بيروت - جورج شاهين
أطلقت قوات الأمن اللبنانية سراح رئيس مجلس قيادة "حركة التوحيد الإسلامي"، الشيخ هاشم منقارة، والذي أُوقف قبل أسبوع في مدينة طرابلس بتهمة إخفاء معلومات عن معرفته المُسبقة بانفجار مسجدي "التقوى" و"السلام" في طرابلس قبل أسبوعين تقريبًا، وذلك بعد مصادقة محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضية إليس شبطيني على قرار قاضي التحقيق العسكري الأول، رياض أبوغيدا، بالإفراج عنه بسند الإقامة.
واستغربت مصادر قضائية متابعة لملف التفجيرات في طرابلس، الأسباب التي أوردتها في المصادقة على قرار أبوغيدا بإخلاء سبيل منقارة، معتبرة أن "الأسباب التي استندت إليها المحكمة لم تدخل في الأساس، وهو ما إذا كان الشيخ منقارة على علم بالتفجيرات أم لا، بل استندت إلى تفسير للمادة (398) عقوبات، والمتعلقة بإخفاء معلومات عن السلطات".
وقال تفسير القاضية شبطيني، إن "معرفة معلومات تتعلق بالتفجيرات قد حصل قبل أن يصبح هذا الموضوع مسألة قضائية، وبالتالي لا ينطبق نص المادة المذكورة على وضع الشيخ منقارة؛ ولذلك وجب إخلاء سبيله".
إلا أن المصادر القضائية أشارت إلى أن "نص هذه المادة، وُضع بالفعل لمن هم في وضع الشيخ منقارة؛ إذ أن المعرفة بمعلومات عن جريمة ستحصل هو بحده الأدنى مشاركة في الجُرم الذي كان يُمكن تفاديه، لو أن هذه المعلومات وصلت في حينه إلى الأجهزة الأمنية".
ولفتت هذه المصادر إلى أن "ما صدر عن محكمة التمييز العسكرية يُشكل سابقة قضائية في جريمة إرهابية، أدت إلى سقوط عشرات الشهداء، ومئات الجرحى، طارحة الكثير من التساؤلات عن حقيقة ما جرى في هذا الموضوع".
بدورها، أكدت المصادر الأمنية لـ"العرب اليوم"، أن "الإفراج عن منقارة لا يؤثر في سير التحقيقات في ملف تفجيرات طرابلس"، لافتة إلى أن "الاستماع إليه خلال التحقيق استغرق فقط ساعتين، ظل خلالها يُنكر معرفته بالأمر، وواصل إنكاره أمام القضاء الذي اتخذ قرارًا بإخلاء سبيله، بالرغم من أن المحققين يملكون قناعة بأن منقارة كان على علم تام بالموضوع".
وبعد الإفراج عنه عقد منقارة مؤتمرًا صحافيًّا، مساء الأربعاء، هاجم فيه فرع المعلومات، ودافع عن "محور الممانعة"، وقال "إن الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله ملك متوج على عرش المقاومة؛ فهل يريدون أن نتبرأ منه؟".
وقال منقارة، "إن التفجير الذي حصل منذ حوالي أسبوعين في مسجدي "السلام" و"التقوى" في طرابلس مُدان، ومُستهجن، وحرام طبعًا، وفعل خسيس، لا يقوم به إلا من أسود قلبه"، لافتًا إلى أنه "أيًّا كان فاعله لأي فريق انتمى، ومن أي جنسية؛ فهو مُدان ومُجرم، لا يستحق الشفقة أبدًا"، قائلًا "لو علمت، ولو بشكل غير يقيني بإمكانية حصول أمر كهذا؛ لبادرت لحماية أهل بلدي بما أملك من روح وجسد، فضلًا عن إخبار من يعنيه الأمر فعلًا".
وأوضح أن "الشيخ أحمد الغريب الموقوف، والمتهم بالمشاركة في إخفاء معلومات، نفى كل ما اعترف به أمام التحقيق الأولي، وكان تحت ضغط نفسي هائل، ويراجعه في هذه الأثناء القاضي"، لافتًا إلى أن "ما وصل للغريب، هو معلومة عن إمكانية حصول تفجير في منطقة ما"، مؤكدًا أن "التحقيق جار، وليمضي التحقيق، وليقبض على المجرم الحقيقي حتى لا تضيع الدماء التي ذهبت هدرًا في بلادنا".
وعن المخبر مصطفى حوري، كشف منقارة أن "حوري أطلع اللواء أشرف ريفي على المعلومات التي كانت لديه، والذي بدوره أطلع فرع المعلومات على الأمر"، متسائلًا: "هل حُقق مع أمن فرع المعلومات، وعن تجاهله لهذا الأمر، حتى يمكن أن يوقع بي سياسيًّا، وبالمشروع الذي أحمل؟ هل هذا شأن فرع المعلومات؟"، مضيفا: "ماذا يريدون منا؟ هل يريدون محاسبتنا على حملنا مشروعًا كبيرًا على قياس أمتنا؟ هل يريدون منا، التبرؤ من مشروع مقاومة اليهود، ومن حزب الله المقاوم؟".
ولفت منقارة إلى أن "لبنان وسورية توأمان لا انفكاك عن بعضهما البعض"، داعيًا "لإعادة جدولة حساباتنا على أساس ما حصل، كما دعا هيئة العلماء المسلمين ورئيسها الشيخ سالم الرافعي، وهيئة علماء بلاد الشام "لمؤتمر حواري نطرح فيه أساس التوافق، وهي كثيرة بيننا، ونتشاور بها على أن تكون هناك ورقة توافق نطرحها على كل الفرقاء؛ لنتوسع أفقيًّا مع كل الوطنيين وعاموديًّا مع السياسيين في لبنان وسورية.
وأكد منقارة أنه "يمد يده للجميع، ويدعو إلى طاولة الحوار هذه، عاجلًا لا آجلًا؛ لنوقف هذه الهجمة، ونخفف مما سيأتي على بلادنا من هجمة غربية كبيرة".
ورأى "أننا كلنا مستهدفون، ليس في لبنان وسورية فقط، بل في كل بلادنا العربية"، مؤكدًا أنه "يدين بشدة التفجيرات التي حصلت ليس في لبنان وسورية فحسب، بل في كل منطقة لاسيما العراق".
واعتبر أنه "بات واضحًا أن ما حصل في قضية توقيفه هو عمل سياسي بحت، ولم يكن هناك شفافية في التحقيق"، قائلًا: "بخروجي بدأت الأمور تتضح"، لافتًا إلى "أننا حريصون على ألا يكون هناك إهدار دم، وأنا ناديت بالحوار؛ كي لا تسفك المزيد من الدماء"، داعيًا "النيابة العامة وكل الأجهزة للتحقيق في قضية إهدار دمنا".
أرسل تعليقك