الخرطوم- العرب اليوم
قالت قيادات نافذة في تحالف قوى «الحرية والتغيير» الحاكم في السودان إن قيادات عسكرية رفيعة في السلطة الانتقالية وراء التنظيم والحشد للمؤتمر الذي عقد بقاعة الصداقة بالخرطوم لإحداث انشقاق في جسم التحالف يمهد الطريق لتكوين حاضنة سياسية بديلة، بالتحالف مع عدد من الحركات المسلحة وأحزاب سياسية موقعة على ميثاق «الحرية والتغيير».
وأضافت المصادر أن ترتيباً وتنسيقاً كبيراً يجري بين العسكريين وتلك القوى لهذا المؤتمر لتغيير المعادلة السياسية في السلطة، وقد تسارعت تلك الخطوات عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، ومواجهة المكون المدني لها من خلال المظاهرات الحاشدة التي انتظمت الشارع في 30 من سبتمبر (أيلول) الماضي لإجهاض المخططات التي تريد الانقضاض على الحكم المدني في البلاد.
وأشارت المصادر المتطابقة إلى أن الحشد الكبير لأنصار النظام المعزول والأحزاب الموالية له لحضور مراسيم التوقيع على ميثاق التوافق الوطني وراءه إمكانيات قوى مؤثرة في الدولة لها أجندات معروفة، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها.
وكانت قيادات بعض الأحزاب في قوى «الحرية والتغيير» قد اضطرت للانسحاب من المشاركة في مراسيم التوقيع على ميثاق للتوافق الوطني لوحدة قوى التغيير التي جرت أول من أمس بالخرطوم، بعدما تفاجأت بامتلاء القاعة بعناصر النظام المعزول، والقوى السياسية التي شاركته السلطة حتى سقوطه في أبريل (نيسان) 2019. وأبدى المنسحبون استغرابهم لدعوة فلول النظام المعزول -على حد تعبيرهم- في مؤتمر يناقش وحدة قوى الثورة التي أسقطت حكم البشير.
وأثار الحدث ردود أفعال كبيرة وسط القوى السياسية الحاكمة والشارع السوداني، اتهمت بعض القوى بالسعي لشق التحالف الحاكم، وتكوين حاضنة سياسية جديدة للحكومة الانتقالية لمصلحة جهات تريد أن تنقض على الثورة والتغيير في البلاد.
وتصدر المشهد حركة جيش تحرير السودان التي يتزعمها حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، وشنا هجوماً حاداً على قوى «الحرية والتغيير»، بتمكين أحزاب بعينها في السلطة ومراكز اتخاذ القرار. وقال المتحدث باسم التجمع الاتحادي، كتلة رئيسية في التحالف الحاكم، جعفر حسن، إن الفصائل التي وقعت على ميثاق التوافق الوطني ليست جزءاً من قوى «التغيير»، وهي حركات موقعة على اتفاق جوبا للسلام، وبمقتضاه تشارك في أجهزة وهياكل السلطة الانتقالية.
وأضاف أن هذه الفصائل التي التفت حول الميثاق تسعى إلى صنع أزمة دستورية لتقويض الوثيقة الدستورية لتهيئة الأوضاع لانقلاب «ناعم» للاستيلاء على السلطة.
وأشار إلى أن شق وحدة صف قوى «التحالف الحاكم» وراءه «جهات» مستفيدة -لم يسمها- سعت من خلال تنظيم الحشد إلى اختطاف الحاضنة السياسية، وتبديلها بمجموعات أخرى، من خلال خلق أزمة دستورية في البلاد، تمكن تلك الجهات من «الانقلاب» على الوضع الحالي. وقال إن تلك الجهات حشدت لمساندة مجموعة قاعة الصداقة، محاولة إغراق الحاضنة السياسية بفلول النظام المعزول، ومجموعة الأحزاب التي كانت تنادي ببقاء «البشير» في السلطة إبان الاحتجاجات الشعبية.
ومن جانبه، قال القيادي بحزب الأمة القومي، عادل المفتي: «تفاجأنا بوجود عدد كبير كثيف للفلول، وأشخاص لم نتفق على دعوتهم، لذلك غادرنا»، مضيفاً أنه «كان اتفاقنا أن يحضر المؤتمر التأسيسي الموقعين على إعلان (الحرية والتغيير) فقط».
وقال رئيس الحزب الاتحادي الموحد، محمد عصمت، إن الوضع الحالي ينبئ بحالة الانقسام التي تعيشها مكونات المرحلة الانتقالية، والكل يعلم بالانقسام في الحاضنة السياسية خلال الفترة الماضية الذي يلقي بظلاله على منظومة الحكومة الانتقالية. وأضاف أن هذا الوضع خطير، يتطلب جلوس الجميع للوصول إلى صيغة متفق عليها من كل الأطراف حتى تتجاوز الفترة الانتقالية، لا سيما أن جزءاً كبيراً منها انقضى دون تحقيق كل المطلوبات والأهداف.
وأكد عصمت على ضرورة وحدة وتماسك «الحرية والتغيير»، وقال: «تنادينا لتصحيح المسار، وإعادة هيكلة قوى التغيير حتى تتمكن من إنجاز ما هو مطلوب منها، وسيظل هذا المسعى قائم حتى تتحقق هذه المهمة». وأشار إلى أنهم استطاعوا إقناع حلفائهم بعدم التوقيع على الميثاق، والاتفاق على عدم إضافة أي أحزاب أو مكونات غير موقعة على إعلان الحرية في يناير (كانون الثاني) 2019، وأن ينحصر النقاش حول الخلافات داخل مكونات أحزاب «الحرية والتغيير».
وتجاهل التكتل السياسي الذي تشكل حديثاً باسم «الحرية والتغيير والإصلاح» الإشارة في ميثاقه إلى ضرورة تسليم البشير وبعض أعوانه للمحكمة الجنائية الدولية، وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، ووثيقة اتفاق سلام جوبا، الأمر الذي واجه انتقادات من عدد من الأحزاب السياسية المنضوية تحت قوى «الحرية والتغيير» التي وقعت على الوثيقة الدستورية مع المكون العسكري في مجلس السيادة. واكتفى التكتل الجديد في ميثاقه بالمطالبة بـ«تحقيق العدالة الانتقالية»، ومحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو ما عده مراقبون تخلياً عن «حقوق ضحايا حرب دارفور»، والتخلي أيضاً عن ما نص عليه قرار مجلس الوزراء، واتفاقيات التعاون التي وقعتها الحكومة السودانية مع المحكمة الجنائية الدولية.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك