اعتبرت حكومة جنوب السودان الثلاثاء مشروع اتفاق السلام الذي وافق عليه المتمردون لانهاء الحرب الاهلية الدموية في البلاد بمثابة "استسلام" وذلك رغم الضغوط الدولية على الطرفين للتوصل الى الاتفاق.
وصرح وزير الاعلام في جنوب السودان مايكل ماكوي للصحافيين بعد عودة الرئيس سلفا كير الى جوبا بعد محادثات السلام في اثيوبيا "نؤمن بشدة بان هذه الوثيقة لا يمكن ان تنقذ شعب جنوب السودان".
واضاف "انها استسلام ونحن لن نقبل بها" مضيفا ان الحكومة ستناقش الاتفاق مع الشعب لمدة 15 يوماً.
ومع نفاد صبر المجتمع الدولي بشان النزاع الذي ادى الى مقتل عشرات الالاف، هدد بفرض عقوبات في حال عدم التوصل الى اتفاق بحلول الاثنين، داعيا الحكومة السودانية الى التوقيع على الاتفاق.
وقال الاتحاد الاوروبي الثلاثاء ان "الفشل في التوصل الى اتفاق سيترتب عليه عواقب"، فيما قالت الولايات المتحدة انها "ستفكر في طرق رفع ثمن التعنت".
ووصف المبعوث الاميركي للشؤون السياسية ديفيد بريسمان الاخفاق في التوقيع على الاتفاق الذي ينهي 20 شهرا من النزاع بانه "مشين" واضاف ان الوقت قد حان لممارسة الضغوط على اي شخص يعيق التوصل الى اتفاق السلام.
واكد ان على مجلس الامن "التحرك لتعبئة مواردنا الكلية وزيادة الضغط على من يعرقلون السلام".
ودعا الدبلوماسي الاميركي كذلك الى اتخاذ خطوات لضمان محاسبة ومقاضاة المسؤولين عن الفظاعات التي ارتكبت خلال الحرب التي اودت بحياة عشرات الالاف.
وعلقت سوزان رايس مستشارة الرئيس باراك اوباما "اصبنا بخيبة امل كبيرة لكون حكومة جنوب السودان برئاسة الرئيس كير اضاعت مرة جديدة فرصة للسلام عبر رفض توقيع هذا الاتفاق"، منددة بما اعتبرته "انعداما للقيادة".
بدوره قال نائب السفير البريطاني بيتر ويلسون "اذا لم توقع الحكومة على الاتفاق فعلينا جميعا ان نكون حازمين في الخطوات التالية".
واضاف "لا يمكننا ان نجلس بينما يتقاتل القادة وتزداد معاناة شعبهم".
الا ان الصين التي لها مصالح نفطية في جنوب السودان قالت انه يجب اتاحة الوقت للحكومة للموافقة على الاتفاق.
وصرح السفير الصيني ليو جيي "افضل حل سيكون التوصل الى اتفاق".
من ناحيته رحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بتوقيع مشار على الاتفاق واعرب عن امله القوي "بان يوقع الرئيس كير على الاتفاق بنهاية مهلة ال15 يوما".
ومن المقرر ان يناقش مجلس الامن الدولي فرض عقوبات على جوبا في اجتماع الثلاثاء المقبل.
ومساء الاثنين وقع امين عام الحزب الحاكم في جنوب السودان باغان اموم ونائب الرئيس السابق رياك مشار الاتفاق. لكن الوسطاء اعلنوا ان اموم لا يمثل الحكومة. وتم التوقيع تحت انظار الرئيس سلفا كير الذي صافح مشار.
الا ان كير حذر في بداية المحادثات انه لن يكون من الممكن التوقيع على اتفاق سلام لا يتمتع بمصداقية بسبب انشقاق قوات المتمردين.
وصرح ماكوي الذي ترأس وفد الحكومة الى المحادثات "قدمت لنا الوثيقة واعترضنا عليها، لانها تتضمن بنودا مثيرة للخلاف ولانه تبقى هناك مواضيع عالقة يجب التفاوض عليها للوصول الى اتفاق حولها".
واضاف "اذا قلتم انتم يا شعب جنوب السودان ان علينا ان نوقعه، فسنفعل ذلك، ولكنني اشك في ان الشعب سيقول ذلك".
ومن بين القضايا الخلافية تفاصيل اقتراح تبادل السلطة بين الحكومة والمتمردين والذي يمكن ان يؤدي الى عودة مشار الى السلطة نائبا للرئيس.
الا ان الجنرال بيتر غاديت الذي يحظى بنفوذ كبير بين المتمردين وغيره من القادة المهمين اتهموا مشار الاسبوع الماضي بالسعي للحصول على السلطة، وقالوا انهم لن يعترفوا باتفاق السلام.
وكانت دول الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (ايغاد) تقدمت بمشروع اتفاق السلام بالاشتراك مع الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والصين ودول "الترويكا" وهي بريطانيا والنروج والولايات المتحدة.
وبدأت الحرب في جنوب السودان في كانون الاول/ديسمبر عام 2013 حين اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، ما اثار موجة من اعمال العنف امتدت من جوبا الى كل انحاء البلاد واتخذت احيانا طابعا اتنيا وشهدت ممارسات وحشية.
وبعد توقيع سبعة اتفاقات لوقف اطلاق النار لم تصمد طويلا، بدت المفاوضات الاخيرة باشراف وسطاء اقليميين الفرصة الاكثر جدية لانهاء النزاع في جنوب السودان الذي نال استقلاله في تموز/يوليو 2011.
واستؤنفت المفاوضات في السادس من آب/اغسطس بوساطة ايغاد والامم المتحدة والاتحاد الافريقي والصين و"الترويكا" المتمثلة ببريطانيا والنروج والولايات المتحدة.
من جهة اخرى، اعلنت الامم المتحدة الاثنين ان نحو 200 الف من المدنيين في جنوب السودان لجأوا الى مقراتها، وهو العدد الاكبر خلال 20 شهرا من الحرب الاهلية.
وهناك ما مجموعه 199 الفا و600 شخص وراء الاسلاك الشائكة في ثماني قواعد لقوة حفظ السلام التابعة لبعثة الامم المتحدة في جنوب السودان، اي بزيادة ثلث خلال اكثر من شهر.
ويحتاج اكثر من 70 في المئة من سكان جنوب السودان (12 مليون نسمة) الى مساعدات عاجلة. ونزح نحو 2,2 مليون من منازلهم، وفق الامم المتحدة التي حذرت من ان بعض المناطق مهددة بالمجاعة.
ودعت منظمات الاغاثة الثلاثاء الى وقف اطلاق النار لانهاء "الدمار الذي يفوق الخيال" وذلك في بيان مشترك لمنظمات اوكسفام وكير ولجنة الانقاذ الدولية.
وقال سايمون كول مياليث من منظمة كير "بدون سلام لن يكون هناك سوى مزيد من القتال والموت".
المصدر أ.ف.ب
أرسل تعليقك