أسامة الرحباني غاضباً ويؤكد إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته
آخر تحديث GMT08:36:06
 العرب اليوم -

أسامة الرحباني غاضباً ويؤكد إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أسامة الرحباني غاضباً ويؤكد إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته

أسامة الرحباني
بيروت - العرب اليوم

عيد الموسيقى والذكرى الخامسة والثلاثون لرحيل عاصي الرحباني، مناسبتان لحوار فنان مثقف، من بعد ورؤية، ابن الجذور والمدرسة والإرث: أسامة الرحباني. تنظم صفحة «التجمع من أجل لبنان» الفيسبوكية من فرنسا، نقاشات كل ثلاثاء سعياً وراء الخلاص اللبناني. الوسيلة: تطبيق «زوم»، رفيق الأوصال البشرية بعدما استبدت الجائحة. صنف اللقاءات سياسي، يطرح إشكالية التركيبة ويبحث عن حلول. هذه المرة، الكلمة للفنان، فيشرح العلة ويصب غضبه على المقسمين وقتلة الثقافة.

يمتد النقاش نحو ساعة ونصف ساعة، بإدارة إيلي حداد الخائف على لبنان من المهجر. يطرح ألان حردان الأسئلة، ويترك لأسامة الرحباني الاستفاضة في شرح الجرح. يرفض ابن منصور أن يكون لبنان الحقيقي ما نشهده اليوم: طوابير وذل ولهب. وعلى عكس خيبة البعض، يؤكد أن لبنان الرحابنة هو الوطن ساطع الحضور في العلا والسمو. وينطلق في الإبحار. جلسة ثقافة وفكر ورصانة، يمزج فيها الضيف مسارات التاريخ بالفن والموسيقى والجمال. يمر على السيستم الأميركي وازدواجية الديمقراطيات، ثم حرب فيتنام، فصعود حركة «الهيبيز»، حتى بدايات نشأة الكيان اللبناني وبناء المؤسسات مع فؤاد شهاب، وصولاً إلى التقاتل الداخلي، فالتمزق الطائفي والانهيار الحالي، متسائلاً: «أي تناقض هو اللبناني؟ كيف يعيش من الاثنين إلى الجمعة في الجحيم، ويتأقلم في الويك إند؟ شعب فظيع».

نشأ في منزل ديكوره من الكتب، والبيانو له مكانة كبيرة. تمر في ذاكرته صور والده منصور «المفكر الأكبر»، الغارق في أبحاث الفلسفة والتاريخ والسياسة والميثولوجيا واللاهوت. يخبر أن الأخوين رفضاً تورط أولادهما بالفن، وأرادا تجنيبهم الاحتراف المكلف. «يا أولادي، الفن هو التعاطي مع القلق. لا تكونوا فنانين». التواقون إلى الكمال معذبون. اصطياد الفكرة من العبث والمطلق، فتجسيدها على الورق، شقاء. ضريبة فهم المبهم باهظة.

يفتخر بثلاث سنوات أمضاها في دراسة التاريخ بالجامعة اللبنانية، قبل السفر إلى أميركا. يطول النقاش بعبرة مسرح الأخوين ومحاكاتهما التراث والقرية، ثم مرحلة المسرح الملحمي، ومسرح المدينة، فمسرح ما بعد الحرب. «بعد رحيل عاصي، دمج منصور الحقول الفنية، فولد مسرح غنائي مختلف كلياً».

ينتج أسامة الرحباني أعماله، ويوضح: «الإنتاج ليس مالاً، هو أفكار». يلتهمه القلق الذي أراد الأخوان ألا يتجرع الأبناء سمه. فأسامة يتدخل في الشاردة والواردة، يلاحق الكوريغرافيا والديكور والملابس والموسيقى والإخراج. يتعب وربما يتعب. يرعبه «ثقل» الإرث: «إنت ابن مين؟»، فهو إن نجح، رد بعضهم النجاح للأصل، وما الفرع سوى مقلد؛ وإن أخفق، قارنوا بين الجيلين، فدلوا على تفوق الأول وتعثر الثاني. «كان المهم هو ما أريد قوله. ماذا أريد الموسيقى أن تقول؟ والصوت أن يقول؟». لذلك تنبه، فنهل من النبع وزينه بعطائه. بصم وشق طريقه نحو الهوية الخاصة.

