هجرة جماعية يحتمل أن يشهدها لبنان خلال الأشهر القليلة المقبلة في ظل تردي الوضع الاقتصادي وفقدان الثقة في تصويب الوضع.
وتشير الأرقام والإحصاءات إلى تراجع كبير على كافة المستويات، فيما يتفق العديد من الشباب والكتاب والخبراء على أن الهجرة الجماعية باتت واقعا، حيث أشارت نقابة الممرضات والممرضين إلى هجرة 1600 ممرض وممرضة منذ 2019، وكذلك أفراد الجسم التعليمي الذين هاجر المئات منهم إلى دول الخليج وشمال الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب "مرصد الأزمة" في الجامعة الأمريكية في بيروت وحدها، سُجل خلال عام رحيل 190 أستاذا يشكلون حوالي 15 في المئة من الجسم التعليمي.
ورغم تباين الآراء بشأن الهجرة غير الشرعية التي قد تحدث، إلا أن الآراء التي تستبعدها ترجع الأمر لعدم القدرة المالية لا لأسباب أخرى، وأنه حال تدبيرها بأي طريقة قد تكون الحل، الأمر الذي يؤشر بارتفاع نسب الجرائم.
من ناحيتها قالت رولا المراد رئيسة حزب "10452" إن "الأرقام والإحصاءات تشير إلى أن نسبة البطالة وصلت إلى ما فوق الـ50 بالمئة، في حين أن الفقر يطال فوق 60 بالمئة من الشعب اللبناني أي أكثر من مليوني ونصف لبناني".
وأضافت في حديثها ، أن "40 بالمئة من الشعب اللبناني دون تغطية صحية والبعض بتغطية صحية لا تكفي مصاريف الاستشفاء".
وأوضحت أن "ذات الاحصاءات أكدت أن أكثر من 95 بالمئة يتقاضون راتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت تقريبا 800 بالمئة من قيمتها".
وأشارت إلى أنه "إلى جانب طوابير البنزين والمازوت والخبز والغاز، فإن الطوابير ذاتها على مراكز الأمن العام من أجل إصدار جواز سفر لبناني".
وأوضحت أن "الشعب اللبناني لم يعد لديه أي أمل في بناء الدولة، في ظل استمرار منظومة الحكم الحالية".
وبحسب رولا المراد، فإن:
"غياب الكهرباء والإنترنت وهي الخدمات الضرورية لأي قطاع حتى لو كان" أونلاين" تسبب في تدهور العجلة الاقتصادية".
"الأسباب المتراكمة قسمت الشعب اللبناني إلى قسمين"، بحب المراد، موضحة أن "الأول اختار الهجرة فيما لم يهاجر القسم الثاني لعدم توفر الظروف المادية والتقنية (فيزا) لسفره".
وفيما يتعلق بأزمة الهجرة غير الشرعية المرتقبة، استبعدت المراد "اللجوء لمثل هذه الخطوة بشكل كبير، نظرا لغياب السيولة المالية المطلوبة لمثل هذه الخطوة".
وأشارت إلى أن "ما يحدث الآن في لبنان هو تفلت أمني غير مسبوق، بدأت صورته تتجلى في القتل والسرقة والدعارة والمخدرات".
في الإطار ذاته، قالت الكاتبة والروائية منال الربيعي، إنه "يمكن الجزم بأن لبنان يعيش مرحلة هجرة جماعية للشباب والعائلات، وكل من يستطع له سبيلا".
وأضافت في حديثها ، أنه "في ظل الظروف القاسية التي يعيشها لبنان على كافة الصعد، وهو ما يشكل ضربة موجعة للقطاعات الحيوية في لبنان الأمر الذي يدفع نحو تجريد لبنان من ثروته البشرية".
وتتفق الربيعي حول
"استبعاد عمليات الهجرة الشرعية، خاصة أن أبواب البلدان العربية والأوروبية مشرّعة لاستقبال الكفاءات اللبنانية بصورة شرعية، إلا أن تجار الأزمات ينشطون عند وقوع البلدان في مثل هذه الأزمات، خاصة لمن لا يمتلك مقومات الهجرة الشرعية".
وترى أن "الشباب اللبناني فقد الثقة بالواقع السياسي والاقتصادي، وخاصة بعد فشل ثورة ١٧" تشرين" التي عوّل عليها اللبنانيون في تغيير واقع الفساد المستشري، إلا أن الطبقة السياسية أفشلت الحلم وقضت على كل تمنيات الشرفاء بالاصلاح والتغيير"، بحسب قولها.
فيما قال جمال فياض الكاتب اللبناني، إنه "من المؤكد أن لبنان سيصل إلى "الهجرة العشوائية" في حين أن الدول الكبرى لن تقبل بالأمر".
وأضاف في حديثه أنه "مع رفض الدول منح التأشيرات للدخول إليها ستبدأ عملية تنظيم الهجرة غير الشرعية عبر المراكب إلى أوروبا".
وشدد على أنه "حال عدم مساعدة الدول على استقرار لبنان، فإنها ستكون وجهة للهجرة غير الشرعية".
وأشار إلى أن:
"هناك بعض الأطراف تساهم بشكل سلبي في التدهور، وأن السيناريوهات المرتقبة تشير إلى الأمن الذاتي، إضافة إلى سيناريوهات أخرى سيقود جميعها للهجرة".
وفي دراسة عن "مرصد الأزمة" في الجامعة الأمريكية ببيروت، أمس الاثنين، يشهد منذ أشهر ارتفاعا ملحوظا في معدلات الهجرة والساعين إليها.
وبحسب التقرير فإن 330 ألف شخص هاجروا من جبل لبنان خلال فترة الحرب العالمية الأولى (1865 - 1916)، فيما كانت الموجة الكبيرة الثانية أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، بنحو 990 ألف شخص.
قد يهمك ايضاً:
أرسل تعليقك