نشّطت موسكو تحركاتها على صعيد تطبيق خطتها لدفع ملف إعادة اللاجئين السوريين في مواجهة التحفظات الدولية المتصاعدة على "تجاهل مسار جنيف" للتسوية. وتزامن إرسال فرق عمل روسية إلى بلدان الجوار التي تستضيف لاجئين سوريين وتسريع اتصالات الكرملين مع أطراف إقليمية وأوروبية، مع إعلان الأمم المتحدة نيتها الدعوة إلى عقد لقاء دولي بشأن سورية منتصف الشهر المقبل.
وكشف مسؤول أميركي أن الرئيس دونالد ترامب وفلاديمير بوتين خلال قمتهما الأخيرة في هلسنكي "اتفقا من حيث المبدأ على ضرورة خروج الإيرانيين من سورية".
وأعلنت موسكو، الجمعة، أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أجرى محادثات مع نظيره التركي خلوصي أكار، ركّزت على القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي، والوضع في سورية. وأفاد بيان وزارة الدفاع بأن "الاجتماع بين الوزيرين كان بناء، وتم خلاله إيلاء اهتمام خاص لمناقشة قضايا تسوية الوضع الإنساني في سورية بأسرع وقت، بما في ذلك عملية اللاجئين".
ونقلت أوساط مقربة من الوزارة إلى وسائل إعلام معلومات أن الحديث تطرق بشكل مسهب إلى الوضع الميداني، بخاصة على صعيد تبادل وجهات النظر حول الوضع في مدينة إدلب السورية.
وكان الطرفان الروسي والتركي فشلا في التوصل إلى تفاهمات بشأن آليات تسوية الوضع في إدلب، وطلبت أنقرة منحها مهلة إضافية لإنجاز عملية "عزل جبهة النصرة"، فيما أكدت موسكو موقفها القاضي أن وقف إطلاق النار في المدينة لا ينسحب على كل الفصائل المتطرفة، ما عزز الاقتناع بأن التحضيرات لشن عملية عسكرية في المدينة دخلت مراحلها الأخيرة.
وكان مع التباين الروسي - التركي بشأن إدلب، لكن موسكو حرصت على إظهار تطابق في وجهات النظر بشأن المبادرة الروسية لإعادة اللاجئين، وتوفير الظروف الملائمة لاستقبالهم وإيوائهم، ما يستوجب تقديم ملف إعادة الإعمار على ملفات التسوية الأخرى في سوريا.
وأعلن رئيس الهيئة الروسية المشتركة التي تشكلت لتسهيل عودة اللاجئين السوريين ميخائيل ميزينتشيف، أن روسيا أرسلت فرق عمل إلى الأردن ولبنان وتركيا للعمل على دفع هذا الملف، فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن اللواء يفغيني إيلين بحث الوضع في سوريا مع وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية طلال أرسلان في مقر الوزارة بموسكو.
وعرض "اللواء إيلين على الوزير اللبناني الوضع على الأرض في سورية وتطورات الأحداث في الأزمة". وأشار البيان أن اللواء الروسي أطلع المسؤول اللبناني على "الخطوات التي تقوم بها الوزارة لتفعيل ودعم الحكومة المركزية في سورية لتمكينها من تسوية الأزمة وضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم". في الوقت ذاته، أكد الكرملين أن ملف اللاجئين سيكون على طاولة البحث خلال الاتصالات التي يجريها الرئيس فلاديمير بوتين، وبينها اللقاء الذي يعقد السبت مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالإضافة إلى عدد من الملفات المتعلقة بالشأن السوري.
وقال مصدر مطلع إن موسكو "لا تعارض من حيث المبدأ حضور قمة رباعية تحضّر لها أنقرة، تجمع قادة روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا لبحث الأزمة السورية وقضية اللاجئين".
وكان الكرملين تحفّظ على الدعوة التركية الخميس، وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف، إن "أجندة تحركات الرئيس الروسي لا يوجد عليها بند خاص بلقاء في أنقرة"، مضيفًا أن موسكو تعمل مع أنقرة وطهران على عقد قمة ثلاثية في طهران أوائل الشهر المقبل.
وأوضح المصدر الروسي أن التحفظ الروسي الواضح سببه "عدم وجود تفاهم كامل حتى الآن بين الأطراف الأربعة المدعوة لقمة أنقرة"، من دون أن يوضح هوية الطرف المعترض على تنظيمه.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعا إلى عقد القمة الرباعية في السابع من الشهر المقبل لبحث آليات دفع التسوية السياسية عبر توسيع إطار آستانة وضم أطراف تمثل المجموعة المصغرة الدولية التي يشارك فيها، بالإضافة إلى ألمانيا وفرنسا، كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن. وبدا الجمعة أن موسكو تسابق تحركات دولية محتملة لقطع الطريق على خطواتها في سوريا، خصوصاً بعد إعلان ريم إسماعيل المتحدثة باسم المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أن الأخير يعتزم عقد اجتماع بشأن سورية يضم ممثلين عن الأطراف المعنية في منتصف سبتمبر /أيلول المقبل.
وقالت إسماعيل "من المقرر عقد الاجتماع في منتصف سبتمبر/أيلول تقريبًا، ولكن لا يمكنني تأكيد أي تاريخ محدد للاجتماع". كما لم تتطرق إلى المواضيع التي سيتم مناقشتها في الاجتماع.
وأعقب هذا الموقف صدور تحفظ على التحركات الروسية، قبل يومين، خلال لقاء جمع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مع المبعوث الدول إلى سورية ستيفان دي ميستورا. إذ ربط الطرفان "أي حديث عن إعادة الإعمار في سورية بالتوصل إلى حل سياسي" في هذا البلد.
وأفادت الخارجية الأميركية بأن "الوزير بومبيو والمبعوث الخاص دي ميستورا اتفقا على أنه يتوجب على جميع الأطراف المعنية اتباع الطرق السياسية، وأن من السابق لأوانه أي حديث عن إعادة الإعمار في سوريا في ظل غياب الحل السياسي هناك".
وأضافت أن الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 يقضي بإصلاح الدستور وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في البلاد.
وذكرت أن بومبيو تطرق إلى قضية اللاجئين السوريين، مشيرًا أن عودتهم يجب أن تجري بمشاركة المؤسسات الأممية المعنية، وبعد أن تستقر الأوضاع الأمنية في سورية.
وتزامن ذلك مع إعلان واشنطن أنها لا ترى بديلًا لمفاوضات جنيف بشأن التسوية السورية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، تعليقاً على اللقاء المحتمل في أنقرة، إنه "لا بديل عن مسار جنيف، ونعتبر عملية جنيف التي تجري برعاية الأمم المتحدة السبيل الوحيدة لإيجاد حل سياسي طويل الأمد في سورية".
و نقلت وسائل إعلام روسية، الجمعة، أن موسكو تتطلع إلى تذليل بعض الخلافات مع واشنطن خلال اللقاء المرتقب في غضون أيام على مستوى مسؤولي مجلسي الأمن القومي في البلدين. وكانت مصادر أميركية قالت إن جون بولتون مستشار الرئيس للأمن القومي سيبحث مع نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف في جنيف الأسبوع المقبل المعاهدات الخاصة بالحد من التسلح ودور إيران في سورية.
ويأتي الاجتماع متابعة للقمة التي جمعت الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في هلسنكي في يوليو /تموز الماضي.
أرسل تعليقك