أمضى عاصي ومنصور العمر يتأملان الغيم على التلال ويراقبان فلسفة الطبيعة. يغادران منزلهما صباحاً، ويعودان ليلاً. من التفاصيل، شحنت أفكار عظيمة، نظماها في قالب شعري خالد. «أدخلا الفكر إلى الفن. جعلا للكلمة ثقلاً، وحملاها بعداً إنسانياً».

حين افتتح إيلي حداد النقاش، تحدث عن علمين للبنان: الأرزة والرحابنة. وقال إنهم كأبناء انتشار يقدرون الإرث ويثمنون المدرسة أكثر من أبناء الأرض. وقد يبدو هذا الرجل وسائر الحالمين أمثاله، «مسكيناً» بالنسبة إلى اليائسين والمكتوين في لبنان الحزين. كيف لا يزال ينشد وطناً نراه من الداخل مستحيلاً؟ أسامة الرحباني «واقعي» في «فضحه» التركيبة المريضة. يذكر بصفات العائلة: «نحن متمردون، رفضيون، نعنى بالإنسان ومشاكله أينما وجد». ويستعيد قولاً لمنصور: «ما مات رجل في العالم، إلا ومات بي». يتساءل إن علم الجمهور اللبناني أنه في صدد التحضير لمسرحية ضخمة، هل سيهتم؟ هل لديه المال لشراء التذكرة؟ وبأي سعر سنبيعها؟ أراد الأخوان مسرحاً للعامل الفقير وعائلته، قبل أثرياء الحال. «ونحن نريد ذلك، لكن كيف؟ هل بإمكان الموظف دفع ثمن التذاكر لأسرة كاملة؟». يروعه «التسطيح»: «لا يكفي القهر الاقتصادي، فابتلع التسطيح كل القطاعات. المعادلة ثابتة: إذا أردت قتل شعب، فاقتل ثقافته». اليوم يقتلون الثقافة والدواء والكرامات.

يسأله ألان حردان عن تصوره للخروج من الأزمة: «كيف ترى لبنان الغد؟». يا لقسوة السؤال! يتحرك غضب أسامة الرحباني وهو يتحدث عن منطق «النكاية» في تكوين السيستم اللبناني. يستعيد قولاً لوالده في مسرحية «عودة الفينيق»: «لبنان تعاسته موقعه، وسعادته موقعه». ألقه الخاص لعنة. كم يبدو الوطن الرحباني بعيد المنال، كعاشق تنهشة الوحشة في الغربة! ذات مرة، قال الصحافي رفيق خوري عن اللبناني أنه مستعد للذهاب إلى حرب أهلية، لكنه لا يثور. غريب نوعاً ما طرح من هذا النوع، يحرك مخيلة أسامة الرحباني: «حان الوقت ليتبع لبنان فكرةً، بدل الزعيم»! هنا فقر وتهريب وجريمة وإهانة، مع ولاء أعمى وهتافات. أراد الأخوان تربية «جيل المسرح»، وحاول الأبناء إكمال المسيرة. مبك المسرح اللبناني، كان ينقصه الكوفيد ليختنق. الأمعاء الخاوية تريد رغيفاً. الفن لا يسد الجوع.

قد يهمك ايضاً

حفل غنائي يجمع هبة طوجي وأسامة الرحباني في مصر في هذا الموعد

أسامة الرحباني رئيسًا لمجلس المؤلفين والملحنين في لبنان للمرة الثالثة

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسامة الرحباني غاضباً ويؤكد إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته أسامة الرحباني غاضباً ويؤكد إذا أردت قتل شعب فاقتل ثقافته



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab