أكدت النائب السابق في البرلمان الأردني، خلود الخطاطبة، وقوفها كمبدأ عام ضد الكوتات بأشكالها المختلفة في قوانين الانتخابات التشريعية المختلفة، وعلى الأخص "الكوتا النسائية"، كونها تعتبر "صدقة سياسية" لا تعكس المستوى الذي وصلت إليه المرأة في الأردن تعليميًا وثقافيًا واجتماعيًا.
على أن النائب الخطاطبة ترى خلال حوارها مع"العرب اليوم"، بأن "الكوتا النسائية" كانت ضرورة لخرط النساء في العملية الانتخابية، لا سيما التشريعية منها، كون المرأة لم تستطع الوصول إلى قبة البرلمان قبل تاريخ إقرار الكوتا النسائية في الأردن لأول مرة في العام 2003، إلا من خلال مقعد واحد في البرلمان شغلته النائب توجان فيصل في العام 1993.
ورغم وصول عدد من النساء إلى قبة البرلمان خارج نظام الكوتا النسائية خلال الأعوام الـ15 السابقة، إلا أن الخطاطبة ترى بأن تلك الفترة لم تكن كفيلة بشكل عام بتغيير النظرة إلى فاعلية المرأة الأردنية في الحياة السياسية وعلى الأخص في المستوى الشعبي وليس الرسمي.
وتعتبر الخطاطبة، أن قانون الصوت الواحد الذي امتد على مدى 22 عامًا ساهم أيضًا في تحجيم دور المرأة التشريعي كون المجتمع بأغلبه عشائري ويحرص على اختيار رجل ليمثله في البرلمان، وهو الأمر الذي لم يتحه قانون الصوت الواحد، إلا أن الانتخاب على أساس قوائم حزبية مغلقة قد يكون أجدى نفعًا لتطير المرأة في الحياة البرلمانية.
وأضافت الخطاطبة، أن عملها الإعلامي لأعوام طويلة وخبرتها السياسية ساهما بحضورها في مجلس النواب الأردني عام 2017، مشيرة إلى أن عملها في الصحافة السياسية كان قوة انطلاق لها في البرلمان، فالأجواء السياسية والتشريعية لم تكن بجديدة عليها حيث كانت على إطلاع كبير قبلًا بكل خفايا السياسة والسياسيين، "وهذا ما أعطاني قوة لكن بهدوء بعيدًا عن الاستعراض، إضافة إلى دعم عشيرتها وزوجها وأسرتها في هذا النجاح".
وأوضحت الخطاطبة، أن رغبتها الصادقة والكبيرة بإحداث تغيير إيجابي وفاعل يساهم في دفع عجلة التنمية في الأردن وينعكس إيجابًا على المواطن الأردني في مختلف نواحي الحياة، وكان الدافع الرئيسي لحركتها القوية في البرلمان.
وكانت قد شغلت الخطاطبة، النائب السابق في مجلس النواب السابع عشر، موقع الناطق الإعلامي لكتلة "وطن" النيابية، ومقرر المكتب التنفيذي لمجلس النواب الأردني السابع الذي يضم رؤساء أعضاء المكتب الدائم ورؤساء الكتل البرلمانية ويرأسه رئيس المجلس لدورتين متتاليتين، كما ترأست لجنة الإعلام والتوجيه الوطني في البرلمان.
وتحمل الخطاطبة درجة البكالوريس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك وحاصلة على دورة في الصحافة والسياسة من جامعة نورث كارولينا ودورة في السياسة والمرأة وإدارة الحملات الانتخابية من الجامعة الأميركية في واشنطن.
وتم اختيار الخطاطبة عام 2008 كأبرز القيادات النسائية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، للمشاركة في الرقابة على الانتخابات الأميركية في العام 2008، وعملت صحافية سياسية في عدد من الصحف اليومية ومستشارة إعلامية في المعهد الديمقراطي الأميركي في شبكة المرأة، ولها مشاركات في العديد من المحافل الدولية متعلقة بحقوق الإنسان والمرأة والطفل والعمل التشريعي وملفات اللجوء في أميركا وبريطانيا وروما وهنغاريا والعديد من الدول، كما أنها عضو في البرلمان الدولي للأمن والسلام في روما.
