عمان - العرب اليوم
كشفت الحكومة الأردنية، رسميًا، عن إطلاق مشروع وطنيّ لإنشاء مدينة جديدة "مشروع المدينة الجديدة"، الذي يعدّ أحد أهمّ المشاريع الرياديّة الحيويّة الاستراتيجيّة الوطنيّة، وواحدًا من أهمّ الخطوات المستقبليّة الرامية إلى تقديم نوعيّة حياة أفضل للمواطنين، وتحسين نوعيّة الخدمات، وتوفير السكن الملائم لهم بكلفة أقلّ، ويهدف إلى استيعاب جزء من التوسُّع الحضري المتسارع للعاصمة عمّان ومدينة الزرقاء وغيرها، وتوفير البدائل المناسبة للمواطنين، من حيث النوعيّة الأفضل للسكن والمعيشة بأسعار معقولة، وإيجاد حلول بديلة لمواجهة تحدّيات توفير الخدمات العامّة، وتخفيف الضغط والاكتظاظ الحاليين، وسيتمّ منح جزء من الأراضي السكنيّة المخدومة إلى جمعيّات إسكان موظفي الدولة والنقابات ومؤسّسة المتقاعدين العسكريين وغيرها، ما سيدعم الطبقة الوسطى وقدرتها على التملُّك.
ويأتي هذا المشروع الوطني الكبير ضمن جهود الحكومة الهادفة إلى تحفيز النموّ الاقتصادي، كاستجابة استراتيجيّة للتحدّيات التي تواجه الاقتصاد الوطني، بما يسهم في تعزيز استثمار الموارد والإمكانات الوطنيّة، كما أنّه يهدف إلى إنشاء وتطوير مدينة مستدامة ذكية وجديدة تحوي جميع خدمات البنية التحتيّة، وتقوم على أساس التخطيط طويل الأمد، برؤية تتمحور حول فتح آفاق تنمويّة جديدة للمستقبل، بالإضافة إلى توفير فرص استثمارية محليّة وإقليميّة وعالميّة من خلال تعزيز الشراكات بين الشركات المحليّة والدوليّة، وتطوير أدوات التمويل، الأمر الذي من شأنه أن يحفّز النموّ الاقتصادي ويسهم في تنمية المناطق النائية، وتطوير البنية التحتيّة للمنطقة، وتوفير فرص العمل للمواطنين في مختلف التخصّصات، وسيتمّ تمويله وتنفيذه بالكامل بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث سيكون هناك مطوّرون من القطاع الخاص لتأهيل الموقع والبنية التحتيّة التي سيقام عليها المشروع، بموجب مجموعة من الاتفاقيات على أساس نظام البناء والتشغيل ونقل الملكيّة، بالتعاون ما بين القطاع الخاصّ والبنوك المحليّة والإقليميّة والدوليّة، والمؤسسات الماليّة الدوليّة، والمستثمرين والمقاولين الأردنيين والدوليين.
ويُنفَّذ المشروع عبر خمس مراحل، وتقوم الحكومة في هذه المرحلة بإعداد الدراسات من حيث التخطيط الاستراتيجي والمخطّطات الحضريّة اللازمة، وطرح عطاءات التنفيذ للمشاريع التي ستنبثق عن المرحلة الأولى من هذا المشروع الوطنيّ، ومن المتوقّع أن تكون منتصف العام المقبل، ليتمّ بعدها البدء بالترويج للفرص الاستثمارية المتاحة ضمن المشروع، وسيتمّ طرح المراحل المختلفة للمشروع، سواءً المتعلّقة بالبنية التحتيّة أو المباني والمرافق العامّة، من خلال عطاءات تمويل دوليّة وتنفيذ بمشاركة محليّة ودوليّة من خلال إجراءات وعطاءات شفّافة لضمان النزاهة والتنفيذ الجيّد وفق جداول زمنيّة محدّدة.
وأكّدت الحكومة أنّ هذا المشروع الاستراتيجي لن يكون امتدادًا للعاصمة عمّان أو مدينة الزرقاء اللتين من المتوقّع أن يصل عدد سكّانهما عام 2050م قرابة 10 مليون نسمة، الأمر الذي لن يمكّن هاتين المدينتين من استيعاب هذا العدد ضمن بيئة وبنية تحتيّة ملائمة، وتقدّر مساحة المرحلة الأولى من المشروع بنحو 39 كم مربع، وتشكّل ما نسبته 10% من المساحة الإجماليّة للمشروع، ومن المتوقّع استكمال هذه المرحلة بحسب المخططات الموضوعة حتى عام 2030م، بينما سيتم الانتهاء الكلي من المشروع عام 2050م.
