جدار الفصل العنصري يفصل بلدة برطعة ويقسّمها إلى شطرين
آخر تحديث GMT19:00:34
 العرب اليوم -

جدار الفصل العنصري يفصل بلدة برطعة ويقسّمها إلى شطرين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - جدار الفصل العنصري يفصل بلدة برطعة ويقسّمها إلى شطرين

جدار الفصل العنصري
القدس المحتلة - ناصر الأسعد

كانت عائلة "كبها" في بلدة برطعة، حتى العام 1948، تعيش على أرض واحدة شطرها الاحتلال بعد النكبة إلى شطرين؛ شرقي جنوب غربي جنين، وغربي داخل الخط الأخضر، تفصل بينهما حدود وهمية في الشارع الرئيس لسوق برطعة أطلق عليه الاحتلال اسم "الخط الأخضر"، ويقسم البلدة من وسطها بين الضفة الغربية وإسرائيل، قبل عزل الشطر الشرقي منها بالكامل بجدار الفصل العنصري.

وكشفت مصادر صحافية إسرائيلية، قبل يومين النقاب، عن مقترح يدرسه جيش الاحتلال يقضي بتغيير مسار الجدار بما يمكن من إخراج بلدة برطعة الشرقية خارجه في أعقاب عملية الدهس التي نفذها الشاب علاء راتب كبها (26 عاما)، من تلك البلدة، عصر الجمعة الماضي، وأسفر عنها مقتل ضابط وجندي وإصابة اثنين من جنود الاحتلال، وقالت صحيفة "هارتس"، إنه من المتوقع أن يقدم الجيش هذا المقترح إلى المستوى السياسي في إسرائيل من أجل المصادقة عليه، وأوضحت، أنه عندما قامت إسرائيل ببناء الجدار خلال الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، قسمت بلدة برطعة إلى جزأين الأول غربي خارج الجدار، والثاني شرقي داخله، لكن المقترح الآن يقضي بإخراج الجزء الشرقي الذي ليس باستطاعة القاطنين فيه الدخول إليه أو الخروج منه إلا عبر تصاريح خاصة تصدرها ما تسمى بالإدارة المدنية الإسرائيلية.

وعلى أرض الواقع، يعتقد قاطنون في تلك البلدة، أن عملية الفصل الجديدة التي يتحدث عنها الاحتلال، أقرب ما تكون إلى عملية فصل سيامي لتوأمين متلاصقين، في إشارة منهم إلى واقع البلدة التي أصبحت بلدتين بيوتهما تكاد تكون متلاصقة، فمن نافذة صالون الحلاقة الذي يملكه في الجزء الفلسطيني من البلدة، كان مواطن من عائلة كبها يشير إلى منزل لا يبعد أكثر من 200 متر، فقال "هذا البيت الأصفر هو بيت خالتي، إذا قمت بزيارتها بدون تصريح فقد يقوم حرس الحدود باعتقالي وقد أدفع غرامة مالية".

ورغم أن الخط الأخضر غير مرئي، إلا أن سكان الجزء الشرقي من البلدة في الضفة الغربية، بحاجة إلى تصاريح تمكنهم من العبور إلى الجزء الغربي، وتابع "حتى 1948 كان كل سكان برطعة من عائلة كبها الكبيرة، وبعد النكبة وقع الجزء الشرقي تحت السيطرة الأردنية مع باقي الضفة الغربية، بينما سيطرت إسرائيل على الجزء الغربي منها، وكان التنقل بين برطعة 1948 وبرطعة 1967، أمرا مستحيلا، لكن وللمفارقة أتاح الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في حزيران/يونيو عام 1967 لعائلة كبها التجمع مرة أخرى".

وزاد الجدار الذي بنته إسرائيل على بُعد بضعة كيلومترات عن الجزء الشرقي، من تعقيد الوضع، حيث يضطر الفلسطينيون في الجزء الشرقي للحصول على إذن خاص لعبور الجدار من الإدارة المدنية، وعندما تكون هناك حالة طبية طارئة يتوجب على الأهالي الاتصال بالإسرائيليين لتنسيق نقل المريض إلى مستشفى جنين الحكومي، وعلى الرغم من السوق المزدحم الذي شهد خلال السنوات الأخيرة انتعاشا ملحوظا، يشعر أهالي الشطر الفلسطيني من البلدة أنهم يعيشون في سجن.

