سعت السعودية والامارات، الشريكتان الرئيسيتان في قيادة التحالف العسكري في اليمن، الخميس الى نزع فتيل الحرب في مدينة عدن بعد المعارك التي شهدتها المدينة الجنوبية وأدت الى خسارة قوات الحكومة سيطرتها عليها لصالح وحدات مؤيدة للانفصاليين.
وخاض الطرفان اللذان يقاتلان جنبا الى جانب المتمردين الحوثيين في مناطق أخرى بدعم من التحالف بقيادة السعودية، معارك دامية بين الاحد والثلاثاء قتل فيها 38 شخصا وأصيب اكثر من 220 آخرين بجروح، قبل ان تتوقف الاشتباكات الاربعاء بطلب من التحالف الذي يقود وساطة بين الحليفين المتحاربين.
وكانت الاشتباكات اندلعت بشكل مفاجئ بعدما حاولت القوات الحكومية منع متظاهرين انفصاليين من بلوغ وسط المدينة واقامة اعتصام للمطالبة باسقاط الحكومة احتجاجا على الاوضاع المعيشية.
وعدن هي العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014. ويقيم رئيس الحكومة أحمد بن دغر في عدن، بينما يقيم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الرياض.
وتمكنت القوات المؤيدة للانفصاليين المعروفة باسم "الحزام الامني" والمدعومة عسكريا من الامارات العربية المتحدة، من انتزاع السيطرة على عدن من القوات الحكومية المدعومة عسكريا من السعودية خصوصا.
وقال مسؤول في القوات المؤيدة للانفصاليين لوكالة فرانس برس "قواتنا تنتشر في مدينة عدن وجميع نقاط التفتيش تخضع لسيطرتنا، ونحن نعمل على تأمين المدينة"، مضيفا "الوضع الامني مستقر ونحن نعمل مع التحالف على تثبيته بشكل كامل".
وظهرت خلال النزاع في المدينة الساحلية بوادر توتر سعودي إماراتي بحكم دعم كل من البلدين لأحد طرفي النزاع، الا ان الرياض وابوظبي اللتين تنفذان العمليات الكبرى للتحالف منذ بداية تدخله في اليمن في آذار/مارس 2015، شددتا على ان الحديث عن خلاف بينهما لا صحة له.
وفي مسعى لتاكيد ذلك ولانهاء النزاع المستجد في مدينة كانت تعتبر قبل معارك الاحد، أكثر مدن اليمن أمنا، أرسل الجانبان وفدا عسكريا مشتركا الخميس قالت وكالة الانباء الاماراتية الرسمية انه "تجول في شوارع" عدن والتقى "جميع الاطراف المعنيين".
وأكد الوفد، بحسب الوكالة، ضرورة الالتزام بوقف اطلاق النار الذي كان دعا اليه التحالف بعيد بدء المعارك، وعودة الحياة والهدوء للمدينة، "والتركيز على دعم جبهات القتال لتخليص اليمن من الميليشيات الحوثية الايرانية ونبذ الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد".
- هدف مشترك -
وبقي التحالف أثناء المعارك التي توقفت بعدما حاصر الانفصاليون القصر الرئاسي حيث يقيم الوزراء، على الحياد، متجنبا التدخل المباشر على الارض لفض النزاع، رغم ان قواته تقيم في معسكرات في المدينة.
وتهدف زيارة المسؤولين العسكريين السعوديين والاماراتيين الخميس الى إعادة "الأوضاع لما كانت عليه" قبل اندلاع الأحداث يوم الأحد الماضي، بحسب الوكالة الاماراتية.
ورأى الطرفان أن ما حدث "لا يخدم مهمة الشرعية والتحالف في استكمال تحرير الأراضي اليمنية"، مؤكدين على ان مهمة التحالف "تتمحور حول إعادة الشرعية لليمن وعودة الأمن والاستقرار".
وقال اللواء السعودي محمد سعيد المغيدي لصحافيين "هدفنا اليوم هو ضمان امن واستقرار عدن وتجنب كافة اشكال الفوضى وإنهاء كل الخلافات بين الافرقاء وبين أبناء الشعب اليمني والحفاظ على كيان الدولة اليمنية".
وتابع ان هدف المملكة والامارات "واحد ورؤيتهما مشتركة وليست لدينا اطماع سوى ان يكون يمن العروبة آمنا ومستقرا وقابلا للتنمية والازدهار".
وقال اللواء الاماراتي محمد مطر الخبيلي ان الرياض وابوظبي "تقودان جنبا الى جنب المصالحة إيمانا بأهمية أمن واستقرار اليمن والحفاظ على السلم والامن الاقليميين".
وكانت المحال التجارية والمدارس في عدن أعادت فتح أبوابها الاربعاء مع توقف المعارك، بينما أعلنت الخطوط الجوية اليمنية انها ستستأنف رحلاتها من مطار المدينة الخميس باتجاه القاهرة.
ويحتج الانفصاليون على الأوضاع المعيشية في عدن، ويتهمون الحكومة بالفساد. وكانوا حددوا، عبر "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يمثلهم سياسيا، مهلة لهادي انتهت صباح الأحد لإجراء تغييرات حكومية.
ويقود محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي الحركة الانفصالية في الجنوب الذي كان يشكل قبل الوحدة عام 1990، دولة مستقلة.
وفي 12 ايار/مايو الماضي، شكل الانفصاليون سلطة موازية "لادارة محافظات الجنوب وتمثيلها في الداخل والخارج" برئاسة الزبيدي، بعد شهر من إقدام هادي على اقالته من منصبه، ما أثار توترا بين الانفصاليين والحكومة.
وقال الزبيدي في مقابلة تلفزيونية ان القوات المؤيدة للانفصاليين ستبقى على موقفها الى جانب التحالف العسكري في مواجهة الحوثيين، متجنبا تأكيد ما اذا كان الانفصاليون يسعون الى إقامة سلطة بديلة في عدن.
وتعمق التطورات في عدن النزاع اليمني المتواصل منذ سنوات وتهدد بتفاقم الازمة الانسانية حيث يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة. وقتل في اليمن منذ تدخل التحالف اكثر 9200 شخص، بينما أصيب أكثر من 53 ألف آخرين.
نقلا عن أ ف ب
أرسل تعليقك