة قادرة يرتاح إليها المواطنون، تعمل بجدية على إقرار قانون جديد للانتخاب، وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري حماية للديموقراطية وتداول السلطة اللذين يميزان لبنان، حكومة تضبط الأمن في الداخل وعلى الحدود وبالأخص مع سورية، وتدفع بالاقتصاد الوطني إلى الأمام، حكومة تعزز الميثاق الوطني ولا سيما لجهة حماية لبنان من أن يكون مقرا أو ممرا للسلاح إلى أي بلد".
ودعا الكاردينال الراعي "إخواننا في طرابلس إلى إيقاف الاقتتال والتفاهم والاحترام المتبادل، بعيدا عن تداعيات الأحداث الجارية في سورية والتي نرجو لها مخرجا آمنا بالحوار والتفاوض رحمة بالمواطنين الأبرياء".
وقال الراعي "نحتفل بعيد الشعانين، وهو عيد ملوكيّة الربّ يسوع، وعيد مشاركتِنا في ملوكيّته التي نِلْنَاها بالمعموديةِ والميرون. وهو أيضاً عيدُ الأطفال والشباب الذين ما زالوا يعلنون ملوكيةَ المسيح، كما فعل شبابُ أورشليم وأطفالُها يوم دخولِ يسوع إليها. فصاحوا بهتافٍ عفويٍّ نبويّ: "هوشعنا! مبارك الآتي باسم الربّ، ملكنُا.
وأضاف "يسعدنا أن يشارك معنا في هذا الاحتفال نيافة الكردينال Peter Turkson، رئيس أساقفة المجلس الحبري "عدالة وسلام" الذي يشارك في "مؤتمر بيروت: اقتصاد لخدمة الإنسان"، الذي ينظّمه ويدعو إليه كلٌّ من الاتّحاد العالمي لأرباب العمل المسيحيين والملتقى الإسلامي المسيحي لرجال الأعمال في لبنان، ندعو لنيافة الكردينال Turkson طيب الإقامة والمشاركة، وللمؤتمر النجاح وبلوغ أهدافه القيّمة على المستوى الاقتصادي. كما نرحّب بالسفير البابوي المطران Gabriele Caccia الذي يشاركنا في الاحتفال بالعيد".
وفي مُستهلّ هذا الاحتفال، نرفع صلاة الشكر لله على استجابته لصلاتنا ولصلاة الكنيسة، وعلى إرساله راعياً جديداً للكنيسة الجامعة، هو قداسة البابا فرنسيس، فإنّنا نعرب معكم عن تهانينا لقداسته، ونصلّي من أجله لكي يعضده الله بنعمه وبأنوار روحه القدوس في قيادة الكنيسة، عبر الظروف العالمية الصعبة. إنَّ أَجَلَّ تهنئةٍ نقدّمها له هي التزامنا بما دعانا إليه في كلماته الأولى: السير معاً، والالتزام ببناء الكنيسة، وإعلان سرّ المسيح المصلوب والقائم من الموت، وجعله محورَ حياتنا وأعمالنا. وباتّخاذه اسم فرنسيس، أراد أن يكون سعيه وسعي كلّ مسيحي ومسيحية العمل من أجل السلام، والأخوّة الشاملة والاعتناء بالفقراء، والاتصاف بالتواضع وروح التجرّد وبساطة العيش.
وقال الراعي إن الكنيسة تحترم الدولة وأنظمتها وبرامجها السياسية، فإنها لا تتدخّل في شؤونها، غير أنها تنظر إلى نتائج هذه الأنظمة والبرامج من الناحية الدينية والخلقية، فتعرب عن استيائها عندما تُنتهك حرمة الإنسان والقواعد الدينية والخلقية، وتتّخذ موقف الاعتراض والدفاع. فمن واجب الدولة، أياً كان لونها ونظامها، أن تستلهم القيم الروحيّة والأخلاقيّة في أداء واجبها وممارسة سلطتها. ولذلك يبقى من حقِّ الكنيسة أن تحكم في صلاح الأفعال البشرية وشرّها من حيث تقييم هذه الأفعال في ضوء الشريعة الإلهية والأخلاقية. إنّها تعطي "حكمها الأدبي" في جميع الشؤون، بما فيها الشأن الزمني، عندما تقتضي ذلك حقوق الشخص البشري الأساسية وخلاص النفوس. فلا يحقّ لها أن تصمت عن المظالم، بل عليها أن تتسلّح بالجرأة، وتعطي صوتاً لمن لا صوت له. ولا يستطيع أحد أن يوقفها عن ذلك.
وعلى الكنيسة أن توجّه الضمائر وتنيرها بالمبادئ الروحية والأخلاقية والإنسانية، من دون أن تحكم في فائدة هذه السياسة أو غيرها، بحيث يتصرّف العلمانيّون في الشؤون الزمنيّة على ضوء ضميرهم المستنير، إنها ترضى بكلِّ أداء ونظام يضمن للإنسان حقوقه وخيره واستقراره وكرامته، من دون أن تعتنق أيّ نظام سياسي خاصّ، أو تتلوّن بهذا أو ذاك من الألوان السياسيّة (شرعة العمل السياسي، ص 12-17).
أرسل تعليقك