بغداد ـ جعفر النصراوي
اختتم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، صباح الأحد، زيارته الرسمية إلى الهند، والتي استغرقت أربعة أيام، وتوجه عائدًا إلى العاصمة بغداد.
وقد بدأ المالكي، الخميس، زيارته الرسمية إلى الهند، بدعوة من رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، وأجرى سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين في الهند، بينهم رئيس الجمهورية براناب موخيرجي، كما ترأس وفد العراق في مباحثات رسمية مع وفد هندي برئاسة نظيره سينغ، حيث جرى التوقيع على عدد من الاتفاقات للتعاون بين البلدين، فيما قام رئيس الحكومة العراقي بزيارة مدينة أكرا في ولاية أوتار برادش، حيث شاهد ضريح تاج محل، أحد عجائب الدنيا السبع، ثم توجه إلى مومباي العاصمة الاقتصادية للهند.
وصدر في بغداد ونيودلهي، بيان رسمي مشترك عن زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الهند، أعلن فيه البلدان توصلهما إلى اتفاق واسع بشأن القضايا الثنائية والإقليمية المتعددة الأطراف وذات الاهتمام المشترك، فيما استعر ض البيان الذي تلقى "العرب اليوم" نسخه منه، ما تحقق في المباحثات الرسمية التي جرت بين المالكي والوفد المرافق له من كبار المسؤولين العراقيين مع رئيس وزراء الهند وكبار المسؤولين بمن فيهم رئيس الجمهورية، والاتفاقات التي تم التوصل إليها في مجالات التعاون المشترك وتطوير العلاقات الثنائية، وتبادل الزيارات الرفيعة المستوى، وفي مكافحة الإرهاب، ومجالات الطاقة والنفط والنقل والإسكان والصحة والتعليم والموارد المائية، إلى جانب مناقشة قضايا دولية أبرزها الوضع في سورية وأفغانستان.
ففي مجال قطاع الطاقة، أعرب الطرفان عن ارتياحهما للنمو السريع للتجارة الثنائية في قطاع النفط والطاقة، حيث أصبح العراق ثاني أكبر مورد للنفط الخام إلى الهند، واتفق الجانبان على التركيز على تعزيز التعاون في مجال الطاقة من خلال الجهود المشتركة لتطوير القدرات، لتعظيم الاستفادة من موارد الطاقة، من خلال تشجيع المشاركة المشتركة في التنقيب عن النفط والمجمعات البتروكيمياوية ومصانع الأسمدة، وأعربا عن سعادتهما لتوقيع مذكرة تفاهم في قطاع الطاقة لزيادة تعميق التعاون القائم.
وبشأن تفعيل التفاوض للعقد الخاص في الرقعة الاستكشافية رقم 8، أشار الجانبان بارتياح إلى أن شركة "OVL" ودائرة العقود والتراخيص البترولية في وزارة النفط، ستبدأ المفاوضات بشأن الرقعة الاستكشافية، ومن المتوقع أن يتم التوصل إلى نتائج بشأنهما، حيث أن العقد المنقح سيحتوي على أجر الربحية (الدولار / برميل مكافأ)، بما يتوافق مع نتائج النموذج الاقتصادي الخاص في الشركة.
وعن مجموعة حقول الفرات الأوسط، رحب الجانب الهندي بالعرض الذي قدمه نظيره العراقي، والذي قدم خلال الاجتماع الأخير للجنة المشتركة الخاص بتطوير حقول الفرات الأوسط غير المطورة، وهي الكفل والكفل الغربي ومرجان على أساس الترشيح لشركات النفط في القطاع العام الهندي، وافق الجانب الهندي على دراسة وتقديم اقتراح إلى دائرة العقود والتراخيص البترولية بالمفاوضات.
كما اقترح الجانب الهندي، اتفاق طويل الأمد لتوريد النفط الخام، أمده 10 سنوات، لتلبيته حاجات النفط الخام المتزايدة للمصافي الجديدة، وقد أكد الجانب العراقي على تلبية حاجات الهند، وطلب الجانب الهندي شرطًا أفضل مثل إلغاء متطلبات الاعتماد المسندي ( LC ) لتسديد مستحقات النفط الخام وزيادة فترة السماح المجانية من 30 إلى 60 يومًا، وقد وافق الجانب العراقي على النظر في ذلك بعد استحصال موافقات الجهات الحكومية المختصة.
وفي ما يتعلق بمشروع الناصرية المتكامل، شكر الجانب الهندي نظيره العراقي على عملية التأهيل المبدئي للشركات الهندية مثل "ONGC فيديش" المحدودة، و" MRPL" وشركة "ريلاينس" للمشاركة في جولة تراخيص مشروع الناصرية، وعلى أخذ الشركات الهندية بنظر الاعتبار، وبناءً على طلب من الجانب الهندي، وافق الوفد العراقي على النظر في التأهيل المسبق لمؤسسة النفط الهندية المحدودة "أويل كوربوريشن"، ليميتد إلى مشروع الصناعات التحويلية (ما بعد الاستخراج) .
وبشأن مجال صناعة الأسمدة، وافق الجانبان على العمل بنشاط على استكشاف إمكانات إنشاء مصنع اليوريا، ووحدات الأسمدة الفوسفاتية من خلال الاستفادة من موارد الغاز الطبيعي من العراق كمشاريع مشتركة في منطقة القائم التابعة لمحافظة الأنبار في العراق، فيما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في قطاع الصلب، بما في ذلك من خلال مشاريع مشتركة لإقامة مصنع للصلب في العراق أو الهند، لإنتاج أنابيب الصلب لغرض نقل النفط في العراق ، ودعا الجانب الهندي العراق إلى الاستثمار في مشروع "راستريا اسبات نيجام ليميتد للصلب" المستقبلي.
