بيروت – جورج شاهين
غادر بيروت نائب وزيرة خارجية إيطاليا لابو بيستيللي بعد ظهر الأربعاء عائدا إلى بلاده، بعد زيارة للبنان استمرت يومين قابل خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين وبحث معهم التطورات في لبنان والمنطقة، كما تفقد القوة الإيطالية العاملة في جنوب لبنان ضمن إطار قوات الأمم المتحدة "اليونيفيل"، ومخيما للنازحين السوريين في البقاع ومشاريع إنشائية تمولها إيطاليا في لبنان.
وكان في وداعه في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، سفير إيطاليا جيوسيبي مواربيتو وأركان السفارة، وقبيل مغادرته بيروت، عقد بيستيللي مؤتمراً صحافياً في المطار، أوضح فيه أن زيارته للبنان "تمحورت بشأن ثلاثة أقسام، منها مشاريع التعاون الإيطالي في لبنان وتشمل مشاريع أساسية"، وقال "لقد زرت مشروعين للمساعدة الإنسانية الخاصة، الأول للاجئين الفلسطينيين في مخيم شاتيلا، والثاني في مخيم للاجئين السوريين في البقاع يتناول معالجة المياه المبتذلة في منطقة زحلة، وهو مهم جدا ليس فقط لأنه يهتم بتكرير المياه بل أيضاً يمكن ويقوي المؤسسات اللبنانية. وزرت أيضا مدفن صور المرمم بفضل مشروع تعاون إيطالي، ووقعت إعلاما مشتركا يهدف إلى تعزيز السياحة إلى لبنان ولكي يزور لبنان ملايين السياح".
وأضاف "أما الشق الثاني من الزيارة فكان لتفقد القوة الإيطالية العاملة في إطار اليونيفيل. والشق الثالث يتمحور بشأن اللقاءات الرسمية السياسية التي قمت بها، ولقد التقيت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ورئيس المجلس النيابي. والرسائل التي أود أن أرسلها من خلال هذه الزيارة، هي أولا أن إيطاليا شريك استراتيجي للبنان على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري، ونحن فخورون جدا كوننا بجانب لبنان في هذه الأيام، ويأتي توقيت هذه الزيارة بالتزامن مع زيارة وزيرة الخارجية الإيطالية إلى الأردن، وذلك تعبيراً عن وعينا بأن الأزمة السورية قد يكون لها عواقب كثيرة على المنطقة وعلى لبنان، نحن نثمن عاليا الجهود التي تبذلها السلطات السياسية اللبنانية والتي تبقى تحت مظلة إعلان بعبدا، وأيضا اعتماد سياسية النأي بالنفس تجاه الأزمة السورية. وقد عبرنا الثلاثاء لرئيس الجمهورية عن تضامننا معه في موضوع ضحايا الجيش اللبناني، وأعربنا عن حاجة لبنان في هذا الوقت الى تشكيل حكومة جديدة، كما عبرنا للرئيس تمام سلام عن دعمنا. نحن لا نتدخل في كيفية وشكل الحكومة، لكن قلنا إنه في حالة الطوارىء يجب أن تكون مختلف السلطات السياسية فاعلة ومسؤولة. وعبرت عن إعجابي بشجاعة اللبنانيين الذين يستقبلون تدفق اللاجئين السوريين، ونحن معجبون كثيرا بموقف اللبنانيين تجاه الشعب السوري".
وتابع "نحن نؤكد في هذا الإطار التزام إيطاليا بمشاريع التعاون، وهنا نطرح السؤال عما إذا كانت مشاريع التعاون هذه ستبقى للحالات الطارئة. كما ندرك مع شركائنا الأوروبيين أن هذا العدد من اللاجئين السوريين يشكل عبءاً على لبنان والأردن الذي تزوره حاليا وزيرة الخارجية الإيطالية. نحن نؤمن بأنه يجب توزيع اللاجئين السوريين على مختلف البلدان المجاورة في المنطقة، وأيضا على البلدان الأوروبية".
وقال "لقد زار وزير الدفاع الإيطالي لبنان مرتين خلال شهرين، وأنا اليوم هنا في لبنان، وكل ذلك يدل على أن إيطاليا ستلعب دوراً ناشطاً وإيجابيا ولتؤكد أن لبنان هو شريك آمن وشريك للتنمية المتبادلة. نحن هنا أيضا للوقوف على آراء الجميع لدعم مؤتمر جنيف 2 بغض النظر عن مشاركتنا في هذا المؤتمر أو لا. وهنا أشكر سفير إيطاليا في لبنان ومكتب التعاون الإيطالي، وأود أن أذكر أن ألوان العلم الإيطالي هي نفس الوان العلم اللبناني، وهذه مصادفة جميلة جدا".
وعن مدى تفاؤله بمستقبل لبنان، خصوصا أنكم أعلنتم عن اتفاق مع لبنان يسمح بمجيء عدد كبير من السياح إليه، وما إذا كانت ستبقى القوة الإيطالية في لبنان إذا تطورت الأحداث، أجاب "إن قوات اليونيفيل العاملة في لبنان والكتيبة الايطالية هنا وستبقى. أخذنا المسؤولية على عاتقنا خلال الحرب، والجميع يؤكد أن القوات الدولية في الجنوب تعمل جيدا. وحاليا، الجنوب مستقر، ونحن هنا لنؤكد أن القوة الايطالية ستبقى في لبنان".
