تونس _ حياة الغانمي
أكد الناطق الرسمي باسم إدارة السجون والإصلاح التونسية، قيس السلطاني، إنهاء مهام مدير سجن برج العامري، وتكليف العقيد سيف الدين الجلاصي بالإشراف على هذه المؤسسة السجنية. وذكر السلطاني أن إنهاء مهام مدير سجن برج العامري جاء على خلفية التحقيق الذي أذن به وزير العدل، غازي الجريبي، بخصوص تجاوزات في قضية توقيف مدير إدارة الوحدات السجنية عماد الدريدي. ويذكر أن وزير العدل أذن، الجمعة، بإجراء تحقيق إداري فوري على مستوى الإدارة العامة للسجون والإصلاح، وذلك على خلفية ما تم تداوله من أخبار تتعلق بوجود تجاوزات محتملة مرتبطة بمسؤول أمني سابق، مودع في السجن المدني في برج العامري.
وذكرت الوزارة، في بيان لها، أن الإجراء الذي أذن به الجريبي يهدف إلى الوقوف على حقيقة التجاوزات المحتملة والمخالفات الممكنة للقانون المنظم للسجون. وانتشرت العديد من الأخبار عن وجود تجاوزات في السجن المدني في برج العامري، لها علاقة بإيداع مدير أمن الوحدات بالإدارة العامة للسجون والإصلاح السابق، عماد الدريري، السجن إثر صدور بطاقة إيداع في حقه من قبل قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في منوبة، للاشتباه في تورطه في عملية رشوة.
ويعد ايقاف مدير سجن المرناقية السابق نقطة في بحر من حجم الفساد الإداري والمالي، وحتى السياسي، حيث أن عون السجون، هيكل دخيل، وجّه رسالة إلى رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قال فيها حرفيًا إن الدريدي لازال يتمتع حتى بعد إيقافه بمعاملة من فئة الخمس نجوم، وإن مسؤولي سجن برج العامري خصّوه باستقبال خاص يليق بالأبطال وليس بالفاسدين، مضيفًا: "في 21 حزيران / يونيو 2017، قام مدير سجن برج العامري، العميد هشام الرحيمي، بعد تلقي التعليمات من العميد فتحي الوشتاتي، مدير سجن المرناقية، بإفراغ المكتب الخاص بطبيب الوحدة، والذي أعد منذ فترة قصيرة لعيادة المرضى داخل السجن، وأعطى تعليماته لتكون غرفة خمس نجوم على ذمة العميد عماد الدريدي، حيث إن الموقوف في القضية لا يجوز، وفق اعتقاد قياداتنا السجنية، أن يقضي فترة إيقافه في الغرفة المخصصة للزملاء الأمنيين، وفي التاسعة ليلاً، زار الموقوف عدد من القيادات السجنية، نذكر من بينها أنيس الشريقي، ومهدي الشاوش، وحلمي الشريف، وعادل صنديد، وفتحي الوشتاتي، وآخرون، وذلك على متن حافلة تابعة للإدارة العامة للسجون، في زيارة ليلية مخالفة للقانون الداخلي للسجون، وبدون إذن قضائي".
وأكمل شكواه قائلاً: "في الساعة التاسعة والنصف ليلاً، صدرت التعليمات من قبل العميد فتحي الوشتاتي، والعميد هشام الرحيمي، للرائد محمد النغموشي، نائب مدير السجن، بالذهاب إلى منزل السجين على متن سيارة الإسعاف المعدة للحالات الطارئة في السجن لجلب غرفة نوم السجين من منزله، وتجهيزها داخل الغرفة المخصصة له في السجن، وفي منتصف الليل تقريبًا تمت مهمة تركيب غرفة نوم السجين وتجهيزها بتلفاز بلازما من الحجم الكبير، ومكيف هواء، وجميع مستلزمات الرفاهية، وصدرت التعليمات بعدم غلق الغرفة وتركه حرًا طليقًا، وتخصيص زميل من الحراسة الليلية على ذمة السجين لقضاء شؤونه".
ولا شكّ أن مثل هذه المعاملات، وهذا التضامن الذي يميّز علاقات الإطارات السجنية، هو الذي يجعل من المستحيل التفطّن إلى الفساد المستشري هناك، والذي يتطلّب بلا شكّ قوة ارادة لإيقافه. ولا تقف التجاوزات داخل السجون عند الموقوف عماد الدريدي، بل تصل إلى بقية المساجين، ولعل أبرزها إدخال هواتف محمولة ومواد مخدرة وكذلك تمكين بعض الأعوان المساجين من هواتفهم لإجراء مكالمات هاتفية بمقابل مالي، ورغم أن العديد من التقارير كتبت عن هذا الموضوع، وسلمت إلى الإدارة العامة للسجون والإصلاح، لكنها لم تتخذ إجراءات في حق المخالفين، وهناك أيضًا تجاوزات تتم من خلال إدخال ممنوعات، على غرار المواد المخدرة والهواتف المحمولة داخل الأواني أو داخل المواد الغذائية. كما يقوم البعض بإخفاء المواد المخدرة وخاصة الحبوب في الطعام، وهنا يصعب على الأعوان التفطن إليها، وعادة ما تكثر هذه التجاوزات خلال شهر رمضان، حيث تتساهل إدارة السجون نوعًا ما. ومن بين التجاوزات الأخرى منح العون هاتفه الجوال للسجين لإجراء مكالمة هاتفية قصيرة، بمقابل مالي.
أرسل تعليقك