بيروت - فادي سماحه
أثارت تحذيرات أمنية أعلنتها سفارات غربية في لبنان خلال اليومين الأخيرين، موجة من الهلع والخوف في صفوف اللبنانيين، في وقت تشدّد فيه القوى الأمنية أن الوضع ممسوك، وإن كان دقيقا بعد معركة "فجر الجرود"، ونتائجها التي قد تؤدي إلى تحرك خلايا الإرهابيين النائمة، مؤكدة أنها تقوم بكامل الإجراءات اللازمة لمواجهتها، وبخاصة عبر العمليات الاستباقية.
وتوالت بيانات السفارات التي بدأتها السفارة الأميركية في بيروت قبل يومين، وتلتها خلال أقل من 24 ساعة سفارتا كندا وفرنسا، بحيث كان لافتا تحديد فرنسا الخطر بالـ48 ساعة ليعود ويعلن الجيش بعد ساعات قليلة إلقاء القبض على خلية أمنية، يترأسها أحد المتوارين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا في جنوب لبنان، وكانت تنوي تنفيذ عمليات إرهابية.
وأوضح بيان "مديرية التوجيه" أنه "وعلى أثر توافر معلومات لمديرية المخابرات عن قيام خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يترأسها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد الملقب بـ"أبو خطاب"، المتواري داخل مخيم عين الحلوة، بالتخطيط والتحضير للقيام بعمل إرهابي، قامت مديرية المخابرات بتنفيذ عدة عمليات دهم، أدت إلى توقيف 19 شخصا لارتباطهم بشكل أو بآخر بالخلية المذكورة، ولا تزال التحقيقات مستمرة مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. وقد اتخذت وحدات الجيش التدابير الاحترازية اللازمة".
وفي حين، أوضحت السفارة الفرنسية أن تحذيرها مرتبط بالتنبيهات التي أصدرتها السفارات الغربية قبلها، رفض متحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت إعطاء المزيد من التفاصيل حول التحذيرات، موضحا "عندما تصلنا معلومات عن أي تهديد مهمتنا إبلاغ مواطنينا بذلك". من جهته، وصف مصدر عسكري إلقاء القبض على الخلية، بالإنجاز، واضعا إياها ضمن "العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوى الأمنية بالتعاون فيما بينها، وبناءً على معلومات استخباراتية من أجهزتها أو من قبل السفارات التي يتم تبادل المعلومات معها". ومع رفضه الحسم عما إذا كانت التهديدات ترتبط بعمليات مرتقبة على أيدي عناصر هذه الخلية أم لا، أكد أن الوضع الأمني ممسوك، ويتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة، معتبرا أن هذه التحذيرات وما رافق بعضها من تحديد الخطر بالـ48 ساعة "مبالَغ فيه" ومن شأنه أن يؤثر سلبا على لبنان واللبنانيين.
وأوضح أن "التهديدات تأتي ضمن مسار أمني عام، بحيث من الطبيعي أن يكون هناك خوف من عمليات إرهابية بعد أي معركة، لكن ليس إلى درجة الهلع، وبالتالي بعد القضاء على البؤرة التي كان الإرهابيون ينطلقون منها ضمن عملية (فجر الجرود)، عند الحدود اللبنانية الشرقية قد يبدأون بتحريك الخلايا النائمة، وهنا دور العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوى الأمنية، وأثبتت نجاحا في ذلك".
وبعد تحذير السفارة الفرنسية الذي استدعى توضيحات من وزارتي الداخلية والخارجية لما تسبب به من خوف وهلع في أوساط اللبنانيين، نفذت وحدات الجيش خطة وانتشارا أمنيا في العاصمة بيروت، في حين بدا لافتا انعكاس هذه التحذيرات وما تبعها من شائعات في وسائل التواصل، على اللبنانيين الذين ارتأى عدد كبير منهم عدم التنقل وتجنب الأماكن العامة، وبخاصة في منطقة جونية، شمال بيروت، وتحديدا، في محيط كازينو لبنان الذي كانت السفارة الأميركية قد حذرت مواطنيها من ارتياده.
وقالت وزارة الداخلية اللبنانية "إن هذه التحذيرات مبنية على معلومات من أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وتقوم الأجهزة الأمنية اللبنانية بمتابعتها للتحرّي عن صحّتها ودقّتها"، داعية إلى "عدم الخوف وتضخيم الخبر وإعطائه أبعاداً أكبر من حجمه"، بينما دعت وزارة الخارجية البعثات "إلى الأخذ بعين الاعتبار الهلع الذي تسببه هذه البيانات على كافة المقيمين، لبنانيين وأجانب"، ورأت في بيان لها أن "بيانات كهذه يجب أن تندرج ضمن التنسيق، القائم أصلاً، مع وزارة الخارجية والمغتربين وأجهزة الدولة الأمنية، خصوصاً أن الأخيرة قامت ولا تزال بالتعامل مع التحذيرات والتهديدات الإرهابية وفق سياسة ردعية مبنية على تنسيق أمني فعال مع الدول الصديقة، معتمدة العمل الاستباقي الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من المخططات الإرهابية من خلال تفكيك هذه الخلايا وتوقيف أعضائها".
وبعد إلقاء القبض على الخلية التي يتوارى من يديرها في "عين الحلوة"، لم ينف المصدر العسكري "الوضع الدقيق في المخيم الذي بات ملجأ لعدد كبير من المطلوبين"، وفي حين أشارت مصادر إلى أن الجيش اللبناني يتحضّر لنقل بعض أفواجه العسكرية التي شاركت في معركة "فجر الجرود" إلى محيط مخيم عين الحلوة الذي تصفه المصادر العسكرية بـ"البؤرة الأمنية"، قالت المصادر العسكرية "الوضع في المخيم مختلف ودقيق في ظل وجود المدنيين، وقرار الحسم بشأنه يحتاج إلى تنسيق وتعاون مع الفصائل، لكن مما لا شك فيه أننا جاهزون دائما للمواجهة، وسنكون بالمرصاد لأي تحرك".
وشهد المخيم منذ الصباح وعلى كافة مداخله، أزمة سير خانقة، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي ينفذها الجيش اللبناني لليوم الخامس على التوالي، بحسب ما أشارت "الوكالة الوطنية للإعلام"، لافتة إلى خضوع كافة السيارات الداخلة والخارجة لعمليات تفتيش دقيقة، في حين يتم التدقيق في بطاقات الهوية والأوراق الثبوتية.
أرسل تعليقك