غزه ـ وفا
يحاول المواطنون في قطاع غزة، التأقلم مع خسائرهم بعد الحرب، كاستجابة طبيعية لوضع غير طبيعي جدا.
ولاء ومحمود، عريسان من خان يونس قررا الزفاف بصمت ودون معازيم، واكتفيا فقط بحضور ذويهما، والوصول إلى بيت الزوجية بسيارة واحدة أقلتهما فقط.
باختصار.. إنه 'زفاف على خطوط النار'!!
يقول العريسان: 'معيب علينا، الفرح والزفاف بحضور معازيم وغناء. نحن نشارك باقي شعبنا أحزانهم. لنا جيران فقدوا أبناءهم شهداء، وآخرين أصبحوا بلا مأوى بعد أن سوت طائرات الاحتلال بيوتهم بالأرض، الحق أن نذهب لبيتنا بصمت ودون أي مظاهر فرح'.
وبدأت الحياة في غزة بالعودة لطبيعتها بشكل بطئ بوجود شيء من الإحساس 'بالاعتيادية'، فالناس يحاولون التوصل إلى تفاهم مع الخسائر التي اختبروها والمستوى الهائل من الدمار.
فهذا عمر العبد من خان يونس أيضا، والذي تعرض بيته لتدمير شبه كلي خلال الحرب، أدخل عائلته التي يفوق عددها 14 فردا، إلى هذا البيت وأمرهم بالعيش فيه مهما كانت حالة البيت.
بيت عمر مكون من طابقين بهما فتحة كبيرة جدا جراء قصفه بقذيفة مدفعية دمرت أركان البيت من الداخل، وأحدثت شقوقا وثقوبا كبيرة في جدرانه الخارجية أيضا.
ويقول عمر: لا بد من التأقلم مع الوضع الجديد ونتصالح مع الواقع الجديد. فلا يمكن لنا ترميم البيت ولا حتى استئجار بيت جديد. لذلك سأبدأ الحياة في البيت مهما كانت حالته.
وبعد وقت قصير من إعلان وقف إطلاق النار، نهاية الشهر الماضي، شعر معظم المواطنين في القطاع، بالارتياح لأن القصف المستمر قد توقف. ومع مرور الأيام على وقف إطلاق النار، بدأ المزيد من سكان هذا الجيب الساحلي بالتأقلم مع الوضع الجدي بعد الحرب.
وجاء في تقرير لـ'الأونروا'، تحت عنوان 'الوضع الطارئ في غزة الإصدار رقم 57'، إنه من الواضح للجميع، أن الحياة في غزة لن تكون مثلما كانت عليه في السابق في ظل الظروف المروعة للحصار، ومع تعرض الحياة للدمار أكثر من ذي قبل، فإنه لمن المستحيل تقريبا على الأطفال والبالغين أن يفهموا العنف الذي اختبروه وشهدوه.
وقال: إن شوارع غزة ومنازلها ومجمع الأونروا مليئة بالأشخاص الذين يتشاركون في حزنهم وخوفهم ويتفقدون بعضهم، ويحاولون مواساة بعضهم من خلال صدمة الأحداث التي مروا بها.
وعلى مر السنين، قام سكان غزة بتطوير آليات تأقلم متعددة كاستجابة طبيعية لوضع غير طبيعي جدا، إلا أن هذه النوبة الأخيرة من العنف تخاطر في استنفاذ موارد الأسر والمجتمعات للتعامل مع مثل هذا الوضع المتطرف.
أرسل تعليقك