تُعد شعيرة الحج من أكبر الحشود وأكثرها تنوعاً، جغرافياً وعِرقياً وثقافياً على مستوى العالم، ويُعد حشد الحجاج من الحشود المليونية، ويمثل حجم وتنوع حشود الحجيج، طوال فترة الشعيرة، تحدياً هائلاً للجهات الحكومية السعودية بمختلف فئاتها ومسمّياتها التي تسهم بطريقة مباشرة في إنجاح إدارة الحشود طيلة فترة إقامة الشعيرة.
وتعمل السعودية على حشد طاقتها في خدمة ضيوف الرحمن، عسكرياً وصحياً ولوجستياً؛ استعداداً لإدارة أكبر تجمع بشري على وجه الأرض، بأكثر من مليونيْ حاج في مساحة ضيقة، حيث تسهم وزارة الداخلية السعودية، إلى جانب وزارة الدفاع، ووزارة الصحة، ووزارة التجارة، وهيئة الأمن السيبراني، والهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة العامة للإحصاء، وأمانة منطقة مكة المكرمة، ومطار الملك عبد العزيز الدولي، وشركة سار للخطوط الحديدية، وشركة المياه الوطنية، والشركة السعودية للكهرباء، وعدد من الجهات الحكومية، التي تحشد طاقتها البشرية والرقمية في إدارة الحشود وتنظيمها.
وتشهد المشاعر المقدسة، خلال هذه الأيام، أعمال وتجهيزات واستعدادات لاستقبال حجاج بيت الله الحرام، لحج هذا العام 1445، حيث انتهى تجهيز المخيمات وتزويدها بالاحتياجات الضرورية كافة لينعم ضيوف الرحمن بأداء مناسكهم بكل يسر وسهولة في أجواء من الطمأنينة والروحانية.
وتُواصل القطاعات الحكومية والأهلية، المعنية بخدمة الحجاج وضيوف الرحمن، جهودها وفق الخطط التشغيلية، حيث راعت فيها تغطية الجوانب الإدارية والفنية الميدانية؛ بهدف توفير كل ما يحتاج إليه الحاج تحقيقاً لتوجيهات القيادة. وجهزت أمانة العاصمة المقدسة عدداً من الفِرق الميدانية، التي تعمل على مدار الساعة للإشراف والمتابعة على أعمال صيانة الطرق والإنارة، بالإضافة للأرصفة والمرافق العامة؛ للتأكد من سلامتها واستخدامها بكفاءة عالية، وذلك استعداداً لموسم حج عام 1445هـ.
ونُفّذت اختبارات الجودة للطرق المؤدية إلى المشاعر المقدسة، عن طريق مختبر المواد، تحت إشراف مهندسين متخصصين وفِرق فنية مؤهلة، بالإضافة لأعمال معالجة وصيانة أعمدة الإنارة بواقع 4767 عموداً وبرج إنارة بالمشاعر المقدسة، وصيانة 123 جسراً في مكة المكرمة، و20 جسراً في المشاعر المقدسة، بالإضافة لاستكمال أعمال الصيانة لـ58 نفقاً؛ منها 48 للمركبات، و10 أنفاق للمشاة، بإجمالي أطوال 34000 متر.
كما جهزت أمانة العاصمة المقدسة عدداً من مراكز الخدمات بالمشاعر المقدسة وفق التوزيع الجغرافي، وجرى تزويدها بالأجهزة والآليات والقوى البشرية.
في حين أكملت شركات الطوافة استعداداتها من خلال تجهيز مراكز الخدمة الميدانية التابعة لها، استعداداً لنقل ضيوف الرحمن، وتقديم أفضل وأرقى الخدمات لهم، حيث جُهِّزَت مخيمات حديثة بمواصفات عالمية تتميز بالعزل للضوء والحرارة ومقاومة للحريق، وواقية من الأشعة فوق البنفسجية، وترتبط كل خيمة بنظام تبريد خاص، كما تتوفر بها وسائل الأمن والسلامة للتمديدات الكهربائية، والخدمات المساندة، إضافة إلى توفير الخدمات الصحية، والنوعية في الوجبات الغذائية، وطريقة تقديمها للحجاج، وذلك ارتقاءً بمنظومة الخدمات المقدمة لضيوف بيت الله الحرام.