وأكد الخطاطبة، أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين عملها الصحافي والسياسي، فالاثنان مكملان لبعضهما البعض مع اعترافها بحبها الأكبر للكتابة الذي لم تتأخر عنه برغم انشغالها بالعمل السياسي، الذي جاء مكملًا لعملها كصحافية متخصصة بالشأن السياسي والحزبي في الأساس أو ككاتبة صحافية تعني بالشأن المحلي وبحقوق الإنسان والمرأة .
وبينت الخطاطبة أن ارتباط الصحافة بالسياسة شجعها على خوض الانتخابات البرلمانية لتتمكن من توظيف خبراتها السياسية الإعلامية ودمجها مع تجربة العمل التشريعي ليكون لها دورًا فاعلًا في عجلة تطور الأردن، قائلة "لقد حصلت المرأة الأردنية على حقوقها السياسية منذ عام 197،4وكنا قد سبقنا بذلك الكثير من الدول، كما أن الدستور الأردني يساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وهنا برأيي كان لزامًا على المرأة الأردنية استثمار هذا الأمر لتمكين نفسها في مختلف النواحي وعلى الأخص سياسيًا".
وتابعت النائب "في عام 2007 عندما كنت في أوج عملي الصحافي ومتابعاتي ومشاركاتي في العديد من البرامج التي تهدف إلى تمكين المرأة سياسيًا والبحث عن الأسباب والطرق التي تساعدها للوصول إلى أماكن صنع القرار "الفعلي"، ارتأيت أن أدخل بنفسي إلى معترك الانتخابات النيابية في محافظتي "عجلون" شمال الأردن لأكون جزءً أساسيًا فاعلًا في عملية تغيير الثقافة المجتمعية السائدة والتي تحد من مشاركة المرأة".
وقالت الخطاطبة: "لقيت التشجيع والمباركة من أهلي وزوجي حيث بدأت الرحلة, وفي عام 2003 أقر لأول مرة في الأردن نظام الكوتا للمرأة وأجريت انتخابات المجلس الرابع عشر على أساسه، وقد منح قانون الانتخاب الأردني حينها كوتا للنساء تسمح لهن بـ6 مقاعد في البرلمان على أن تحتسب الكوتا استنادًا إلى مقارنة النسب المئوية التي تحصل عليها كل امرأة في دائرتها وفق معادلة عدد الأصوات التي حصلت عليها بالنسبة إلى عدد المصوتين في دائرتها".
وأبرزت الخطاطبة: "أنه في عام 2003 ترشحت النساء الأردنيات من مختلف المحافظات الرئيسية في المملكة إلا وأنه للأسف لطبيعة الثقافة السائدة حينها وعدم تقبل اختراق المرأة لهذا الحاجز لم تجرؤ امرأة في محافظة عجلون على الترشح للانتخابات حينها، فحرمت المحافظة من ممثلة لها في البرلمان، وهذا أحزنني كثيرًا، خاصة وأن محافظتي كانت بحاجة ماسة لمن يمثلها من النساء لنقل همومهن وإيجاد حلول للعديد من القضايا التي يواجهنها والتي لم تكن يومًا على أجندة الرجال ممن وصلوا أو أرادوا الوصول إلى البرلمان الأردني، بالرغم من أن القوة التصويتية للنساء هناك هي من أوصلتهم إلى البرلمان, وهذا سبب رئيسي دفعني للترشح في الدورة التي تليها عام 2007 وهدفي الأول كان كسر وتغيير تلك الثقافة المجتمعية السائدة الرافضة للمشاركة السياسية للمرأة في المحافظة من خلال الترشح للانتخابات".
وتشرح الخطاطبة "كي أبدأ بشكل سليم ولأحقق أهدافي بدأت بشكل تدريجي إقناع محيطي بضرورة وأهمية وجود امرأة في البرلمان تمثل المحافظة، واستندت إلى تجربة المرأة في الدورة التي سبقتها وإضافاتها للعمل العام ولمحافظتها, وساعدني في الأمر أن مقعد المرأة حينها لا يؤثر على مقعد الرجل فهي كوتا ومقعد آخر للمحافظة عليها التمسك فيه لمصلحتها, كما عملت بشكل ممنهج على إقناع النساء في محافظتي بضرورة وجود من تمثلهن في البرلمان لنقل همومهن ودعمهن وبالفعل وجدت دعمًا وتجاوبًا كبيرًا، ولكن في مجتمع عشائري محافظ لم يخض قبلًا تجربة ترشح امرأة للانتخابات النيابية".
وواصلت الخطاطبة: "ضمن عشيرة منذ عقود لم تتفق على مرشح رجل كانت بداية التحرك الصعب بإقناعهم بأن أكون كامرأة مرشحة الإجماع للعشيرة لأنه من الصعب أو المستحيل خوض الانتخابات دون مباركتهم, فبدأت مرحلة إقناع العشيرة كل عائلة على حدة بأهمية تمثيل المرأة وكيف ستساهم بتطور المحافظة وشرح نظام الكوتا لهم وضرورة استثماره لتحسين واقع الخدمات في المحافظة وطبعًا كل ذلك بمساعدة أهلي وزوجي وأقاربي ممن تبنوا الفكرة معي إلى أن وصلنا إلى مرحلة التصويت داخل العشيرة نفسها وهذا ما لم يحدث قبلًا، حيث حصلت على إجماع العشيرة بالتصويت، وكسرت الحاجز الأكبر لأكون أول امرأة في الأردن تحصل على إجماع عشائري في الانتخاب الداخلي، وبعد ذلك بدأت بالعمل على التحرك على العشائر الأخرى في المحافظة ووجدت قبولًا كبيرًا بالرغم من أن الانتخابات أجريت على قانون الصوت الواحد ولكل عشيرة مرشح".
وأشارت الخطاطبة، إلى أنه "خلال تحركي هذا واجهت العديد من الصعوبات والمعيقات منها مسألة بأنني لا أقيم في نفس المحافظة وأقيم في العاصمة عمان، ومسألة أخرى مهمة في العشائرية هناك بأن زوجي كان من خارج المحافظة وعشائرها, وهذا الأمر كان حساسًا نتيجة لنمط التفكير السائد في المحافظات بالتبعية العمياء من قبل المرأة لزوجها، وبالإقناع والحوار تغلبنا على هذه المعيقات وغيرها، إضافة إلى الحرب الانتخابية من المنافسين الرجال، فقد أصبح لديهم هاجس بأنني أملك فرصة قوية بالحصول على مقعد بالتنافس خارج إطار الكوتا مما يحرمهم فرصة الوصول للبرلمان".
وواصلت الخطاطبة، "لكن دعم عشيرتي لي حينها ووقفتهم وقفة رجل واحد والعقلية الديمقراطية الداعمة التي ظهرت منهم وترجمتها على أرض الواقع ساعدتني بالتغلب على كل المعيقات فقد كنت السبب المباشر في كسر الحواجز وتحرر المرأة في محافظتي من خوفها في خوض الانتخابات بأشكالها والمشاركة السياسية الفاعلة بعد أن رأت بعينها نجاح التجربة، كما غيرت أيضًا بنظرة الرجال إلى مشاركة المرأة ودفعهم لدعمها وما حصل لاحقًا في محافظتي من نشاط هائل للنساء في هذا المجال أفخر به دومًا كوني كنت المحرك الأساسي له".
بعد ذلك بدأت الخطاطبة العمل بشكل علمي ممنهج لدراسة فرص نجاحها، كون أن هناك 6 مقاعد فقط للكوتا على مستوى الأردن، وما قامت به لم تقم به لأي مرشحة أو مرشح للانتخابات قبلًا، لأنها استثمرت مصادرها وعملها كصحافية وحصلت على كل الأرقام المتعلقة بعدد الناخبين والمرشحين في كل دوائر المملكة، ودراسة فرص المرشحات في كل دائرة انتخابية في الأردن اعتمادًا على تلك الأرقام وكل المعطيات التي قامت بجمعها ومن ثم وضعت الأسماء النسائية المتوقع نجاحها حسب هذه المعطيات وحسبت فرص نجاحها بينها، وكانت فرصتها كبيرة جدًا.
لكن ما حدث في انتخابات 2007 المشؤومة والتي كانت نقطة سوداء في تاريخ الأردن
بعد أن ثبت بأنها مزورة، قرر الملك عبدالله الثاني حينها حل المجلس بعد عامين فقط من عمر المجلس، ونتيجة للتلاعب الذي حدث حينها تم حرمانها من حقها ونجاحها الذي حصلت عليه فعليا بجدارة وبعد جهود مضني، لكن ذلك لم يفقدها الأمل، فعادت إلى تكرار التجربة عام 2013 وبالفعل نجحت بالوصول إلى قبة البرلمان.
وشددت الخطاطبة على أن المعضلة الهامة في تطور المرأة الأردنية هو تشتت الجهود النسائية وتضاربها في كثير من الأحيان بالرغم من كثرة المنظمات النسائية الداعمة للمرأة.
أرسل تعليقك