أكدت صحيفة أميركية أن كثيراً من العراقيين يعتقدون أن الولايات المتحدة "تدعم داعش وغير جادة بمحاربته"، في حين عدّ مسؤولون أميركيون أن تلك "التهم لا تستحق الرد عليها وتشكل جزءاً من الماكينة الإعلامية الإيرانية"، عزاها مسؤولون عراقيون إلى رغبة البعض بإضعاف رئيس الحكومة، حيدر العبادي.
وقالت صحيفة الواشنطن بوست The Washington Post الأميركية، في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، إن "هاجس الشك بالولايات المتحدة، ينتشر بعمق في جبهات القتال ضد تنظيم داعش في العراق، حيث يقول مقاتلون إنهم رأوا أشرطة فديو تظهر، بحسب زعمهم، طائرات مروحية أميركية وهي تلقي أسلحة للمجاميع المسلحة"، مشيرة إلى أن "جنوداً كثيرين يدعون أن لديهم أصدقاء أو أقارب شاهدوا أمثلة مشابهة تدل على ذلك التواطؤ".
وذكرت الواشنطن بوست، أن "أناساً عاديين شاهدوا أيضاً تلك الأشرطة أو سمعوا روايات عنها، وتوصلوا للاستنتاج ذاته، وهو شيء قد يبدو للأميركيين على أنه سخيف لكن الكثير من العراقيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تدعم داعش لأسباب مغرضة متعددة، منها ما قد يكون متعلقاً برغبتها السيطرة على العراق أو منطقة الشرق الأوسط، للاستئثار بنفطه".
ونقلت الصحيفة، عن القيادي في صفوف الحشد الشعبي، مصطفى سعدي، قوله، إنه "ليس هناك شك في مساعدة أميركا لداعش"، مشيراً إلى أن "صديقه قد شاهد المروحيات الأميركية وهي تنقل قناني المياه لمواقع التنظيم"، ورأى سعدي أن "تنظيم داعش قارب على الانتهاء، وبات ضعيفا، وقد يهزم خلال أيام فقط لو توقفت أميركا عن دعمه".
من جانبهم قال مسؤولون أميركيون، وفقاً للواشنطن بوست، إن تلك "التهم لا تستحق الرد عليها أصلاً"، وقال المتحدث باسم قوات التحالف في بغداد، الكولونيل ستيف وارن، إن تلك "الاتهامات أكثر من سخيفة، وليس هناك في الغرب من يتقبلها"، مستدركاً "لكنها للأسف تشكل جزءاً من اعتقادات الشعب العراقي".
وعدت الواشنطن بوست أن "المفهوم السائد لدى العراقيين بأن الولايات المتحدة متعاونة، بشكل أو آخر، مع داعش، التي تدعي أنها تحاربه، نابعاً من الانقسام الطائفي الشيعي – السني الذي عم العراق"، مبينة أن ذلك "يفصح أيضاً عن الإرث السيئ بعدم الثقة الذي خيم على علاقة الولايات المتحدة بالعراق منذ غزوها له سنة 2003 وما تبعه من انسحاب بعد مرور ثماني سنوات".
من جانبه استبعد المحلل السياسي الأميركي كيرك سويل، المختص بالشؤون العراقية، أن "يساعد ذلك الهاجس لدى العراقيين عن أميركا، بتسهيل جهود الإدارة الأميركية بتعزيز دورها القتالي في العراق ضد داعش"، ونقلت الصحيفة عن سويل، تساؤله، "أي نفوذ يمكن لواشنطن أن تحققه في العراق إذا كان العراقيون يعتقدون أنها تدعم الإرهابيين".
واعتبرت الواشنطن بوست أن "أحد الأمثلة على مدى ضعف نفوذ الولايات المتحدة في العراق حالياً يتمثل بتصريحات رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، في بيان أصدره أمس الثلاثاء، يفصح فيه بهدوء عن رفضه للإعلان الذي أصدره وزير الدفاع الأميركي، اشتون كارتر، بشأن نية الولايات المتحدة إرسال قوات خاصة لنشرها في العراق لتنفيذ غارات وتحرير رهائن وإلقاء القبض على قياديي تنظيم داعش".
ومضت الصحيفة قائلة، إن "إقليم كردستان، حيث الدعم للتواجد الأميركي ما يزال قوياً، أبدى ترحيبه بإرسال مزيد من القوات الأميركية، لكن العبادي، أكد عدم وجود حاجة لأي قوات أجنبية على الأرض، وأن أي شيء من هذا القبيل خاضع لموافقة الحكومة الاتحادية والتنسيق مع القوات المسلحة العراقية، والاحترام الكامل للسيادة الوطنية".
وقال مسؤولون أميركيون، وفقا للواشنطن بوست، إن "السياسيين الشيعة في العراق، غالباً ما يثيرون موضوع التواطؤ الأميركي مع داعش داخل أروقة مجلس النواب العراقي، ويتم الترويج لذلك أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي"، عادين أن هنالك "حملة متعمدة يتبناها حلفاء إيران في العراق، لتحجيم النفوذ الأميركي في البلد".
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم التحالف الدولي، ستيف وارن، قوله بخصوص الموضوع، إن "الإيرانيين والمليشيات الشيعية المدعومة من قبلهم، يروجون لتلك الدعاية التي تزعم أن الولايات المتحدة تدعم تنظيم داعش"، عاداً أن ذلك "جزءا من الماكينة الإعلامية الإيرانية".
على صعيد متصل، علق المحلل سويل على الموضوع قائلاً، بحسب الواشنطن بوست، إن "الذين يروجون لتلك الدعاية يريدون أن يخلقوا مفاضلة وحجة تفيد أن إيران هي حليفنا، وأن الولايات المتحدة عدونا، بهدف إضعاف العبادي وتقويض جهوده لأنه حليف للولايات المتحدة أصلاً". بالمقابل نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الحكومة العراقية قولهم، إنهم "لا يثقون بتلك الاتهامات"، مؤكدين أن "العبادي غالبا ما يرد بالضد منها".
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، نصير نوري، في حديث إلى الواشنطن بوست، إن "الوزارة لا تعتقد أن الأميركيين يدعمون داعش"، مستدركا "لكن الكثيرين يعتقدون أن أميركا تقوم بذلك، وأنهم على حق عندما يقولون إن على الأميركيين أن يقدموا ما هو أكثر في الحرب ضد داعش"، وعزا نوري ذلك الاعتقاد إلى "التباطؤ بالتحرك الأميركي ضد داعش الأمر الذي أثار شكوكاً لدى كثيرين بأن واشنطن تدعم التنظيم".
لكن بائع الحقائب في بغداد، حسن عبد الوهاب،(23 سنة)، رأى كما أبلغ الصحيفة، أن "أغلب العراقيين يعتقدون أن الأميركيين يدعمون داعش"، معتبراً أن ذلك "لا يستند إلى تفكير ذهني بل إلى شيء عنصري عرقي، لأن العراقيين لا يحبون الأميركيين أساساً".
أرسل تعليقك