وجه رئيس وزراء إقليم كردستان يوم الأربعاء رسالة إلى المحتجين في الإقليم دعاهم فيها إلى ممارسة حق التظاهر بسلام، فيما حذر من الأوضاع "العنيفة والهشة" التي تعيشها المنطقة، والقلق من تحركات تنظيم "داعش" والقوات العراقية في محور مخمور ، فيما تتواصل التظاهرات الشعبية في عدد من مدن إقليم كردستان لليوم الثاني على التوالي، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية بسبب الأزمة المالية
وكان مجلس أمن إقليم كردستان قد أعلن يوم الاثنين عن وجود استعدادات من قبل القوات العراقية وميليشيات الحشد الشعبي للهجوم على قوات البيشمركة في طريق كوير – ديبكه – دبس الذي يربط الموصل بكركوك. وقال بارزاني في رسالة بعثها إلى المحتجين إن "التعبير السلمي عن وجهات النظر هو بالطبع حق مشروع وديمقراطي، ولكن العنف ليس مقبولا ابدا. وطالب رئيس حكومة كردستان المحتجين باتباع "الممارسات السلمية بالتظاهرات".
وكانت قوات البيشمركة قد صدت هجوما يوم الثلاثاء نفذه نحو 30 عنصرا من تنظيم "داعش" في محور مخمور المتنازع عليه بين أربيل وبغداد، وقد تمكنت من قتل ثمانية إرهابيين فيما لاذ الباقون بالفرار. واختتم بارزاني رسالته للمتظاهرين بالقول "نحن اقوى عندما نكون متحدين. وأقدر صبركم في هذه الفترة الصعبة. وقد مررنا بما هو أسوأ بكثير في الماضي, وما زلت اعتقد اننا, معا, سوف نبني مستقبلا افضل".
واندلعت احتجاجات شعبية في مناطق متفرقة من السليمانية وادارة كرميان، بسبب تأخر تسلم رواتبهم وفرض إجراءات للادخار الإجباري. واتخذت الاحتجاجات مسارًا عنيفا بعد إقدام المحتجين على حرق مقار حزبية وحكومية. الأمر الذي دفع القوات اللأمنية لتفريق التظاهرات بقوة وقع على أثره 5 قتلى ونحو 80 مصابا. وشهدت بعض المدن أعمال عنف وإحراق عدد من مقرات الاحزاب الرئيسة في الإقليم.
وتجمع عدد كبير من مواطني الاقليم، أمس الثلاثاء، في منطقة (دركي سراي) و (باب السراي) في مركز مدينة السليمانية، وسط انتشار مكثف للقوات الأمنية التي حاولت تفريقهم، وقامت بإطلاق النار في الهواء واستخدام الغاز المسيل للدموع ضدهم. كما شهد قضاء كويسنجق التابع لمحافظة أربيل، ومدن كفري وطقطق ورانية، ومدن أخرى تظاهرات مشابهة احتجاجا على تأخر صرف رواتب الموظفين ونقص الخدمات.
وقام متظاهرون في كويسنجق بمهاجمة مبنى القائممقامية وإضرام النار في بعض أجزائه، قبل أن تتمكن فرق الإطفاء من إخماد النيران. وكانت شرارة التظاهرات اندلعت يوم الإثنين بدعوة من نقابة المعلمين في السليمانية. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بتغيير الحكومة الحالية، وإجراء إصلاحات سياسية ومعيشية.
ومع ازدياد توتر الأوضاع، دعت حكومة إقليم كردستان مؤسساتها المعنية إلى التعامل مع التظاهرات على وفق القانون. وقالت حكومة الاقليم، في بيان تابعه " العرب اليوم "إنها "تعتبر التظاهر حقا شرعيا للمواطنين ودافعت عنه دائما وسوف تستمر في ذلك". واستدرك بالقول "بيد أننا ننظر بقلق إلى هذه الممارسات البعيدة عن المدنية والى العنف الذي استخدم في عدد من مدن وبلدات كردستان وبالأخص التي حدثت ضمن حدود محافظة السليمانية التي استهدفت عددا من الدوائر الحكومية والمقرات الحزبية وأدت إلى إصابة عدد من الاشخاص وإلحاق الاضرار بأملاك وأموال المواطنين".
بدوره، أعلن برلمان إقليم كردستان دعمه للمطالب العادلة لمواطني الإقليم، فيما دعا المتظاهرين إلى التعبير عن حقوقهم عبر تظاهرات هادئة وحضارية. وقال برلمان الإقليم، في بيان اطلع عليه (العرب اليوم) أمس، إنه "يؤمن بحق المواطنين في التعبير عن مطالبهم عبر التظاهرات المدنية بعيداً عن العنف". ولفت إلى أنه "يدرك مدى معاناة مواطني كردستان وصعوبة الأوضاع المعيشية للموظفين والبيشمركة والمتقاعدين بسبب الأزمة السياسية والمالية التي يواجهها إقليم كردستان".
ولفت البيان إلى أن "برلمان الإقليم وحكومة الإقليم والأطراف السياسية يعملون بشكل مستمر لاتخاذ خطوات جدية لمعالجة المشاكل وتحقيق المطالب العادلة للمواطنين". بالمقابل، دعت رئاسة الادعاء العام في إقليم كردستان، محكمة تحقيق السليمانية لاعتقال رئيس حركة (الجيل الجديد) شاسوار عبدالواحد والتحقيق معه بتهمة تحريض المواطنين على التظاهرات.
وأصدر الادعاء العام في إقليم كردستان مذكرة موجهة إلى محكمة تحقيقات السليمانية دعا فيها "لإجراء التحقيق مع شاسوار عبد الواحد لتحريضه المواطنين على التظاهر والتي أسفرت عن حرق المؤسسات الحكومية وتشويه الأماكن العامة وقطع الطرق". واتهم الادعاء العام في إقليم كردستان عبد الواحد بـ"إثارة مشاعر المواطنين وإطلاق شعارات تطالب بإسقاط حكومة الإقليم".
إلى ذلك، قالت حركة التغيير الكردية، في بيان اطلع عليه (العرب اليوم)، "أنه بعد جميع المساعي التي بذلت للإصلاح واجراء التغييرات على نظام الحكم في إقليم كردستان من اجل تحسين معيشة المواطنين والمساواة والعدالة الاجتماعية، فقد قابلتها الأحزاب الحاكمة بالرفض وعدم الإصغاء والتقصير والاستمرار في التوسع وشيوع الفساد وخرق جميع الحقوق القومية والوطنية والديمقراطية للشعب الكردي". وفي وقت لاحق من يوم أمس، اعلنت مصادر طبية في السليمانية مقتل خمسة متظاهرين وإصابة أكثر من سبعين في رانية. كما أعلنت إدارة قضاء كفري حظر التجوال مساء امس. وحذت حذوها قائممقامية قضاء جمجمال التابعة لمحافظة السليمانية وقررت تعطيل الدوام في دوائرها اليوم الأربعاء.
أرسل تعليقك