وقال "فيما يتعلق بمستقبل لبنان، فإن اللبنانيين جديرون بالتعايش حتى في أوقات الأزمات، وبرهنوا ذلك مرارا خلال الثلاثين عاما الماضية، ولا يمكنني إلا أن أتمنى أن يعود لبنان قريبا إلى النمو الاقتصادي والسياحي، فهو يستحق الاهتمام الذي أولاه إياه الأوروبيون والأميركيون وكل شعوب العالم. ويجب ألا نعتبر أن هذا التوازن المرن والهش في بعض الأوقات، لا يمكن أن يؤثر عليه عبء يفوق قدراته. لذلك، نسعى إلى تفادي أن تكون للازمة السورية تداعيات سلبية على لبنان. وأقول للمراقبين كلهم الذين يرون ما يجري في سورية حاليا واللاعبين الموجودين على الأرض في المعركة في سورية ويسعون إلى تحقيق أي أمر أن أحدا لن يربح، بل على العكس، يجب أن نقطع الخيوط لمن يسعى إلى المزيد من الأزمات والمعارك في سورية".
وردا على سؤال، قال بيستيللي: "إن أوروبا فعلا دفعت ثمنا كبيرا، حيث أنها خاضت حربين عالميتين. ومنذ 60 عاما، هناك نوع من الدمج مع إيجاد وإنشاء اللجنة الأوروبية والاتحاد الأوروبي، فهما بعيدتان البعد كله عن الحروب وتعملان من أجل الدمج في النسيج الأوروبي، فالسلام مثل الصحة، ويمكن تقدير السلام عند البدء بفقدانه. وفي أوروبا اعتدنا على أن نكون في صحة جيدة وأن نعيش بسلام منذ عقدين من الزمن".
وردا على سؤال عن موضوع دمج اللاجئين السوريين في لبنان بالنسيج اللبناني في ظل تدفقهم إلى لبنان، قال "ليست لدي الحلول العجائبية لأقول لكم كيف يمكن أن يتم دمج اللاجئين السوريين في النسيج اللبناني، لكنني أستند وألاحظ أمرين مهمين، الأول العدد الكبير يتزايد من يوم الى آخر ولا يمكن المضي قدما معه، والثاني هو بعض اللاجئين السوريين الذين هربوا من سورية لديهم مهنة وخبرة في العمل في بلادهم. ونظرا لهذا النوع من اللاجئين، وبغض النظر عن المساعدات التي تعطى لهم وبدلا من إبقائهم في المخيمات وتلقي المساعدات، فلماذا لا يتم استخدامهم والاستفادة من الأعمال التي يمكنهم القيام بها، لكن هذه استراتيجية يجب أن تحظى بموافقة السلطات الرسمية اللبنانية ودعمها".
وعن موقف إيطاليا في ظل التناقض في بعض مواقف الدول الاوروبية في شأن إدراج "حزب الله" على لائحة الارهاب، قال "إيطاليا تقول إن الأولوية لتحقيق وانعقاد مؤتمر جنيف 2، وهي تسعى لذلك من خلال المناقشات الجارية حاليا، والتي تشارك فيها بشأن هذا الموضوع، إلا أننا لاحظنا أن طلب إدراج "حزب الله" على لائحة الإرهاب من قبل بلدان أوروبية مثل بلغاريا وقبرص قد سحب، وأنه يجب أن تتم المناقشة بالنسبة إلى هذا الموضوع وفقا وبالاستناد إلى المعطيات القانونية، وهذا يتطلب الكثير من الوقت. لذلك، تفضل إيطاليا التركيز على مؤتمر جنيف 2 والسعي لإيجاد حل سياسي، لا عسكري في ما يختص بالأزمة السورية. وإن نجاح مؤتمر جنيف 2 يجعل الطلب بإدراج "حزب الله" على لائحة الارهاب ثانويا".
وردا على سؤال عما إذا كانت إيطاليا ستستضيف على أرضها عددا من اللاجئين السوريين، قال "هذه رسالة سأحملها إلى وزيرة الخارجية في إيطاليا لأن هناك طلبا من هيئة اللاجئين لاستضافة أعداد صغيرة، وسيناقش هذا الأمر في وزارة الداخلية الإيطالية لأن خيارا كهذا يتطلب موافقة وزارتي الداخلية والخارجية في إيطاليا. وهذا يدفعنا إلى مناقشة هذا الموضوع، خصوصا في حالات الطوارىء، ونحن نود أن نعتمد النموذج الألماني، لأن ألمانيا عبرت عن استعدادها لاستقبال قرابة 5000 لاجئ سوري على أراضيها والمساعدة في هذا الموضوع. وأنا على يقين أن المساهمة في نجاح مؤتمر مثل مؤتمر جنيف 2 لا يعتمد فقط على النصائح الدبلوماسية، بل يشكل جزءا من الحل ويساهم في تخفيف العبء الذي تتحمله البلدان الأخرى.
أرسل تعليقك