يشار إلى أنّ موقع المشروع، تمّ اختياره بعناية وفق تخطيط دقيق وطويل الأمد بأحدث الأساليب التخطيطيّة، وعلى مسافة قريبة من الميناء البرّي في الماضونة، وسيتمّ إنشاء المدينة الجديدة في موقع متوسّط يبعد حوالي 30 كم عن العاصمة عمّان، و30 كم عن مدينة الزرقاء، وبعد تنفيذ الطريق المباشر من موقع المدينة الجديدة إلى مطار الملكة علياء الدولي تكون المسافة باتجاه المطار 33 كم، كما تمّ اختيار المشروع في موقع استراتيجي على الطرق الدوليّة التي تربط الأردن بالسعودية والعراق، وعلى مقربة من جميع الطرق الرئيسة التي تربط مدينتيّ عمّان والزرقاء، وسيُقام المشروع في جميع مراحله على أرض ملك الدولة، ومحاطة بأراض للخزينة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تسهيل الكثير من الإجراءات عند البدء بتنفيذه في مختلف المراحل، واستثمار موارد الدولة بما يعود بالنفع على أجيال المستقبل.
وتشكّل الوزارات والمؤسّسات والدوائر الحكوميّة النواة والركيزة الأساسيّة لإقامة المشروع، بحيث سيتمّ نقل الكثير منها إلى المدينة الجديدة خلال مراحل مختلفة، مع الإبقاء على دوائر لتقديم الخدمات الحكوميّة للجمهور في عمّان والزرقاء، علمًا بأنّ الحكومة بدأت فعليًّا بالتحوّل نحو تقديم الخدمات إلكترونيًّا، لمواكبة متطلّبات الحكومة الإلكترونيّة.
وتسهم المدينة الجديدة في إنشاء بيئة مريحة ومثاليّة ومستدامة للأعمال، تكون أقل كلفة للسكن، بالإضافة إلى مناطق ترفيهيّة وحدائق عامة، لتكون مدينة ذكية وعصرية، وصديقة للبيئة، مبنية على مفاهيم الاقتصاد المعرفي، وتقدّم أحدث الخدمات والمنتجات الصحيّة، إلى جانب إيجاد وجهات سياحيّة وترفيهيّة متقدّمة، كما ستعتمد على استثمار الموارد الطبيعيّة المتجدّدة في إنتاج الطاقة النظيفة، وإعادة تكرير المياه، وستضم نظام نقل متطوّر وحديث يربطها بالعاصمة عمّان، ومدينة الزرقاء، ومطار الملكة علياء الدولي، بالإضافة إلى شبكة متطوّرة من الطرق السريعة التي تربطها بالمدن المجاورة، كما أنّها ستتميّز بالطابع المعماري الذي يعكس حضارة الأردن وتاريخه، وستتضمّن مناطق خضراء واسعة لخدمة قاطنيها، وتستثمر الخصائص الطبوغرافيّة الخاصّة بالمنطقة حيث تجري المياه الموسميّة في أوديتها.
وبدأ النقاش حول "مشروع المدينة الجديدة" على نطاق ضيّق منذ بداية العام الحالي، ويتمّ التواصل مع أصحاب الاختصاص في مجال تنظيم المدن والتخطيط لها خلال مراحل المشروع المختلفة، ويُعدُّ ترجمة حقيقيّة لوثيقة "رؤية الأردن 2025" التي تضمّنت العمل على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتسريع تطبيق الحكومة الإلكترونيّة، وتطوير المناخ الاستثماري وبيئة الأعمال في المملكة، ولمّا كان هذا المشروع مشروعًا وطنيًّا رياديًّا فإنّ الحكومة ستعمل على تدشين موقع إلكتروني يشكّل منصّة تفاعليّة تمكّن المواطنين من التعبير عن أفكارهم وتوقّعاتهم وتطلّعاتهم حيال المدينة الجديدة.
أرسل تعليقك