أعلنت السلطة القضائية الإتحادية تعليق الدوام الرسمي لمؤسساتها، الثلاثاء، الذي من المقررأن يشهد تظاهرات شعبية، كان قد دعا إليها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للاحتجاج على قرار المحكمة الاتحادية العليا، بإعادة نواب رئيس الجمهورية إلى مناصبهم. وقال بيان لإعلام السلطة القضائية: "في صباح الأحد، عقدت السلطة القضائية الاتحادية، بمكوناتها كافة، المنصوص عليها في المادة 89 من دستور جمهورية العراق، لسنة 2005، اجتماعًا، وهي المحكمة الاتحادية العليا ، مجلس القضاء الاعلى، محكمة التمييز الاتحادية، رئاسة الادعاء العام، رئاسة هيئة الإشراف القضائي، رئاسات المناطق الاستئنافية، والمحاكم المرتبطة بها، والمحكمة الجنائية المركزية".
وأضاف أن سلطات القضاء تدارست الظروف التي تحيط بها، ووقفت على الأحكام والقرارات التي اتخذت من محاكمها، ولجانها القضائية المختصة، لا سيما الحكم الذي صدر من المحكمة الاتحادية العليا بصدد إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ووجدت أنه صدر بعد ستة أيام من انتهاء الاجراءات المقتضية لإصداره، واستند في الحكم بعدم دستورية القرار الصادر بإلغاء المناصب المذكورة إلى ثلاثة نصوص دستورية، لا اجتهاد في مدلولاتها، وهي المواد (69 - 75 - 142)، مستندًا إلى أولى مهام المحكمة المنصوص عليها في المادة 93 من الدستور".
وأشار إلى أن القرار صدر بإجماع أعضاء المحكمة، بعيدًا عن الشخصنة، وعن أي مؤثر، سوى نصوص الدستور، لأن الغاء تلك المناصب يعني تعديل المواد المتقدم ذكرها من الدستور، دون اتباع آلية تعديل النصوص الدستورية المنصوص عليها في المادة 142 منه". ونظر الاجتماع، وفق البيان، في ما تصدره المحاكم واللجان المختصة، من خلال تطبيق نصوص قانون العفو العام، رقم 27، لسنة 2016 ، ووجد أن هذه الأحكام والقرارات صدرت بدقة وبحياد وشفافية، حفاظًا على حقوق المتهمين والمحكومين، وذوي الضحايا من العراقيين، وأن هذه الإحكام والقرارات كفل القانون حق الطعن عليها، بالطرق القضائية المرسومة.
وأشار البيان الى أن التدخل بغير هذه الطرق القانونية يعني حرف القرار القضائي عن مساره العادل، ويعني التعارض مع مبدأ أستقلال القضاء، ومع مبدأ الفصل بين السلطات، المنصوص عليها في المواد (19/ أولاً) و(47) و( 88) من الدستور. وأجمع المجتمعون على التزاماتهم الكامل بأحكام الدستور والتشريعات الأخرى، وتطبيقها بكل حياد وموضوعية وشفافية، وبناء عليه توصل الاجتماع إلى:
"دعم القوات المسلحة بكل فصائلها والقوات المساندة لها كافة، في تحرير الأراضي العراقية، وتأمين الاستقرار فيها، بالإضافة إلى دعم الحكومة، والتضامن معها، في الحفاظ على سيادة العراق وأمنه، وتأييد أجراءاتها التي تتخذها في هذه المجالات، ومناشدة السلطات والمنظمات والأحزاب وفئات الشعب العراقي كافة الوقوف إلى جانب السلطة القضائية الاتحادية، بمكوناتها كافة، ودعم استقلالها وجهودها في ترسيخ أحكام الدستور، والتشريعات الأخرى، واحترام أحكامها في محاربة الإرهاب، والجريمة المنظمة، والفساد المالي والإداري، وتنفيذ أحكامها وقراراتها، وعدم اللجوء إلى التأثير عليها لحرفها عن أداء مهامها، وفقاً للدستور وللقوانين".
