دمشق - العرب البوم
يشكو نازحو مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب العاصمة السورية، من إهمال محافظة دمشق بشكل كبير لمسألة إزالة الأنقاض والركام وإعادة الخدمات له، من أجل عودتهم إلى منازلهم. ويتزامن ذلك مع تواصل عمليات سرقة ونهب بقايا ما تبقى في المحلات التجارية ومنازل المواطنين ولا تزال الطرق الفرعية والجادات في المنطقة الجنوبية من المخيم غارقة بالدمار والأنقاض والركام، على حين جرى تنظيف عدد قليل من الطرق الفرعية والجادات في المنطقة الشمالية بجهود أهلية.
ومنذ أكثر من عام ونصف العام، تمت إزالة الأنقاض من شوارع المخيم الرئيسية (اليرموك الرئيسي، الثلاثين وفلسطين) وفتحها، على نفقة «منظمة التحرير الفلسطينية»، وبعدها جرى تنظيف عدد من الجادات في المنطقة الوسطى من قبل «فرق تطوعية أهلية» وتشاهد حتى الآن، بشكل شبه يومي شاحنات كبيرة تخرج من مدخلي المخيم الشماليين (شارعا اليرموك والثلاثين) وهي محملة بالمواد المسروقة من حديد البناء المستعمل، وإغلاق وواجهات المحلات التجارية، وكذلك بقايا ما تبقى في المنازل من سيراميك وبلاط ورخام وأبواب خشب وحديد وأثاث منزلي.
وبعد استعادة الحكومة السيطرة على المخيم في مايو (أيار) 2018، عقب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة ومن ثم تنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» عليه أواخر عام 2012، أعلنت محافظة دمشق بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2020 عن قرار بإعادة أهالٍ إلى منازلهم، ووضعت 3 شروط لعودتهم؛ هي: «أن يكون البناء سليماً»، و«إثبات المالك ملكية المنزل العائد إليه»، و«حصول المالكين على الموافقات اللازمة للعودة إلى منازلهم» وبدأت المحافظة بعد ذلك في الشهر نفسه، تسجيل أسماء الراغبين بالعودة إلى المخيم، وتم منح بضعة مئات «موافقات أمنية» للعودة من أصل عدة آلاف تقدموا بطلبات حتى الآن. وخلال زيارات عديدة قام بها مسؤولون من المحافظة للمنطقة أكدوا أنها ستقوم بإزالة الأنقاض والركام وتأمين البنى التحتية وإعادة الخدمات للمنطقة.
لكن نازحي المخيم فوجئوا بعد أيام من تلك التأكيدات، بأن عملية إزالة الأنقاض والركام من قبل المحافظة تقوم بها آلية أو آليتان، وفي أحسن الأحوال ثلاثة، بينما لم يتم البدء بإعادة الخدمات الأساسية. ويؤكد لاجئ فلسطيني من نازحي المخيم لـ«الشرق الأوسط»، أن عمل المحافظة الذي بدأته بإزالة الأنقاض والركام وفتح الطرق بعد قرار العودة «بيخزي وشبه متوقف منذ أكثر فترة طويلة» ويضيف النازح الذي يعاني الأمرين من ارتفاع إيجارات المنازل والأسعار وصعوبة الحياة المعيشية: «العمل الفعلي الذي يجري هو سرقة حديد الأبنية المدمرة، وهدم أبنية قائمة لسرقة حديدها، ونهب ما تبقى في المنازل والمحلات»، ويتابع: «كل يوم نشاهد أبنية جديدة تداعت خلال الحرب وقد سويت بالأرض بسبب عمليات استخراج الحديد. في كل يوم تهدم بيوت قائمة من أجل سرقة حديدها».
نازح آخر من المخيم، يوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه ورغم مطالبات الأهالي المتواصلة للحكومة بالإسراع في إزالة الأنقاض والركام وفتح الطرق وإعادة الخدمات، إلا أنه «لا حياة لمن تنادي»، ويقول، «يبدو أنهم يريدون من الأهالي القيام بذلك على نفقتهم، والناس معدمة» بسبب الغلاء، ويضيف: «الناس ممكن تنظف حارة من ردم بسيط، بس (لكن) ما بتقدر تفتح طرق مغلقة بأبنية مدمرة. ما بتقدر تمد (شبكة) كهرباء ومي (مياه) وصرف صحي. الأمر بدو مليارات». وتحدث أمس نازحون يترددون على المخيم لـ «الشرق الأوسط»، أن عددا من المقتدرين بادروا إلى تركيب أجهزة إنارة على الطاقة الشمسية في بعض الشوارع.
ويؤكد نازحون أن عدد العائلات القاطنة حالياً في «مخيم اليرموك» يقدر ما بين 200 - 300 عائلة فقط، ومعظمها عائلات عناصر فصائل فلسطينية، وذلك وسط انعدام مطلق للخدمات والبنى التحتية وسبق أن طالب نشطاء محافظة دمشق برفع يدها عن ملف المخيم بدائرة خدماتها، لأنها أثبتت فشلها الذريع تجاهه خلال العامين الماضيين، مشيرين إلى أنها لم تحرك ساكناً ولم تقدم أي خدمات لتحسين واقع البنى التحتية ورفع الأنقاض والركام من حارات وشوارع المخيم، كما أنها لم تستطع إيقاف سرقة بيوت وممتلكات الأهالي وتوقف «عفيش» واحد وتحيله للقضاء وشدد النشطاء على ضرورة عودة «اللجنة المحلية لمخيم اليرموك» كسابق عهدها تابعة لوزارة الإدارة المحلية مباشرة.
ويقع المخيم على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتبلغ مساحته نحو كيلومترين مربعين، وألحقته محافظة دمشق بها إدارياً خلال الحرب، بعدما كان منذ ستينات القرن الماضي يتمتع بخصوصية إدارية مُنِحت له بقرار رسمي، بأن تديره «لجنة محلية» بشكل مستقل وتم وضع اللبنات الأولى لإقامة «مخيم اليرموك» عام 1957، ومع توسع دمشق أصبح جزءاً أساسياً من مكوناتها الجغرافية والديموغرافية، وأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن، ورمزاً لـ«حق العودة». كما غدا يُعرف بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني» لأنه يضم 36 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب أكثر من 450 ألف لاجئ.
وفي بدايات القرن العشرين، تسارع التطور العمراني في المخيم، وتحسنت الخدمات بشكل ملحوظ فيه، وجرى افتتاح كثير من المراكز والمؤسسات الحكومية والأسواق التجارية، ووصل عدد سكانه إلى ما بين 500 و600 ألف نسمة؛ بينهم أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني وتسببت المعارك التي دارت في المخيم بين الجيش النظامي من جهة؛ وفصائل المعارضة المسلحة وتنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» من جهة ثانية، في حجم دمار يتجاوز نسبة 60 في المائة من الأبنية والمؤسسات والأسواق والبنى التحتية، بينما النسبة المتبقية تحتاج إلى ترميم كبير يكلف مبالغ مالية باهظة للغاية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
"الأونروا" تعلن عن تعرض مرافقها في غزة لقصف إسرائيلي
ضغوط لتسهيل مغادرة الفلسطينيين للبنان وتحذيرات من إسقاط «حق العودة»
أرسل تعليقك