وبشأن قطاع السكك الحديدية، رحب الجانب العراقي بإبداء شركة "IRCON" اهتمامها بتنفيذ مشاريع سكك حديد متكاملة "تسليم المفتاح" في العراق، بما في ذلك الأعمال المدنية والمسارات، و الكهربة، والإشارات (اللافتات) وإقامة ورش عمل ووحدات الإنتاج للدعامات المتدحرجة و إمداداتها.
وفي قطاع الإسكان منخفض الكلفة في العراق، اتفق الجانبان على استكشاف إمكانات إشراك شركات القطاع العام والخاص الهندية ذات السمعة الطيبة في قطاع الإسكان منخفض الكلفة، فيما أعلن الجانبان بشأن قطاع الزراعة، الاتفاق على التعاون في أنشطة التعليم الزراعي، والنشاطات البحثية من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم تشكل الإطار المؤسسي من أجل المنفعة المتبادلة .
وبشأن قطاع إدارة الموارد المائية، أعرب نيودلهي وبغداد عن ارتياحهما للاختتام الناجح لمذكرة تفاهم بشأن إدارة الموارد المائية لتعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال الحيوي بالنسبة للعراق، والتي نصت على التعاون وتبادل التجارب والخبرات بين الجانبين، وفي القطاع الصحي والنظر بعين الاعتبار العدد المتزايد من المواطنين العراقيين الذين يزورون الهند للعلاج، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في هذا المجال، بما في ذلك تبادل الملاكات الطبية والصحية والتمريضية والتدريب والمشاركة في المؤتمرات في كلا البلدين والتعاون في مجال الصيدلة.
وفي قطاع التعليم، وادراكًا بأن أعداد الطلبة العراقيين الذين يدرسون في الهند قد ازداد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث يوجد أكثر من 10 ألاف طالب يدرسون حاليًا في الهند، اتفق الجانبان على تحديد قطاع التعليم ليكون المجال الرئيس للمصلحة المتبادلة ولزيادة التعاون، وستعمل السلطات المعنية على إيجاد الطرائق اللازمة في هذا الصدد.
وبشأن أنشطة إعادة الإعمار في العراق، جدد رئيس وزراء الهند الدكتور مانموهان سينغ التزام بلاده بالمشاركة البناءة في هذه العملية، من خلال إشراك الشركات الهندية في مشاريع البنية التحتية، فيما دان سينغ والمالكي ظاهرة الإرهاب والتطرف، وأكدا أنها تهدد كل المجتمعات، وأنها ليست مرتبطة بأي عرق أو لون أو معتقد، لذلك يتوجب على المجتمع الدولي مكافحة الإرهاب بحزم، واتفقا على مواصلة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، فيما أشارا إلى أن "التسامح والانسجام الديني والإخاء، بغض النظر عن العقيدة أو الخلفية العرقية، كانت ولا تزال جزءًا من المبادئ والروح والقيم للبلدين، وجددت الهند التزامها بدعم عراق مستقر وسلمي وموحد وديمقراطي".
وبشأن القضايا الإقليمية والدولية، ناقش الجانبان العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الوضع الأمني في غرب آسيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وكان هناك تقاربًا في وجهات النظر بشأن هذا الموضوع.
وعن الملف الأفغاني، اتفق الجانبان على أن قضية أفغانستان تؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، وأكدا مجددًا دعمهما لعملية مصالحة "بقيادة أفغانية وبفكرة أفغانية"، والتزامهما بالعمل مع دول المنطقة والمجتمع الدولي لمساعدة أفغانستان على تحقيق هدفها المتمثل في تحقيق السلام والاستقرار والاستقلال والتنمية في وقت مبكر.
وفي الشأن السوري، دعا المالكي وسينغ جميع الأطراف في سورية إلى أن تتخلى عن العنف وتسوية جميع القضايا سلميًا من خلال الحوار، مع الأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري، واتفقا على أن أي تدخل عسكري خارجي في الشؤون الداخلية السورية ينبغي أن يُستبعد، فيما أكد الجانبان بشأن إصلاحات الأمم المتحدة، أهمية وجود نظام فعال متعدد الأطراف، يتركز على نظرة الأمم المتحدة لقضايا من الواقع المعاصر، باعتباره عاملاً أساسيًا في معالجة التحديات العالمية، وشددا على الحاجة الملحة إلى مواصلة الإصلاحات في الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن من خلال التوسع في فئتي عضويته، لجعله أكثر تمثيلاً ومصداقية وفاعلية، وأكد المالكي دعم بلاده لترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في حين وجّه دعوة رسمية إلى رئيس الوزراء الهندي لزيارة العراق، وتم قبول الدعوة، وسيتم الترتيب لهذه الزيارة في وقت لاحق.
وقد وصفت المصادر العراقية الزيارة بـ"الناجحة"، وهي أول زيارة تتم على مستوى عال بين البلدين، بعد الزيارة التي قامت بها رئيسة وزراء الهند الراحلة أنديرا غاندي للعراق في العام 1975.
أرسل تعليقك