وناشد مجلس النواب بالإسراع في تشريع قوانين "مدونة السلطة القضائية الاتحادية"، وفي مقدمتها قانون المحكمة الاتحادية العليا، وقانون مجلس القضاء الأعلى، وقانون التنظيم القضائي، وقانون الادعاء العام، وذلك بالتنسيق وتبادل الخبرات والتجارب مع السلطة القضائية الاتحادية، ضمانًا لسلامة تطبيقها. وقرر الاجتماع تعليق العمل والدوام في مقر السلطة القضائية الاتحادية، وفي المؤسسات القضائية المحيطة به، في معهد التطوير القضائي، والمحكمة الجنائية المركزية "محكمة الساعة"، وذلك يوم الثلاثاء، وهو المكان المحدد للتظـاهرة، خشية وقوع أحتكاك أو مناوشات بـين المتظاهرين، مع الاحترام لحق التظاهر السلمي،ـ وبين المنتسبين والمواطنين من مراجعي هذه المؤسسات القضائية.
كما ناشد الاجتماع رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحـة، والمسؤولين كافة، بإصدار الأوامر بحماية مقر السلطـة القضائية الاتحادية، والمؤسسات القضائية المحيطة بها، والحيلولة دون الدخول إليها من المغرضين المندسين في التظاهرة، للعبث في السجلات والدعاوى والممتلكات العامة، وحماية القضاة وأعضاء الادعاء العام وعوائلهم، وكذلك المحققين القضائيين، والموظفين من منتسبي السلطة القضائية الاتحادية. وفي الختام، عاهدت السلطة القضائية الاتحادية، بكل مكوناتها، أن تكون وفية في أداء مهامها، ساعية إلى تطوير إمكاناتها، وترسيخ استقلالها، متعاونة مع كل المخلصين، بما يخدم الوطن والمواطن، ضمن مسؤولياتها الدستورية والقانونية.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت، الإثنين الماضي، قرارها ببطلان قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ما يعني عودة نواب الرئيس الثلاثة إلى مناصبهم، وهم رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس ائتلاف "متحدون للإصلاح" أسامة النجيفي، ورئيس حزب "الوفاق الوطني" إياد علاوي.
وأوضحت في بيان لها أن القرار الصادر بالغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، المنصوص عليها في المادتين 69 و75 من الدستور، يعد تعديلاً للدستور بغير الطريق الذي رسمه الدستور لتعديله، والمنصوص عليه في المادة 142 منه، حيث يوجب صدور قرار من مجلس النواب بالتعديل، وباستفتاء الشعب العراقي عليه. وبينت أن القرار جاء بناءً على دعوى أقامها أسامة النجيفي، بعدم الدستورية، ولم يتطرق القرار بعدم الدستورية إلى إعادة أو عدم إعادة نواب رئيس الجمهورية، "علاوي" و"المالكي" و"النجيفي". وأنتقد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بشدة، قرار القضاء، ودعا إلى تظاهرات شعبية "عارمة"، الثلاثاء للاحتجاج علبه. وفي رد الحكومة على قرار المحكمة الاتحادية، قال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، سعد الحديثي: "نسعى إلى التعامل مع هذا الموضوع بما لا يلحق ضررًا كبيرًا بجهود الحكومة العراقية بتخفيض العجز في الموازنة، والإنفاق العام، الذي هو جزء من سياسة الحكومة الحالية، وخلال الفترة المقبلة، لمواجه الأعباء المالية، في الجوانب الأخرى".
ويذكر أن ورقة الإصلاحات، التي تبناها "العبادي"، في آب / أغسطس 2015، شملت إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، فورًا، وتقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة، ومنها الرئاسات الثلاث، والدرجات الخاصة، والمدراء العامين، والمحافظين، وأعضاء مجالس المحافظات، ومَن بدرجاتهم.
أرسل تعليقك