دان علماء دين وعمداء كليات شريعة في الجامعات الاردنية بشدة واستهجان ما قام به جماعة داعش المتطرفة حين اقدم على اغتيال الشهيد البطل معاذ الكساسبة حرقا ، ما يتنافى مع تعاليم وقواعد الشريعة الاسلامية وابسط مشاعر البشرية.
وقالوا ان ما اقدم عليه افراد التنظيم الارهابي يعبر عن وحشيتهم وسوء تفكيرهم وتخطيطهم وتنظيمهم وما ارادوا به من خلال هذا الفعل من اثارة للفتنة فان الله رد كيدهم الى نحورهم ، اذ التقى الشعب الاردني الواحد على قلب رجل واحد من اجل الثأر لاستشهاد البطل الطيار.
وقال وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الاسبق الدكتور عبدالسلام العبادي ان حقيقة هذا الاغتيال البشع للشهيد معاذ الكساسبة يعري القائمين عليه ويكشف عدم معرفتهم بالاحكام الشرعية المستقرة ، فالشهيد معاذ لم يكن الا اسيرا عندهم وفق أقل التقديرات واذا كانوا حريصين على احكام الشريعة فأحكام الاسير في الاسلام واضحة وهي قائمة على الاحسان له .
قال تعالى في كتابه العزيز:" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله ، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا " ، والرسول كان من وصاياه عليه الصلاة وافضل التسليم:" استوصوا بالأسرى خيرا".
وبين ان هناك آية في القرآن الكريم شدت فيها الوثاق على الاسير ففي محكم آياته عز وجل:" فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً" ، فكيف يجيزون لأنفسهم ان يقتل هذا الاسير بهذه الطريقة القائمة على الحرب وبأسلوب تمجه ابسط الاذواق الانسانية ويخالف قواعد الشريعة التي جاءت على الرحمة والاحسان قال الله تعالى لرسوله الكريم : " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" .
وتساءل العبادي كيف يزعمون انهم يريدون تطبيق الشريعة الاسلامية ويحمون ثمارها، ان ذلك يعريهم تعرية كاملة ويحملنا واجبا كبيرا في كشف هذا الاسلوب الذي يؤدي في النهاية الى الصد عن سبيل الله والاساءة البالغة لهذا الدين ليس على مستوى بلاد العرب والمسلمين وانما على مستوى العالم .
واضاف : لقد نهى عليه الصلاة والسلام عن التعذيب بالنار ، حتى على مستوى الحيوان والحشرة والنبات ، ونهى عن المثلة بالشخص الذي يستحق القتل فكيف اذا كان لا يستحق القتل، ثم ان وصاياه عليه السلام للجيوش التي كانت تقاتل معه شددت على ان لا يقطعوا حتى شجرة .
وقال ان الرسول الكريم عندما دخل مكة وعانى من قريش ما عانى ، وقتلوا اقرب الناس اليه عمه حمزة، قال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، حتى هند بنت عتبة التي لاكت كبد حمزة بن عبد المطلب عفا عنها في النهاية وعاشت في المجتمع الاسلامي دون ان تمس بسوء .
وقال : كل ذلك يؤكد ان من قام بهذا الفعل لا يفهم حقيقة الدين بل يريد ان يقدم قدوة سيئة غير سليمة ، بما يؤدي الى اعتباره خطرا على الدين الاسلامي الذي جاء رحمة للعالمين.
وقال نائب مدير المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتور عامر الحافي ان هذه الحادثة تكشف مدى زيف وكذب وانحراف مثل هؤلاء الذين ينتسبون زورا وبهتانا للاسلام ، كما جاءت لتؤكد مدى ابتعادهم عن قيمه وتعاليمه السمحة.
وأشار الحافي الى ان هذه الحادثة عمقت الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي الداخلي في وطننا وجعلتنا أكثر يقينا بقوة وصلابة النموذج الاردني بكافة اطيافه وشرائحه، كما جعلتنا نمضي في جدية اكثر لمزيد من اصلاح الوعظ والتعليم الديني ومراجعة بعض الكتب والمراجع التي يستند اليها دعاة القتل والتطرف حتى نجتث هذا التطرف من جذوره.
من جهته قال رئيس قسم الفقه واصوله في كلية الشريعة في جامعة اليرموك الدكتور أسامة عدنان الغُنْميّين ان ما تفعله داعش يخالف المعاني الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما تقوم به هو مصادمة صريحة لمقاصد الشريعة الاسلامية ومناهضة لفهم كبار العلماء وتشويه للاسلام ، وما تم فعله هو خطة محكمة نحو تقديم الدين الاسلامي للعالم كله على انه دين قتل وظلم وسفك للدماء.