كما تواصل شركات الطوافة فرضيات التأكد من أنظمة تشغيل النقل الترددي في المشاعر المقدسة، حيث تشتمل على تفقُّد طرق ومسارات حافلات النقل الترددي، والتأكد من اتباع الخطط المخصصة لنقل الحجاج، وذلك وفق الجداول والأوقات المحددة من النقابة العامة للسيارات في مكة المكرمة.
وستقوم الهيئة العامة للطرق، وبالشراكة مع عدد من الجهات ذات العلاقة، بالتوسع في تجربة تبريد الأسطح الإسفلتية في عدد من المواقع بالمشاعر المقدسة، حيث قامت الهيئة، وبالشراكة مع الجهات ذات العلاقة، بتنفيذ هذه المبادرة، بجانب مسجد نمرة في مشعر عرفات، وذلك بمساحة 25 ألف متر مربع.
وتهدف هذه التجربة لخفض درجة الحرارة في الأحياء والمناطق السكنية، وتقليل الطاقة المستخدمة في تبريد المباني، وتقليل آثار تغير المناخ، كما تسهم هذه التقنية في توفير بيئة أكثر راحة بمناطق الانتظار، والمناطق التي يتجمع فيها الناس.
وأعلن تجمع مكة المكرمة الصحي جاهزيته لموسم حج هذا العام 1445هـ باكتمال الخطط التشغيلية لجميع المستشفيات والمراكز الصحية التابعة في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لتقديم خدمات طبية متكاملة على أعلى مستوى وفق خطط تنظيمية تشرف عليها وزارة الصحة، من خلال تجهيز 18 مستشفى، و126 مركزاً صحياً في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
وأعدَّت هيئة الهلال الأحمر السعودي، ممثلة بوحدة الإمداد والتجهيز الطبي بحج هذا العام 1445هـ، عملية تموين وتزويد سيارات الإسعاف المشارِكة في الحج عن طريق (صناديق مستهلكات التموين الطبي)، حيث يجري تجهيز كل سيارة إسعاف بثلاث فئات مختلفة.
وجُهزت وحدة التموين الطبي بأكثر من 10 آلاف صندوق يحتوي على عشرة ملايين قطعة من المستهلكات الطبية، بالإضافة إلى وجود رصيد احتياطي يقدَّر بـ5 ملايين قطعة طبية في نقاط الإمداد يَسهل من خلالها تأمين الميدان بشكل مستمر ودون انقطاع.
ويستطيع نظام صناديق المستهلكات، بفئاته الثلاث، تقديم الخدمة الطبية الطارئة لـ(20 - 30) حالة طارئة عادية، و (15 - 20) حالة حادة وحرجة، بخلاف احتواء كل سيارة إسعاف على مواد أساسية من أجهزة صدمات وأسطوانة أكسجين وجهاز قراءة العلامات الحيوية، بالإضافة لأجهزة شفط السوائل والألواح الخشبية والجبائر العنقية وتثبيت الأطراف.
وتُواكب الخطوط الحديدية السعودية «سار»، بالتنسيق مع الشركة المُشغلة، الطلب المتوقع على رحلات قطار الحرمين السريع، خلال موسم حج هذا العام، بخطة من خلال تشغيل أكثر من 3800 رحلة قطار ستسهم في توفير سَعة مقعدية تتجاوز 1.6 مليون مقعد، وذلك بزيادة تتجاوز المائة ألف مقعد، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويُعد قطار الحرمين السريع من أسرع 10 قطارات كهربائية في العالم، إذ تبلغ سرعته 300 كم في الساعة مستخدماً أنظمة إشارات واتصالات متطورة، لذا فهو يُعد مكوناً أساسياً في خطة التطوير وبرنامج التوسع في شبكة الخطوط الحديدية السعودية.
