أثار رجل لبناني تعاطفا واسعا، الأحد، بعدما أخذ يصرح في الشارع وهو يشكو عجزه عن توفير الدواء لابنته المريضة منذ 6 أيام، لكن حالة الأب المحبط ليست الوحيدة في البلد الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة.وقال الرجل الذي أوقف سيارته في مدينة طرابلس، إن ابنته مريضة للغاية منذ أيام، وحرارتها تصل الأربعين، ووزنها نقص بثلاثة كيلوغرامات، لكنه لا يجد دواء، رغم توفر المال لديه.
وفي جولة على بعض صيدليات العاصمة بيروت، صادفنا المواطن اللبناني، خليل البرجاوي (48 عاما) داخل إحدى الصيدليات، وهو يبحث عن الحليب لطفلته البالغة من العمر 11 شهرا، فيأتيه الجواب "نعتذر.. غير موجود".
يشكو البرجاوي معاناته وهو يستنزف ساعات يومه على حساب عمله بحثا عن حليب الرضع دون جدوى، فيما طفلته آلاء أصبحت تعاني من مشاكل صحية لعدم تقبلها تناول الحليب الذي تعده والدتها.
وقال رئيس اللقاء الأكاديمي الصحي والهيئة الوطنية الصحية "الصحة حق وكرامة"، إسماعيل سكرية "تم فقدان مئات الأصناف من الأدوية، فيما استفحلت الأزمة وتوسعت".
وأضاف سكرية: "معظم المفقودات من الأدوية ليس لها بديل، وتهدد صحة المواطن؛ من بينها أدوية الضغط والأدوية المسيلة للتجلطات. الوضع بات خطيرا جدا".
واتهم سكرية "الجميع" بـ"التواطؤ"، وقال: "هناك شكل من أشكال التواطؤ بين الجميع دون استثناء، فعمل نقابة المستوردين ونقابة الأدوية والمصرف المركزي ووزارة الصحة ليس بحجم الكارثة".
وشدد على أنه "من الكارثي أن تصل الدولة اللبنانية إلى هذا الأمر، أي فقدان الدواء، وفي حال تم إيجاد حلول سريعة، فستكون ترقيعية على الأرجح".
منجانبه، قال الصيدلي محمد الورداني، من محافظة البقاع "نحن هنا نعاني ربما أكثر من سوانا وليس من مجيب؛ لا النقابة ولا وزارة الصحة".
وتابع: "اختفى حليب الأطفال في كامل محافظة البقاع، وكذلك الأدوية المسكنة، وأمامنا أقل من أسبوع وربما نتجه نحو الإقفال قسرا، فالشركات لا تزودنا سوى بعلبة واحدة، رغم أننا نطلب كميات أكبر".
وأضاف الصيدلي: "نفتقر لأدوية الضغط ولأدوية السكري، والحالة صعبة ما بين وزير الصحة الذي يصر على الدعم، وبين مصرف لبنان الذي لم يعد قادرا على تزويد القطاع بالمال".
بدوره، قال الصيدلي مازن البساط في بيروت، "نحن أمام مأزق كبير؛ الكميات ضئيلة جدا، وتصلنا تقطيرا ولا تكفي للاستهلاك المحلي، أما فيما يخص أدوية الضغط، فلم تعد متوفرة إطلاقا، وكذلك الأدوية المسيلة للتجلطات".
ورأى البساط أن "الحل عند السياسيين، والأزمة تكبر ككرة الثلج والأدوية غير متوفرة".
وبالنسبة لحليب الأطفال، يؤكد البساط حل جزء من المشكلة، بعدما صار متوفرا للعمر الذي يفوق السنة، من جراء رفع الدعم عنه، لكن سعره تضاعف.
وأوضح أن العلبة التي كانت بـ60 ألف ليرة لبنانية، أضحت بـ200 ألف ليرة، أما حليب من تقل أعمارهم عن السنة، فهو "مدعوم وغير متوفر".
وأشار الصيدلي إلى أن "الدواء ما زال يباع بسعر 1500 ليرة مقابل الدولار، بينما المصارف وصلت إلى 1800. وقال: "أقفلت 600 صيدلية من أصل 3600 على كافة الأراضي اللبنانية، وقد نشهد إقفال المزيد خلال الأيام المقبلة".
ومساء الاثنين، أعلن حاكم مصرف لبنان، في بيان، تسديد الاعتمادات والفواتير التي ستقدم إلى مصرف لبنان من قبل المصارف، والتي تتعلق بالأدوية، لا سيما أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وفقا للأولويات التي تحددها وزارة الصحة العامة، استنادا إلى قرار الحكومة المبلغ إليه، يوم الجمعة.
ويشترط القرار دعما ضمن مبلغ لا يتعدى 400 مليون دولار، يغطي أيضا مستوردات أخرى؛ بما فيها الطحين، وبما يضمن احترام نسبة التوظيفات الإلزامية.
وكشف نقيب الصيادلة، غسان الأمين، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن ما يقارب 80 في المئة من صيدليات لبنان "لم تعد قادرة على الاستمرار"، مشيرا إلى أن هذا الرقم "مخيف جدا".
وأضاف النقيب: "علينا العمل لعدم تجويع الصيادلة، وإلا ذهبوا لأساليب ملتوية، وعلى الجميع حمايتهم كونهم مؤتمنين على صحة الناس".
ونوه بإعلان مصرف لبنان، بعد طول انتظار، حين أعلن عن استعداده لدعم بحدود 50 مليون دولار شهريا، وبحثه في موضوع الأدوية المستوردة، معتبرا ذلك "خطوة إيجابية".
ورأى أن الحل "يكمن في رفع الدعم عن الأدوية غير المزمنة، التي لا تمس مرضى الضغط والسرطان، وإنما تكتفي بالمراهم والمسكنات، وبتشجيع الصناعة الدوائية الوطنية.
قد يهمك ايضا
تجمّع لذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت في ذكرى مرور 11 شهراً على الكارثة
قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت يرمي "كرة التعطيل" عند السلطة السياسية
أرسل تعليقك