طرابلس _ العرب اليوم
أثار قرار مجلس النواب الليبي، القاضي بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، الكثير من التكهنات حول مستقبل المرحلة الانتقالية، لا سيما في ظل إقبال البلاد على إجراء انتخابات قبل نهاية العام الجاري. وسعى تنظيم جماعة الإخوان في ليبيا إلى إثارة "المخاوف" بشأن عودة الانقسام والحرب للبلاد، زاعما أن خطوة البرلمان ستعيق عقد الانتخابات العامة في موعدها المقرر في 24 ديسمبر.
وسارع المجلس إلى قطع الطريق على تفسير سحب الثقة بمثابة عرقلة للانتخابات، حيث ستستمر الحكومة في تصريف الأعمال، كما كشف المتحدث باسمه عبد الله بليحق. وحذر الباحث السياسي الليبي، نزار عبد الغني، من أن الإعلام الإخواني يروج حاليا أن القرار سيعيد البلاد إلى المربع الأول من الفوضى والانقسام، وهو ما لن يحدث، محذرا من "الانجرار وراء هذا الكلام، فالحكومة ستبقى لتسيير الأعمال حتى موعد الانتخابات العامة، وهذا إن جرى اعتماد سحب الثقة بشكل رسمي".
وتابع "الحكومة باقية، ومن يريد الانتخابات عليه أن يتماشى مع قرار سحب الثقة، وهو إجراء برلماني تتخذه المجالس النيابية حول العالم بشكل اعتيادي وبدون مشكلة، إلا أن البعض لا يريد انتخابات، ووجد فرصة في هذا الأمر، ويريد قلب الرأي العام". ويرى الباحث السياسي الليبي، محمد قشوط، أن الأهم في قرار مجلس النواب هو تأكيده استمرار حكومة الدبيبة في تسيير الأعمال والإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة في ديسمبر المقبل، "بمعنى أن الحكومة ستمارس عملها كما كانت، لكن لن يكون من حقها توقيع الاتفاقيات والعقود التي ستلزم الدولة الليبية مع باقي الدول، إلى جانب عدم النظر في المناصب العليا".
وأشار قشوط إلى أن المجلس حال دون دخول البلاد في "أزمة انقسام مؤسساتي"، وذلك في إشارة إلى الانتقادات التي وجهها النواب إلى الحكومة لعدم إتمامها ملف توحيد المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. ورفض الباحث السياسي استرجاع البعض لذاكرة اتفاق "الصخيرات"، الذي يشير إلى دور "استشاري" للمجلس الأعلى للدولة، المسيطر عليه إخوانيا، في مسألة سحب الثقة، قائلا إن هذا الاتفاق جرى تجاوزه؛ لأنه هناك اتفاقا جديدا وقع في جنيف من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي، وبما أن مجلس النواب هو الذي منح الثقة فهو أيضا صاحب حق في سحبها".
ويرى المحلل السياسي الليبي، فيصل بو الرايقة، أن قرار مجلس النواب عادي ويتخذ في البرلمانات حول العالم، وهو حق رقابي أصيل له، ولا مشكلة فيه، وجاء لوضع حد للصرف من المال العام، الذي توسعت فيه الحكومة، مؤخرا. وخلال جلسة استجواب الحكومة، انتقد نواب حجم الإنفاق الحكومي خارج الميزانية، مشيرين إلى التوسع في نفقات تحت باب الطوارئ وأيضا المخصصات لبند التنمية التي وصلت إلى سبعة مليارات دينار، ورد الدبيبة في حينها قائلا إن حكومته تسعى إلى إعادة الحياة لمشروعات تنموية تعطلت منذ أكثر من عشرة أعوام.
ويؤكد بو الرايقة أن الإجراء لن يؤثر على إجراء الانتخابات في موعدها، لأن الأمر قائم ولا يحتاج إلى مصروفات كبيرة، وليس كما حددت الحكومة في مشروع الميزانية الذي قدمته للمجلس، رغم أنه ليس أمامها سوى عدة شهور في السلطة. لكن ما ينظر إليه المواطنون حاليا هو حل المشكلات المعيشية التي تؤرق البلاد منذ سنوات، وهي الكهرباء وأزمة السيولة النقدية ومشكلات قطاع الصحة، كما يوضح الكاتب الصحفي الحسين الميسوري.
ويلفت الميسوري إلى أن المواطنين الليبيين لا ينظرون إلى إقامة الانتخابات بمثابة حدث في حد ذاته، وإنما يراهنون على أن يكون التصويت محطة لحل المشكلات التي يعانون منها في الأساس، مردفا أنه لو كان هناك رضا شعبي على حكومة الدبيبة بالخصوص، لما كان الحديث عن سحب الثقة منها. وقال المتحدث باسم البرلمان عبد الله بليحق في تصريح إلى "سكاي نيوز عربية"، إن البرلمان مارس عمله الرقابي "بشكل طبيعي"، وقام بسحب الثقة من الحكومة، مشيرا إلى أن الأخيرة "فشلت في توفير احتياجات المواطنين".
بأن نوابا أصروا على التصويت على سحب الثقة من الحكومة، بعدما كان المجلس قرر قد الاثنين، تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع الحكومة، بخصوص عدة ملفات، منها أوجه الإنفاق الحكومي خلال الفترة الأخيرة وإبرام الاتفاقيات وغيرها.
قد يهمك ايضا
البرلمان الليبي يقرّ قانون الانتخابات الرئاسية
البرلمان الليبي يكشف كواليس وموعد جلسة مساءلة الحكومة
أرسل تعليقك