ويربط هذا المشروع بين المدينتين الرئيسيتين في المنطقة الغربية، ويلبي الطلب المُتنامي لخدمة الأعداد المتزايدة من الحجاج الداخليين والخارجيين، ويخفف الازدحام على الطرق في مكة المُكرمة والمدينة المنورة وجدة.
ويُشغَّل قطار الحرمين السريع بعدد 35 قطاراً كهربائياً، تبلغ الطاقة الاستيعابية للقطار الواحد منها 417 راكباً، من خلال 13 عربة؛ مقسمة إلى 4 مقصورات لدرجة الأعمال، و8 مقصورات للدرجة السياحية، ومقصورة مطعم، فيبلغ بذلك عدد مقاعد درجة الأعمال 113 مقعداً، في حين يبلغ عدد مقاعد الدرجة السياحية 304 مقاعد.
وضمن مساعي الخطوط الحديدية السعودية لإثراء تجربة المسافرين عبر قطار الحرمين السريع، فقد دشنت مؤخراً صالة كبار الشخصيات في محطات القطار الواقعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، إضافة إلى محطة القطار في مدينة جدة (السليمانية)، كما قامت «سار» بتحديث وتشغيل صالات مبيعات التذاكر في محطات مكة المكرمة والمدينة المنورة ومحطة جدة الرئيسية، لتكون منفذاً من ضمن منافذ البيع الخاصة بالتذاكر، والتي تضم أيضاً أجهزة المبيعات الذاتية في المحطات، والتطبيق الإلكتروني، والموقع الإلكتروني، ومركز الحجز الهاتفي.
طريق مكة
تُشكّل مبادرة «طريق مكة»؛ إحدى مبادرات وزارة الداخلية، دوراً حيوياً في تسهيل إجراءات دخول الحجاج المملكة العربية السعودية، وهي ضمن مبادرات برنامج خدمة ضيوف الرحمن؛ أحد برامج «رؤية السعودية 2030».
يجري تنفيذ هذه المبادرة بنجاح، بالتعاون مع وزارات: الخارجية، والصحة، والحج والعمرة، والإعلام، إضافة إلى الهيئات الأخرى، مثل الهيئة العامة للطيران المدني، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا»، وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن.
وتعمل وزارة الداخلية على تكريس جميع الإمكانيات لتبسيط إجراءات دخول مستفيدي المبادرة من صالات المبادرة في مطارات دولهم إلى مطاري الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، والملك عبد العزيز الدولي بمحافظة جدة، بأحدث التقنيات، ويُشغلها كوادر بشرية مؤهلة تتحدث بلغات ضيوف الرحمن.
وتسهل وزارة الخارجية إجراءات التأشيرات للحجاج، وتقدم الدعم اللازم لهم قبل وصولهم، بينما تلتزم وزارة الصحة بتوفير الرعاية الصحية والفحوصات؛ لضمان سلامة الحجاج، كما تسهم وزارة الحج والعمرة في تنظيم وتوجيه الحجاج لسير العملية بكفاءة.
بدورها، تنسق الهيئة العامة للطيران المدني الرحلات الجوية وتوفر الخدمات اللوجستية، وتدير هيئة الزكاة والضريبة والجمارك العمليات الجمركية لسلامة الحجاج، كما تستخدم «سدايا» تقنياتها المتقدمة لتحسين وتسريع الإجراءات.
وتهدف مبادرة «طريق مكة» إلى إنهاء جميع إجراءات دخول مستفيدي المبادرة قبل وصولهم، مما يسهم بشكل كبير في تسهيل هذه العملية وتوفير الوقت، بفضل استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وتسعى المبادرة إلى تقديم خدمات مُيسرة وسريعة، وجعل تجربة الحجاج أكثر راحة؛ تحقيقاً لأهداف «رؤية 2030» في تحسين الخدمات المقدَّمة لضيوف الرحمن.
وينعكس نجاح مبادرة «طريق مكة» في التعاون المثمر مع الجهات والهيئات الحكومية، لتقديم أفضل الخدمة لضيوف الرحمن.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
أرسل تعليقك