بيروت ـ جورج شاهين
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ان مؤسساتنا العسكرية في صلب أولوياتنا كمسؤولين وكمؤسسات دستورية للإستمرار في خطة دعمها وتجهيزها وذلك بالتلازم مع تطبيق استراتيجية وطنية شاملة للدفاع الوطني من خلال تنمية القدرات الوطنية والديبلوماسية والعسكرية والإستفادة من قدرات المقاومة في التصدي لآلة الحرب الإسرائيلية ووقف اعتداءاتها على أرضنا وخرقها لسيادتنا.
ولفت الى وجود اخطار خارجية عديدة اولها الخطر الاسرائيلي، لكنه اشار الى اخطار داخليةأخطر ما فيها رهانات قائمة على إقتناع كل طرف بأن مصلحة الوطن ترتبط قطعاً بوصول فريقه الى السلطة فتستقيم عندها المؤسسات ويسود الأمن وتعلو كلمة القضاء. وكأن ذلك يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها أو بسحر ساحر.
واعتبر الرئيس سيلمان ان على القادة السياسيين تأمين الحد الأدنى من الإتفاق على بناء البيت الوطني الواحد والجامع والإيمان بمؤسسات الدولة والحفاظ على ديمومتها،واوضح ان ممارسة القيادة رهن بداية بالتخطيط المسبق الذي يحدد الهدف الرئيس للمؤسسة والأهداف المرحلية لكل وحدة فيها، وإن نجاح القائد لا يستقيم إلا بإبتعاده عن الأنا، وبحسن استثماره لكفايات مرؤوسيه وإبراز إنجازاتهم وتصحيح اخطائهم.
وشدد على ان الإصلاح السياسي هو أساس كل الإصلاحات، وأول إشارة عن صدق النيّات في إرادة الإصلاح تنطلق من وضع قانون إنتخابي دائم يؤمن المناصفة ويعبر عن طموحات شعبنا ويمثله أحسن تمثيل. اما عن الاصلاح الاداري، فدعا الى رفع ألايدي عن الإدارة والمصالحة مع القانون حفاظاً على هيبة الوظيفة وعلى حقوق المواطن، وترك الهيئات القضائية والرقابية والمحاكم الدستورية سيفاً عادلاً لتصحيح كل خلل وجموح في أفعالنا.
مواقف الرئيس سليمان اتت خلال رعايته الاحتفال الذي اقيم لمناسبة العيد الـ68 للامن العام، في مقر المديرية في المتحف، في حضور رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وعدد من الوزراء والنواب، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية وكبار الضباط، ومدراء سابقون للامن العام.
وكان رئيس الجمهورية وصل الى مقر الاحتفال عند الخامسة عصراً وكان في استقباله وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال مروان شربل واللواء ابراهيم، وتوجه الى ضريح شهداء الامن العام حيث وضع اكليلا من الزهر.
وانتقل بعدها الرئيس سليمان الى قاعة داخلية حيث اعلن عن بدء الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني تلاه نشيد الامن العام.
وتم عرض شريط وثائقي لخص تاريخ الامن العام واهم انجازاته منذ نشأته وحتى اليوم.
وبعدها، القى اللواء ابراهيم كلمة قال فيها: هذا اليوم هو يومُ الأمن العام الذي اصبح سلكاً مستقلاً عن الشرطة في السابع والعشرين من آب 1945، وكان في حينه جنيناً تكوّن في رحم الأيام، وكبُرَ ونما وتطوّر حتى غدا كياناً كاملَ الأوصاف والمواصفات، صلبَ العود، قادراً، متمكّناً، حاضراً في كلِ المفاصل الأساسية من حياةالوطن والدولة. ما كان للأمن العام أن يبلغ هذه المرحلةَ من التقدّم لولا نخبةٌ مختارةٌ من رجالات لبنان وظفّوا عملهم وطاقاتهم كي يؤدي هذا السلك دورَه الوطني بكلِ جدارة واستحقاق. رحم الله من غادرنا، وأمد في عمر من لا يزال على قيد الحياة. الوطنُ مدينٌ لهم بالإنجازات التي حققواولا سبيلَ الى نكرانها. أستذكر في هذه المناسبة شهداءَ الأمن العام الذين سقطوا وهم يؤدون واجبَهم المقدسّ في خدمةِ دولة القانون والمؤسسات. سيبقى ذكرُ هؤلاء الأبطالِ مؤبداً، ولن يطالهم غبار النسيان.
إن الأمن العام، بشهادةِ الوثائقِ المحفوظة والمعلوماتِ الموثقة والشهودِ الذين عاينوا الأحداث وأدركوا أسرارَها، شكّل الجهاز الوطني لاستشعار الأخطار الوافدة عن بعدٍ على لبنان، ورصدِ نبضِ الشارع، وإخترقت أذنه الجدران السميكة، فكتب ونبّه ودلّ إلى مَوَاطِن الخللِ على مستوى الدولة والمجتمع، ونصح وإقترح الحلول. كان يجد حيناً آذاناً مصغية، وفي غالب الأحيان الحارث في البحر. كم وكم من المهمات الخطيرة قام بها مدراء الأمن العام ومعاونوهم إلى جانب المسؤولين والسياسيين عندما كان يدلهُّم الأفق وتقف البلاد على فوهة البركان. تمكّنوا مقدار ما ساعدت الأحوال على تدوير الزوايا وتقريب المسافات والمساهمة في إيصال الرسائل إلى المعنيين حول هذه المسألة أو تلك، كما إستطاعوا تجنيب لبنان العديد من الإستحقاقات المدمّرة.
نحتفل اليوم بالعيد في واحدة من أصعب اللحظات في تاريخ المنطقة ولبنان. أمواجُالإنقسامِ العاتية تضربُ مجملَ البلدان الشقيقة، ولا أخالني مخطئاً إن قلتُ ان الدورَ ربما سيكون لمَن لم يصل إليه الموجُ بعد.العدوُ الاسرائيلي يقف فرحاً مزهواً بعدما حرفنا البوصلةَ بملء إرادتنا عن إتجاهها الصحيح، وبعدما بلغ عالمنا العربي ما بلغ من قدرةٍ على الإنتحارِ وهدرِالطاقات والدماء والأنفس في الإتجاهات الخاطئة والمواقع المريبة. وتحوّل الحلم بالتغيير الى كوابيسَ مرعبة للشعوب الشقيقة التواقة الى الحرية والديمقراطية والعدالة.
في هذه اللحظة ينقسم اللبنانيون في ما بينهم، ويضيّعون فرصةً تاريخية بلعب دورِ المبادر والمضمّد للجراح، والساعي الى وحدة الأخوّة، فإذا إبداعنا ينهارُ على أبواب السياسات المرتديةَ أثوابَ الطائفيةِ والمذهبية.
أرسل تعليقك