الرياض – العرب اليوم
وضع الساسة حول العالم مسؤولياتهم جانباً وهبوا عند سماع خبر وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبايعة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير مقرن إلى الرياض، التي تحولت خلال ساعات أشبه ما يمكن وصفه عاصمة عالمية، واستحالت سماء العاصمة من هدوء يميزها هذه الأيام إلى ازدحامٍ شديد بفعل الطائرات التي تهبط من هنا وهناك.
أوحت الصورة التي ظهر عليها قادة دول اسلامية الذين توافدوا إلى الرياض أمس الأول وأظهرتهم واقفين للصلاة على الملك عبدالله، إلى التقدير الكبير الذي تحظى به هذه البلاد من الجميع، وتحول الصف الأول في مسجد الأمام تركي بن عبدالله إلى اجتماع اسلامي وشكل فرصة كبيرة للقاء قادة ربما فرقتهم السياسة وجمعهم حب المملكة واحترام رجل أجبرهم على حبه وتقديره.
مع بداية العام الميلادي يفتتح قادة الدول نشاطاتهم السياسية حول العالم بين مشاركة في مؤتمرات دولية وجولات وزيارات تم الإعداد والترتيب لها خلال أشهر عدة، وصادف أن حدثت التغييرات السياسية التي مرت بها المملكة وكثير من قادة أهم الدول حول العالم خارج بلدانهم، فقد رأينا كيف قطع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولته الأفريقية المهمة والتي يعوّل عليها كثيراً من أجل رفع مستوى الحضور التركي في القارة السمراء، واتجه إلى المملكة ليشارك في وداع رجل قال عنه "حرص الملك عبدالله على خدمة شعبه وتنميته ورفاهيته؛ وساهم بشكل قوي في تعزيز التعاون والتضامن في العالم الإسلامي، كما بذل جهودا كبيرة من أجل حل المشاكل في منطقتنا وعالمنا الإسلامي وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأزمة السورية".
كما رأينا كيف جاء الحدث الجلل في المملكة العربية السعودية ليغير كثيراً من أجندات المؤتمرات الدولية إذ ألغى بعض القادة مشاركاتهم في مؤتمرات دولية كمؤتمر دافوس العالمي كما فعل الملك عبدالله الثاني الذي أعلنت بلاده الحداد أربعين يوماً، ومثله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي كان آخر الشخصيات الدولية التي زارت الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المستشفى، وما أن بلغه نبأ وفاته حتى أعلن توجهه إلى الرياض من دافوس حيث كان يشارك هناك مختصراً بقاءه في هذا اللقاء الذي يضم النخب السياسية والاقتصادية من كافة أنحاء العالم.
وانضم كثير من القادة إلى نظرائهم في مشهد يندر بحق أن نشاهد مثله على المستوى الدولي. لقد عدلت التغييرات التي مرت بها المملكة خلال 48 ساعة الماضية جداول قادة دول عدة حول العالم، وجعلت السفر إلى المملكة على رأس أولوياتهم، فالرئيس الأميركي باراك أوباما سينضم غداً لقائمة القادة الذين سيصلون إلى المملكة بعد أن اضطر إلى اختصار رحلته المهمة إلى الهند حيث كان الجميع يترقب منذ فترة مفاعيل هذه الزيارة، إدراكاً منه بضرورة أن يكون بنفسه، معزياً في وفاة رجل وصفه بالرجل الصادق.
لقد كانت الوفود المتقاطرة من كل حدب وصوب إلى المملكة العربية السعودية مثار غبطة للمحبين وحسد لكل متربص بهذه البلاد التي اجمع الناس على حبها وتقدير قادتها ولم يكن لذلك أن يحدث لولا مواقف المملكة الثابتة والراسخة والصادقة تجاه كل الدول.
أرسل تعليقك