تونس - العرب اليوم
أفصح الرئيس التونسي، قيس سعيّد، عن خشيته من استخدام المحكمة الدستورية لتصفية الحسابات السياسية، ومن بينها عزله من منصبه، إثر الانتقادات الكثيرة التي طالت أداءه بعد نحو سنة ونصف السنة من تسلمه مهامه الرئاسية، ونتيجة «إضرابه عن العمل»، وذلك وفق تصريحات عدد من القيادات السياسية. كما أشار هؤلاء إلى عدم توقيع الرئيس على عدد من القوانين وعدم قبوله أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد إثر التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، وصادق عليه البرلمان برئاسة راشد لغنوشي زعيم حركة «النهضة». وقال سعيّد «يريدونها محكمة تصفية حسابات... وأنا سأغلّب الدستور رغم عدم الاقتناع بعدد من البنود ولكني سأطبق النص»، وهو ما يبقي على الصراع السياسي الدائر بينه وبين رئيس الحكومة المدعوم من قبل حركة «النهضة»، على أشده. وأضاف سعيد، وهو أستاذ في القانون الدستوري، أنه سيغلّب الدستور على كل الاعتبارات الأخرى وعلى كل التشريعات التي هي دون الدستور مرتبة.
وكرر الرئيس التونسي استعمال عبارة «يريدون محكمة تصفية حسابات»، موجهاً الحديث لخصومه السياسيين ومناوئيه. وتابع «الحساب يوم الحساب... والحساب أيضاً بالقانون وباسترجاع حق التونسيين في بلدهم وفي دولتهم». وأضاف لدى استقباله يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن «المحكمة الدستورية ليست لعبة، ستُؤول الدستور وستتحول بفعل اختصاصاتها إلى سلطة تأسيسية ما دامت ستتولى عملية التأويل. لكن النصوص لا تُؤول بناءً على المقاس أو بناءً على الظروف أو بناءً على الحسابات السياسية».وكان قيس سعيّد قد رفض في الثالث من الشهر الحالي التوقيع على القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، وعلل لجوءه إلى حق الرد الذي يكفله له الدستور بمجموعة من الحجج القانونية، أهمها تلك المتصلة بالآجال الدستورية التي نص عليها دستور 2014، فضلاً عن عناصر قانونية أخرى متصلة بما شهدته تونس منذ وضع الدستور إلى اليوم.
وشدد أيضاً على ضرورة احترام كل أحكام الدستور «بعيداً عن أي تأويل غير علمي، بل وغير بريء»، وهو ما أثار الانتباه إلى إمكانية استعمال المحكمة الدستورية لعزله من منصبه الرئاسي. وتتكون المحكمة الدستورية من 12 عضواً، 4 منهم يعينهم رئيس الجمهورية، و4 ينتخبهم البرلمان، و4 يعينهم المجلس الأعلى للقضاء. وكان البرلمان قد صادق على شروط انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية، وخفض عدد الأصوات من 145 إلى 131 صوتاً بعد اقتراح من الغنوشي بتخفيض عدد الأصوات اللازمة دستورياً لتمرير أعضاء المحكمة إلى 109 أصوات يمثلون الأغلبية المطلقة، وهي نسبة أصوات يرى عدد من المراقبين، أن «النهضة» قادرة على تجميعها لتمرير أسماء بعينها ضمن تركيبة المحكمة الدستورية.
ومن بين صلاحيات المحكمة الدستورية إعفاء رئيس الجمهورية من مهامه وإقرار فراغ منصبه في حال المرض أو الموت، وتلقي يمين القائم بمهام الرئيس واستمرار الحالة الاستثنائية والنظر في النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. كما تلعب المحكمة دوراً محورياً في مراقبة دستورية تعديل بنود الدستور والمعاهدات، إلى جانب مراقبة دستورية مشاريع القوانين والإجراءات المرتبطة بالنظام الداخلي للبرلمان. وكان نوفل سعيّد، شقيق الرئيس، قد كشف عن مخاوف جدية من احتمال استعمال صلاحيات المحكمة الدستورية، المنتظر تحريكها بعد أكثر من 5 سنوات من التعطيل، لعزل الرئيس من منصبه.
وقال نوفل، إنه «بالرجوع إلى الأزمة السياسية الراهنة بين سعيد والمشيشي، فإن سبب الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية هو الحرص على توفير الآلية الدستورية الوحيدة لعزل رئيس الجمهورية، وهي المحكمة الدستورية، التي ظلّت غائبة طوال السنوات الأخيرة، بحجج مختلفة؛ لأن الأجواء السياسية لم تكن وقتها تتطلب التعجيل بإقامتها».على صعيد آخر، أكد الصادق جبنون، المتحدث باسم حزب «قلب تونس»، أن سبب الأزمة التي يتخبط فيها الحزب حالياً يعود إلى الانطلاق في عملية «تقييم المسار وبداية الحوار والجدل حول موقع الحزب داخل الإطار الحكومي والبرلماني». واعتبر ما يحدث «مخاضاً سياسياً» انطلق منذ بداية تأسيس الحزب سنة 2019، وذلك في إشارة إلى استقالة رئيس المكتب السياسي عياض اللومي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الرئيس التونسي يزور كاتدرائية "ميلاد المسيح" ويتلقى هدية في إطار زيارته لمصر
ماضي "النهضة" الأسود يلاحقها ومطالبات باعتذار راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي
أرسل تعليقك