القاهرة - العرب اليوم
كعادته كل جمعة، اصطحب "سيف" شقيقه الأصغر للعب في الشارع أمام مسكنهما بمنطقة المعصرة، ملأت ضحكاتهما المكان بهجة... الأمور تسير على ما يرام حتى طلب جارهما "محمد" 9 سنوات الانضمام إليهما في "حفل للهو" انتهى بجريمة قتل الأخ الأكبر، المجني عليه سيف يحيى، 11 عاما، تربطه بالجاني محمد فتحي، 9 سنوات، علاقة جيرة، بالإضافة إلى زمالتهما في المدرسة الابتدائية، ذهابا وإيابا مع بقية تلاميذ شارع عبدالكريم حسن.
في الآونة الأخيرة، أصبح الطفل المتهم "محمد" عدوانيًا؛ إذ نشأ في أسرة مفككة، فالأم انفصلت عن الأب قبل نحو 3 سنوات، وتزوجت بآخر، فيما انشغل الأب بالعمل في محل الحلاقة الخاص به، وليلًا يتجه للعمل في بنزينة بشبرا الخيمة تاركًا أطفاله الثلاثة في الشارع دون توعية أو توجيه، في الخامسة مساء الجمعة قبل الماضي (يوم الواقعة)، كان والد المجني عليه "يحيى" أمين شرطة في مأمورية عمل، حين تلقى اتصالًا من أسرته "ابنك اتصاب ووديناه المستشفى"، ثم تلقى رئيس مباحث حلوان المقدم أحمد البنداري، خلال المأمورية اتصالًا ثانيًا "ابن زميلنا يحيي اتوفى"، وعلى الفور انتقلت قوة أمنية لموقع الحادث.
يقول الأمين يحيى إن نجليه "سيف وسيد" نزلا للعب سويًا قرب الساعة الرابعة، فطلب إليهما المتهم "محمد" مشاركتهما اللهو، فوافقا، وقرروا لعب "رهان بالعملة" على أوراق مالية ورق (تشبه الأوراق في لعبة بنك الحظ) فنشب خلاف بينهم أثناء اللعب، فاستشاط الجاني غضبًا وتشابك الطرفان بالأيدي، ثم غادر الجاني المكان، بسكين له أسنان مدببة، عاد ابن الـ9 سنوات موجهًا طعنة في صدر الضحية، فظّل صامدًا، ثم سدد إليه طعنة ثانية نافذة في القلب، سقط على أثرها غارقًا في دمائه أمام شقيقه الأصغر، حسبما روى الأخير لوالده عند حضوره.
"الحقوا أخويا اتضرب بالسكينة" صرخات متتالية من الطفل الصغير لإنقاذ شقيقه، دفعت أحد جيرانهم للهرولة إلى الأسفل، حاملًا الضحية بين يديه في "توك توك" متوجهًا لمستشفى حلوان العام، لكنه لفظ أنفاسه قبل تداركه بالعلاج. في ذاك الوقت لاذ الجاني بالفرار إلى منزل والدته وزوجها في أحد الشوارع المجاورة، لم تكن تلك الواقعة الأولى للمتهم، فقبل الحادث بيومين كان "محمد" يلعب في الشارع مع أحد الأطفال فتشاجرا سويًا فضربه الأخير، ما دفع الجاني لجلب سكين من منزله وأصاب زميله بجرح في ظهره مرددًا على مسامعهم "أبويا قالي اللي متقدرش تضربه.. عوره بالسكينة"، يقول والد القتيل وعدد من الجيران لمصراوي.
يرى الدكتور بسيوني عيد البسيوني، مختص الطب النفسي وعلاج الإدمان، أن الطفل المتهم يعاني من "اضطراب التصرف" والسلوك جراء نشأته في أسرة مفككة، مؤكدًا أنه لا يعفيه من المسؤولية الجنائية أمام المحكمة، وعن شعور الصدمة والفزع الذي ينتاب شقيق الضحية أثناء النوم، يقول "عيد" عضو الجمعية الأمريكية للطب النفسي لمصراوي إنه يجب عرضه على طبيب نفسي لمعاناته من "صدمة ما بعد الكرب" مشيرًا إلى أنه قد يعاني لفترة من الاضطرابات والاكتئاب.
وتمكنت مباحث حلوان بقيادة المقدم أحمد البنداري من القبض على الطفل المتهم، وأمرت نيابة الطفل بحبسه على ذمة التحقيقات، واحتجازه بمؤسسة عقابية بالجيزة، "كان يبكي بشدة" يصف الأمين يحيى حال الطفل المتهم أثناء احتجازه بقسم حلوان قبل عرضه على النيابة لاستكمال التحقيقات، قائلًا: "هو في النهاية طفل مش مقدر جريمته.. لكنه في النهاية قتل ابني مش هقدر أنسى"، وعن كيفية المعاملة الجنائية للمتهم البالغ من العمر 9 سنوات، تنص المادة 101 على أن يُحكم على الطفل الذي لم تجاوز سنه 15 سنة بـ: (التوبيخ أو اللوم أو الاختبار القضائي أو التسليم أو الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية) على ألا تزيد مدة الإيداع على 10 سنوات.
وتشير المادة 107 من قانون الطفل إلى أن إيداع الطفل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للوزارة المختصة بالشئون الاجتماعية أو المعترف بها منها ويجب على المحكمة متابعة أمر الحدث عن طريق تقرير تقدمه المؤسسة التي أودع بها الطفل كل شهرين على الأكثر لتقرر المحكمة إنهاء التدبير فوراً أو إبداله حسب الاقتضاء على أن تراعي أن يكون الإيداع لأقصر فترة ممكنة. وينتهي التدبير حتمًا ببلوغ المحكوم عليه الحادية والعشرين، ويحق للمحكمة في الجنايات بناءً على طلب النيابة العام وبعد أخذ رأى المراقب الاجتماعي الحكم بوضع المحكوم عليه تحت الاختبار القضائي، وذلك لمدة لا تزيد على سنتين.
قد يهمك أيضًا
الأمن المصري يلقي القبض على عامل لاتهامه بقتل والده بسبب خلافات عائلية
قصة شاب هرب من "جحيم" أبيه في إمبابة فقتل نفسه في فيصل
أرسل تعليقك