القاهرة ـ محمد الدوي
أعربت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في مصر عن عميق قلقها إزاء ترحيل عشرين من المواطنين السوريين من مصر، الأربعاء والخميس، وبواقع قُرابة عشرة أشخاص لكل يوم، وذلك على صلة بانتهاء إذن الإقامة أو منع تجديده أو عدم الحصول عليه، فيما ناشدت السلطات المصرية تجميدَ أيّ إجراءات مشابهة مستقبلاً صونًا لحرياتهم.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن "من شأن هذا الإجراء الذي يمكن أن يكون اعتياديًا خلال الأيام المقبلة أن يضر على نحو كبير بأوضاع السوريين في مصر، ففي حال الإصرار على ترحيل هؤلاء السوريين إلى خارج مصر من دون ترتيب استقبال بلد ثالث لهم، فسيكون عليهم العودة إلى بلدهم سورية، وبالتالي تهديد سلامة وحرية الكثير منهم، سواء على نحو مباشر من خلال الملاحقة والاضطهاد من قبل الحكومة، أو على نحو غير مباشر خلال عمليات الهجمات العشوائية للقوات الحكومية على المدن والمناطق المأهولة، أو نتيجة انتهاكات بعض الجماعات المسلحة".
وانتبهت المنظمة مبكرًا إلى مخاطر استقطاب بعض السوريين لصالح أطراف سياسية في مصر بعد ما عُرف بمؤتمر "نصرة سورية" في منتصف حزيران/ يونيو الماضي.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته المنظمة لإعلان تقريرها السنوي 2013 (حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي) في يوم 26 حزيران/ يونيو الماضي، حَذّرَت المنظمة على لسان عضو مجلس أمنائها المهندس راسم الأتاسي من انخراط السوريين في أيّ أنشطة سياسية تتعلق بالشأن المصري، داعية الأطراف السياسية المصرية لتجنيب السوريين الشؤون الداخلية في مصر.
وتابعت المنظمة "أن انخراط نفر قليل من المواطنين السوريين في الصراع السياسي في مصر خلال الشهرين الأخيرين، والقبض على أحد الأفراد الذين شاركوا في جرائم عنف في حق معارضي الرئيس "السابق" الدكتور محمد مرسي وضع السوريين في دائرة الضوء، وجرى القبض على العشرات منهم بشبهات متنوّعة، كما غذّت بعض وسائل الإعلام غير المسؤولة خطاب كراهية وتحريض ضدّهم، على نحو أضرّ بالروح الطيبة والخاصة التي سادت علاقة الشعبين تاريخيًا".
ونظرت المنظمة بقلق بالغ إلى "قيام السلطات المصرية بفرض استصدار تأشيرة لدخول السوريين للأراضي المصرية، ولكن شهدت الأمور ارتياحًا نسبيًا في أعقاب تعهد وزير الخارجية المصري بأن هذه الإجراءات موقّتة وسيتم التخلي عنها في أقرب وقت، بعد قراره بإعفاء السوريين من الرسوم المالية للتأشيرات".
ورأت المنظمة أن "ترحيل المواطنين السوريين من مصر يشكل مؤشّرًا سلبيًا خطيرًا، وقد يؤدي للإضرار بسلامة وحرية المُرحَّلين، خاصة في حال اضطرارهم للعودة لبلدانهم، وتدعو السلطات المصرية إلى التوقف عن أيّة إجراءات ترحيل من دون تفاهم مسبق مع مُفوّضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين".
وأكّدت المنظمة أنه "يبقى من حق السلطات القضائية في أي بلد أن يعاقب كلّ، من ارتكب جريمة في نطاق اختصاص سلطته القضائية في إطار منع الجناة من الإفلات من العقاب، ووفق منظومة الضمانات القانونية للحقوق، غير أن ارتكاب أحد السوريين لجريمة ما على الأراضي المصرية لا يجب أن يُعرّض غيره من السوريين غير المنخرطين لأيّ ملاحقة أو اضطهاد - قضائي أو غير قضائي".
وناشدت المنظمة وسائل الإعلام كافّة "العمل على درء العديد من المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها السوريون في مصر، في سياق الاحتقان السياسي السائد".
ونزح أكثر من 200 ألف مواطن سوري إلى مصر خلال العامين الأخيرين هربًا من القمع والاضطهاد وتداعيات النزاع المسلح في سورية، ويسعى مئات الآلاف من المواطنين السوريين داخل سورية وفي مناطق اللجوء خارجها للوصول إلى مصر باعتبارها البلد الأقرب لهم وجدانيًا.
وحصل السوريون الفارّون إلى مصر على رعاية تعليمية وصحية متساوية مع المصريين.
أرسل تعليقك