بيروت ـ جورج شاهين
وزع، الثلاثاء، المكتب الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى اللبناني خلاصة عن الحكم الصادر عن المجلس العدلي، في قضية الاعتداء على أمن الدولة في محلة التل، التي وقعت قبل 5 أعوام إلا 5 أيام وتحديدًا في 13/08/2008، والتي أفضت إلى مقتل وجرح عدد من العسكريين والمدنيين، وعلم "العرب اليوم" أن المجلس العدلي استمر في اجتماعه مساء الاثنين إلى الرابعة من فجر الثلاثاء، من أجل وضع القرار بصيغته النهائية.
وأسفر التفجير يومها عن مقتل 10 عسكريين و3 مدنيين، كما أفضى إلى جرح 37 عسكرياً و9 مدنيين، وتضرر عشرات السيارات والبيوت والمكاتب والمصارف و تحطم زجاج الأبنية المجاورة على مسافة 25 إلى 30 مترًا، وإلى تضرر حافلتي الركاب بشكل مباشر وإحداث حفرة دائرية قطرها 57 سنتيمترًا وعمقها 50 سنتيمترًا.
وفي ما يلي ملخص الحكم، الذي وصل "العرب اليوم" بكامل تفاصيله:
"بعد ثمانية وثلاثين يومًا من المداولات في الاعتداء على أمن الدولة في محلة التل بتاريخ 13/8/2008، دخل المجلس العدلي المؤلف من الرئيس الأول لمحكمة التمييز، القاضي جان داود فهد، رئيسًا، ومن القضاة السادة أنطوني عيسى الخوري، وجوزف سماحة، وبركان سعد، وناهدة خداج، أعضاء، إلى غرفة المذاكرة ليصدر بعد خمسة عشر ساعة متواصلة حكمًا بالإعدام على كلٍ من عبد الغني جوهر، عبيد مبارك عبد القفيل، أسامة الشهابي، غازي عبد الله وعبد الرحمن عوض، بعد اعتبارهم فارين من وجه العدالة ومنعهم من التصرف بأموالهم المنقولة وغير المنقولة. وبالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عامًا على كلٍ من، عبد الكريم مصطفى، رشيد مصطفى، طارق مرعي، خالد الجبر، محمد سليم خضر، نادر العلي، حمزة القاسم، محمد عزام وايمن الهنداوي. وبالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عشر سنوات على كلٍ من خالد سيف، عبد الحميد سيف، محمود سيف، مصطفى دندل، حسين دندل، علي حسين الأحمد ونبيل عبد الرحمن. وبالحبس لمدة سنتين على كل من أمامة السبسبي، عبيد عبد القفيل وجمال الرفاعي، كما جرم المجلس سبعة قاصرين وأحالهم على محكمة الأحداث في بيروت لتحديد الجزاء الملائم في حق كلٍ منهم. وأعلن براءة كلاً من علاء محرز، محمد سيف وعلي دندل مما أسند إليهم للشك وعدم كفاية الدليل، وأطلق سراحهم فورًا ما لم يكن ثمة داع آخر لإبقائهم موقوفين. كما ألزم المجلس المحكوم عليهم ما عدا جمال الرفاعي، بأن يدفعوا بالتضامن في ما بينهم مبالغ مجموعها مليار وسبعمائة واثنين وأربعين مليونًا وخمسمائة ألف ليرة لبنانية تعويضًا للمتضررين من التفجير من المدنيين والعسكريين المتخذين لصفة الإدعاء الشخصي في الملف".
ويشار أن المحاكمة في هذه القضية استغرقت قرابة 10 جلسات تم خلالها استيفاء الإجراءات لجهة المناقشة العلنية لوقائع القضية واستعراض الأدلة واستجواب المتهمين والأظناء، وتمكينهم من إبداء دفاعهم والاستماع إلى مرافعات موكليهم المحامين. وبنتيجة مجمل تلك المحاكمة، لاسيما تقاطع المعلومات ومضمون إفادات المتهمين ومجمل محاضر التحقيق، تبين للمجلس العدلي في حكم من 88 صفحة، أن 3 شبكات أصولية متطرفة نشأت بين مخيم عين الحلوة قرب صيدا ومخيم البداوي وببنين-عكار وطرابلس، وأنها مترابطة ومتداخلة مع بعضها البعض يجمعها الولاء لتنظيم "فتح الإسلام"، وتمتد علاقاتها إلى تنظيم القاعدة، وإن تلك الشبكات تجاهر بالفكر السلفي التكفيري وتسعى إلى خلق أرضية أمنية قوية داخل لبنان عبر القيام بأعمال إرهابية، من تفجيرات، وقتل، وسلب، ونهب وتزوير بهدف إضعاف الدولة اللبنانية وزعزعة الثقة فيها وفي مؤسساتها وفي طليعتها الجيش اللبناني، وبالتالي ضرب نظام الحكم اللبناني والأوضاع الاجتماعية والتقاليد اللبنانية العريقة، تمهيدًا لإقامة إمارة إسلامية في لبنان الشمالي كمرحلة أولى في مشروع السيطرة على المنطقة بأسرها وخلق جو من الاقتتال الطائفي والمذهبي ومناهضة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان.
