الجزائر - العرب اليوم
أعلنت الجزائر، الاثنين، تخصيص تاريخ 15 سبتمبر من كل سنة يوما وطنيا للإمام، كنوع من الاعتراف بالأدوار العلمية والثقافية والدينية للأئمة في المجتمع، وتخليدا لأرواح من رحلوا. وبالمناسبة، قال الرئيس عبد المجيد تبون، إن الإمام "جسد معاني المواطنة وهو يأخذ على عاتقه الإسهام في التربية والتعليم وتحقيق معاني الحق والعدالة والأمن والإصلاح". وتزامن تخصيص 15 سبتمبر يوما للإمام، مع اعتداءات طالت أئمة، والدور الذي لعبه بعضهم في التضامن مع مرضى كورونا، وضحايا الحرائق، والسعي نحو الصلح والتهدئة بعد مقتل وحرق الشاب جمال بن إسماعيل في ولاية تيزي وزو.
وشهدت الجزائر مؤخرا حادثة قتل الإمام خالد صالحي، حيث تم العثور على جثته متفحمة ومطعونة في منطقة رأس الواد بمحافظة برج بوعريريج. وأعادت هذه الصدمة للأذهان، حادثة مقتل الإمام بلال حمودي، الذي قتل خلال إمامته للمصلين أثناء صلاة العصر، بمسجد طارق بن زياد الواقع ببلدية مكيرة، في ولاية تيزي وزو الشهر الماضي. واعتبر الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، البروفيسور بوزيد بومدين، تخصيص يوم للإمام، "فيه رمزية الاعتراف الجديد القديم من السلطة للهوية الدينية الموروثة، التي شكلت الثقافة الجزائرية".
"الجزائر بهذا الشكل تؤكد على الانتماء المذهبي في الفقه للإمام مالك بن أنس والأشعرية التي يعتبرها المغاربة والأفارقة روح الاعتدال والوسطية، والانتماء لصوفية فيها التسامح وقيم الخير والصلح، رغم ما شاب هذا التصوف من انحرافات". وفي تسعينيات القرن الماضي، قُتل العشرات من الأئمة بعدما واجهوا خطاب الإرهاب و"الإسلام السياسي"، وبفضل الانتصار على الإرهاب استرجع الإمام منبره المسجدي الذي اختطف منه من طرف "تيارات الإسلام السياسي".
ومع بداية الألفية، أعيد الاعتبار للأئمة على المستوى الوظيفي، وتم إدماج خريجي الزوايا والمدارس القرآنية في سلك الإمامة بشهادة سنة رابعة متوسط، بالنسبة للذين يحفظون القرآن الكريم ولم يتمدرسوا، وسمح لهم بالتكوين في معاهد تكوين الأئمة. والإمام الذي ينتمي للمرجعية المالكية –الأشعرية –الصوفية (الجنيدية) سيجد معاناة جديدة في مجابهة التيار السلفي –الحنبلي والحفاظ على منبره هؤلاء الذين وجدوا تأييدا غير رسمي في العشرين سنة الماضية في الجزائر.
كما مكنت السلطة في الجزائر الإمام من تأسيس نقابته العمالية التي لا تعرفها بلدان إسلامية أخرى، وقد وصل عدد المستخدمين من أئمة ومنتمين للقطاع إلى 30 ألفا تقريبا ومع ذلك، تعاني بعض المساجد التي بلغ عددها نحو 20 ألفا، من "التأطير الكافي، نظرا للعدد غير الكافي من الذين يحفظون القرآن الكريم، الذي هو شرط أساسي في التوظيف، لذلك يلجأ القطاع إلى أئمة متعاونين (قائم بالإمام)". وأوضح بومدين بوزيد أن تاريخ الإمامة في الجزائر، يعطي "الدلالة الثقافية والاجتماعية على أن الإمام ليس فقط هو من يؤم المصلين في الصلاة، ولكن الذي يقوم بالمهمة التعليمية والإصلاحية".
وتابع: "هذا الجمع بين الإمامة والعلم والوظائف الاجتماعية، هي التي تناسب المضمون الحقيقي لكلمة الإمام". من جانبه، أكد وزير الشؤون الدينية نيابة عن رئيس الجمهورية، بتكريم عدد من علماء الجزائر، أن هذا الاختيار "يهدف لإعطاء المهن الفاعلة في المجتمع حقها من التقدير والعرفان". ويأتي هذا الترسيم بعد أشهر قليلة من تدشين جامع الجزائر، هذا الصرح الديني الذي يصنف في خانة ثالث أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة، بعد الحرم المكي والمسجد النبوي، ويعد أكبر مسجد في إفريقيا.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك