اعلن الاتحاد الاوروبي الاثنين اطلاق عملية بحرية لا سابق لها الهدف منها محاربة المهربين الذين يتسببون بمقتل مئات المهاجرين الساعين للهجرة الى اوروبا عبر البحر الابيض المتوسط، رغم المخاطر التي تحدق بهذا النوع من الرحلات.
واتخذ هذا القرار بعد شهر بالتمام من مقتل نحو 800 مهاجر عندما غرقت السفينة التي كانت تقلهم قبالة السواحل الليبية.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان العملية البحرية "ستجعل من المستحيل على المنظمات الاجرامية استخدام الادوات التي يستخدمونها للتسبب بقتل اشخاص في البحر".
واضافت في حسابها على تويتر "تم اتخاذ القرار القاضي بقيام عملية بحرية للاتحاد الاوروبي بهدف تعطيل نمط عمل شبكات المهربين في المتوسط".
وقالت موغيريني ايضا خلال مؤتمر صحافي "الان بدأت التحضيرات. آمل في ان يكون كل شيء جاهزا لاطلاق العملية اعتبارا من حزيران/يونيو" بعد تحديد مساهمات الدول الاعضاء في العتاد والعديد.
وشددت على ضرورة "اصدار قرار تحت الفصل السابع" للامم المتحدة لاعطاء المهمة "اطارا قانونيا" ثابتا.
والنص الذي تبناه وزراء الخارجية الاوروبيون بعد اجتماع مع نظرائهم في الدفاع يقترح بحذر عدة مراحل لنشر هذه المهمة غير المسبوقة للتحقق من ان العمليات البحرية الاوروبية تحترم القانون الدولي.
وجاء في النص ان الاوروبيين سيطلقون دون الحصول على الضوء الاخضر من الامم المتحدة اعتبارا من حزيران/يونيو "عملية رصد ومراقبة لشبكات الهجرة من خلال جمع معلومات وتسيير دوريات في اعالي البحار".
الا ان اي عملية اكثر حزما لن تنفذ قبل تبني قرار في مجلس الامن الدولي. وهذا التصويت لن يحصل قبل نهاية الاسبوع وفقا لمصدر اوروبي.
وابدت موغيريني تفاؤلا صباح الاثنين مؤكدة انها لم تلق "اي مقاومة سياسية مهمة" عندما ايدت قبل اسبوع طرح المشروع في مجلس الامن الدولي.
وفي حال وافقت الامم المتحدة، يمكن للاوروبيين "الصعود على متن المراكب التي تستخدم في تهريب البشر وتفتيشها ومصادرتها وارغامها على تغيير مسارها في اعالي البحار وايضا في المياه الاقليمية الليبية".
واضاف النص انهم يريدون "التخلص من المراكب او الوسائل الاخرى التي يلجأ اليها المهربون او جعلها غير قابلة للاستخدام".
ويامل الاتحاد الاوروبي ايضا الحصول على "الموافقة" المسبقة للسلطات الليبية في حين ان هذا البلد، الذي اصبح المركز الرئيسي للهجرة، يغرق في فوضى امنية وسياسية مع برلمانيين وحكومتين موازيتين.
وفي اطار هذه المهمة البحرية التي اطلق عليها اسم "ناف-فور ميد"، سيتم نشر قطع بحرية عسكرية وطائرات مراقبة تابعة لجيوش دول اوروبية قبالة السواحل الليبية، التي تنطلق منها مراكب المهاجرين.
وافادت المنظمة الدولية للهجرة ان اكثر من 34500 مهاجر وصلوا الى ايطاليا منذ مطلع العام فيما قتل او فقد 1770 مهاجر، اي اكثر من نصف القتلى المسجلين في 2014 وعددهم 3300.
الا ان الحكومة الليبية المعترف بها دوليا سارعت الى معارضتها لهذا الخيار العسكري كحل لازمة المهاجرين.
وقال حاتم العريبي المتحدث باسم هذه الحكومة في تصريح لوكالة فرانس برس "اي تعامل عسكري (مع مسالة الهجرة غير الشرعية) ينبغي ان يكون بالتعاون مع السلطات الليبية المختصة"، مضيفا "لن ترضى الحكومة باي خرق للسيادة الليبية".
وتابع المتحدث ان الحكومة "لن توافق على الخطة الا اذ كانت بالتنسيق معها"، مشيرا الى ان هذه الحكومة التي تعمل من شرق البلاد "اكدت في اكثر من مناسبة ان اي تعامل مسلح مع القوارب داخل المياه الليبية او خارجها لا يعتبر عملا انسانيا".
وبعد ان كانت متحفظة يبدو ان روسيا باتت مستعدة لدعم مشروع قرار في مجلس الامن لا يشير بشكل واضح الى احتمال تدمير سفن.
وتجمع المنظمات غير الحكومية على ادانة هذه العملية البحرية وتعتبر انها لن تنجح سوى في دفع المهاجرين الى تغيير الطرق التي يستخدمونها وستزداد بالتالي المخاطر المحدقة بهم في رحلاتهم. اما منظمة هيومان رايتس ووتش فاعتبرت ان هذه العملية عبارة عن "جنون محض".
واشار وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الى سعي الاوروبيين الى ايجاد رد شامل على هذه المشكلة.
وقال ان "مهام الانقاذ وحدها لن تغير شيئا، وكذلك المهمة العسكرية وحدها. علينا الحصول على التزام من الدول التي يتحدر منها المهاجرون وعلى العمل لقيام استقرار ليبيا".
والعملية لن تكون من دون مخاطر، فقد سبق ان قام المهربون باطلاق النار على خفر الحدود الايطالي لدفعهم للتخلي عن سفينة تم اعتراضها.
كما يخشى اخرون ان يحاول عناصر من تنظيمات جهادية متطرفة الانتقال الى اوروبا في زوارق المهاجرين السريين.
وقال ينس ستولتنبرغ الامين العام للحلف الاطلسي "قد يحاول مقاتلون اجانب وارهابيون الاختلاط بالمهاجرين".
واختيرت روما مقرا ل"ناف-فور ميد"، وستكون بامرة الاميرال الايطالي انريكو كريدندينو الذي ينتظر حاليا عروض الدول الاوروبية لتقديم السفن والطائرات اللازمة للقيام بهذه المهمة.
وسبق ان عرضت فرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا تقديم سفن للمشاركة في المهمة، في حين عرضت بولندا وسلوفينيا ارسال طائرات ومروحيات.
وسيكون على الاميرال الايطالي ايضا تحديد منطقة عملياته وبالتالي معرفة قدرة السفن الاوروبية على الاقتراب من السواحل الليبية.
وصرح وزير الدولة الفرنسي للشؤون الاوروبية هارلم ديزير ان الهدف يكمن في "مكافحة الشبكات التي تاخذ المهاجرين الى حتفهم".
وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ان "البحرية الملكية تقوم حاليا بانقاذ ارواح في البحر لكن علينا ايضا ان نتفق على تحركات لملاحقة عصابات المجرمين".
أرسل تعليقك