وإنه تنفيذا لتلك المؤامرة، عمد تنظيم "فتح الإسلام" إلى القيام بعدة جرائم وعمليات إرهابية، استهدف معظمها الجيش اللبناني، باعتباره العقبة الرئيسة أمام تحقيق مآربه ومخططاته، مما أفضى إلى معارك عنيفة مع الجيش اللبناني اتسمت بطابع الحرب الحقيقية، وأسفرت عن استشهاد وجرح العديد من عناصر الجيش اللبناني وضباطه وانتهت بانتصار الجيش اللبناني على تلك الجماعة الإرهابية وبتحرير مخيم نهر البارد وإخراج عناصر "فتح الإسلام" وحلفائهم من المخيم والقبض على بعضهم، في ما قتل البعض الآخر وتمكن آخرون من الفرار.
وتبين أنه بعد هزيمة تنظيم "فتح الإسلام" في نهر البارد، انتقلت القيادة إلى المدعى عليهم عبد الرحمن محمد عوض، أسامة أمين الشهابي وغازي فيصل عبد الله، المتحصنين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الكائن عند تخوم مدينة صيدا في لبنان الجنوبي، فعمدوا إلى وضع المخططات لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الجيش اللبناني والقوى الأمنية، انتقامًا لهزيمة نهر البارد ولضرب مقومات الدولة اللبنانية.
وتبين أن هؤلاء نجحوا في تجنيد مجموعة من الشباب وتحريضهم ضد الدولة اللبنانية والجيش اللبناني وتجريعهم أفكارًا ظلامية رجعية متشددة وإجرامية، مموهة ظاهرًا بمبادئ دينية ومظاهر الورع والتقوى وتدريبهم على حمل السلاح وصنع العبوات الناسفة والقيام بالتفجيرات وتزويدهم بالأسلحة والمتفجرات المختلفة، وحملهم على تنفيذ مآربهم ومخططاتهم الإجرامية.
وإنه تنفيذًا لأحد فصول تلك المؤامرة، وقبيل الساعة الثامنة من صباح 13/08/2008، حضر المدعى عليه عبد الغني جوهر، الملقب بـ وائل وبـ أبو هاجر، إلى شارع المصارف في منطقة التل في مدينة طرابلس، وهو يرتدي بذة الجيش اللبناني، منتحلاً صفة عسكرية ويحمل حقيبة تحتوي على كمية من المتفجرات من مادة الـ "TNT"، ومغلفة بعزقات مسدسة الشكل تحدث شظايًا بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا. واقترب عبد الغني جوهر من المكان واشترى كعكة من بائع الكعك أبو أيمن، ثم وضع الحقيبة التي تحتوي على المتفجرات، على الرصيف الأيمن لشارع المصارف قرب شريط سياج موقف سيارات بنك بيروت بين حافلتي ركاب، الأولى من نوع "متسوبيشي" لونها أبيض كانت مركونة باتجاه الغرب قرب الرصيف، والثانية "هيونداي" لون أزرق كانت مركونة داخل موقف سيارات بنك بيروت، وكان بالقرب من مكان العبوة عربة تعمل على دواليب جر لبيع العصير، وأخرى لبيع الكعك الساخن، وثالثة لبيع القهوة، إضافة إلى صندوق عدة لمسح الأحذية يعود للطفل خضر كنجو، وبعدما تحادث عبد الغني جوهر مع بائع الكعك وحاول أن يستضيف الجنود على الكعكة التي اشتراها، إمعانًا منه في التمويه والظهور بمظهر طبيعي مسالم غادر المكان واتجه نحو محل صرافة المصري المواجه لمكان العبوة، حيث كان ينتظره شريكه المدعى عليه عبيد مبارك عبد القفيل (أبو عائشة) السعودي الجنسية، فأقدم المذكوران على تفجير العبوة التي في الحقيبة والمقدرة زنتها ما بين كيلوغرام ونصف والكيلوغرامين من مادة "TNT"، بواسطة جهاز تفجير عن بعد (ريموت كونترول)، ثم سارعا في الهرب وتواريا عن الأنظار.
أرسل تعليقك