وبين ان ما فعلته جماعة داعش المتطرفة قد أتى بخلاف ما تقصد اليه هذه المجموعة فقد كان يقصد تشويه الاسلام وبث الخلافات بين أبناء الدين الاسلامي وكانت النتائج مخالفة لما قصدوه ، حيث ازداد الناس علما وفهما للدين ومعاني العفو فيه ، وزاد المجتمع تماسكا فيما بينهم وغدت كلمة الشعب الاردني كلمة واحدة.
وقال عميد كلية الشريعة في جامعة اليرموك الدكتور عبد الرؤوف الخرابشة اننا ندعو بالرحمة للطيار الكساسبة ونرجو الله ان يعين هذا الوطن على تجنب الفتن والمشكلات.
واضاف ان ما فعله هؤلاء بالطيار الكساسبة لا يقبله عقل ولا شرع ، ومعلوم ان النبي صلى الله عليه وسلم وفي وقت وجود اسرى من قريش كان اما ان يعفي عنهم او يفتدوا بالمال او بمبادلة الاسرى ، ومن نافلة القول ان عملية الاقدام على الحرق غير مقبولة شرعا ولا عقلا ، فلا يحرق بالنار الا رب النار .
ان ما جرى مؤثر من ناحية انسانية ولا يوجد فيه حكمة ابدا بل انهم خرجوا عن طور العقل ، وقال ان من يستشهد بان القرآن الكريم لام الرسول عليه الصلاة والسلام حين افرج عن اسرى معركة بدر لهو في ضلال، فاين هم من الرسول الكريم حين اجتهد في هذا الامر واين هم من خلقه وعظمته ورحمته .
وقال ان الرسول عليه الصلاة والسلام بشر من مات حريقا بانه شهيد فكيف بمن يقضي وهو يحارب ملة التطرف والتكفير.
واضاف ان ما قاموا به هولاء امر لا يقبله الاسلام وغير موافق للشرع والجوانب الانسانية ولا يقبله اي انسان مهما بلغت وحشيته، وغني عن القول ايضا انه ليس من حق اي كان ان يكفر انسانا آخر – قال عليه الصلاة والسلام " من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".
وقال عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد الخطيب ان ما تقوم به ما يسمى بالدولة الاسلامية من اعمال متطرفة واجرامية بعيد كل البعد عن الاسلام وما جاء به رسول البشرية جمعاء محمد عليه الصلاة والسلام .
واستشهد بقول الرسول الكريم في حديث اخرجه البخاري بان قال "لا يعذب بالنار الا رب النار" فاين هم من هذا القول ، لقد استشهدوا برأي ابن تيمية ، لانهم لم يجدوا نصا قرآنيا واحدا ولا حديثا نبويا شريفا يجيز لهم ما قاموا به من عمل رخيص في طريقة قتلهم للبطل معاذ.
وقال ان ما عنته الجماعة المتطرفة وما ارادته لم يكن مقصودا به الا بث الرعب في النفس ، الا ان ذلك انقلب عليهم وجاء بشكل عكسي بالنسبة للشعب الاردني ، فحتى من كان مترددا - ان كان منهم احد - باعتبار ان هذه المجموعة المتطرفة ومجرمة عاد الى صوابه وايقن بانهم لا ينتمون الى الاسلام ولا الى الدين .
واضاف ان الله تعالى رد كيدهم الى نحورهم ، وهم يرون كيف تعاضد وتلاحم الشعب الاردني الواحد شعبا متراصا خلف قيادته الهاشمية الحكيمة من اجل الثأر لمقتل الشهيد البطل معاذ الكساسية .
وقال بالمقابل فان نظرة الى طريقة تعامل الاردن حتى مع من اجرم بحقه وبحق الابرياء حين قتلوهم بدم بارد ، بقيت في الاطار الانساني فلا تنكيل بهم ولا تمثيل بجثثهم ، وتم اعدامهم بطريقة حفظت كرامة الميت .
واختتتم بالقول: مَرَّتْ بالرسول عليه الصلاة والسلام جنازة فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا" ، هذا هو محمد وهذه هي الشريعة الاسلامية تحترم الانسان ايا كان ، وفي كل الشواهد التاريخية وعلى مر العصور لم نجد ابشع من ما قام به هذا التنظيم بتنفيذه جريمته البشعة النكراء.
بترا
أرسل تعليقك