وبعد احتلال الضفة الغربية في الرابع من حزيران عام 1967، سيطرت إسرائيل على البلدة بأكملها وتم توحيدها، غير أن سكان الجزء الأردني سابقا احتفظوا بجنسيتهم الأردنية وكانوا خاضعين للحكم العسكري الإسرائيلي المفروض على الضفة الغربية، وفقد هؤلاء علاقتهم بالأردن إثر إعلان العاهل الأردني الراحل الملك حسين، فك ارتباط المملكة الهاشمية بالضفة الغربية عام 1988.

في هذه البلدة الصغيرة، يشعر الأهالي أنهم يواجهون بمفردهم مخططا إسرائيليا قديما جديدا يستهدف أساسا تهجيرهم ودفعهم للرحيل عن قريتهم، وبلغ ذروته، قبل سنوات، بإقدام سلطات الاحتلال على محاولة إجبار النساء على خلع الحجاب والجلابيب وإخضاعهن للتفتيش الجسدي الـمهين أثناء محاولتهن الـمرور عبر الحاجز العسكري الذي تسلـمت شركة حراسة إسرائيلية خاصة مهام إدارته، قبل تحويله إلى معبر حدودي دائم.

وقال مواطنون من البلدة، إنهم تحملوا الكثير بسبب تدخل الاحتلال بكل صغيرة وكبيرة من تفاصيل حياتهم اليومية، بما في ذلك منعهم من إدخال الفواكه والأجهزة الكهربائية، ومنع الـمرضى من الـمرور عبر الحاجز إلا في ساعات يحددها مزاج جنود الاحتلال، إضافة إلى منع نساء البلدة ممن تزوجن خارجها من زيارة أقاربهن.

وبعد تسلم شركة حراسة إسرائيلية خاصة مهام "حفظ الأمن" على المعبر، دخلت معاناة الـمواطنين طورا جديدا لا يمكن تحمله أو قبوله، حيث ينتشر أفراد الأمن في كل مكان لدرجة يتبادر فيها للداخل إلى المعبر كأنه يدخل مطار بن غوريون، لتبدأ رحلة العذاب بمجرد نزول المواطن من السيارة والانتظار عند الباب الخارجي حتى يسمح له بالدخول، وعندما يدخل يصرخ عليه عناصر الأمن عبر مكبرات الصوت ويطلبون منه إخراج كل شيء من جيوبه وخلع حذائه وحزامه ومن ثم المرور عبر أجهزة التفتيش الموضوعة عند الباب الخارجي.

واستهدفت سلطات الاحتلال، العشرات من منشآت البلدة بالهدم والتخريب، ضمن إجراءاتها الهادفة إلى تضييق الخناق على المواطنين، في كافة الجوانب المعيشية، بعد أن حولتها إلى ما أشبه ما تكون بالسجن، وعزلتها خلف الجدار العنصري، وسط مخاوف من استهداف الاحتلال لاقتصاد البلدة المحلي، بعد النهضة الاقتصادية والتجارية التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة.

وتعتبر البوابة التي أقامتها سلطات الاحتلال على أحد مقاطع الجدار واصطلح على تسميتها حاجز "ريحان"، بمثابة المنفذ الوحيد لأهالي البلدة للتواصل مع الضفة الغربية، وفي السادس عشر من أيار عام 2007، سلم الاحتلال حاجز "ريحان" إلى شركة أمن إسرائيلية خاصة، وأصبح يسميه معبرا وليس حاجزا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدار الفصل العنصري يفصل بلدة برطعة ويقسّمها إلى شطرين جدار الفصل العنصري يفصل بلدة برطعة ويقسّمها إلى شطرين



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:51 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مهمة يجب اتباعها عند شراء السجاد لضمان اختيار مناسب
 العرب اليوم - نصائح مهمة يجب اتباعها عند شراء السجاد لضمان اختيار مناسب

GMT 18:24 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد وأردوغان يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين
 العرب اليوم - محمد بن زايد وأردوغان يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين

GMT 11:55 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

روبي تحدد شروطًا صارمة لإحياء حفل رأس السنة
 العرب اليوم - روبي تحدد شروطًا صارمة لإحياء حفل رأس السنة

GMT 19:14 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 11 شخصاً في انفجار مستودع أسلحة قرب العاصمة السورية

GMT 20:34 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق خمسة مقذوفات من شمال قطاع غزة نحو إسرائيل

GMT 08:31 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

لا للعفو العام.. نعم لسيادة القانون

GMT 09:28 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

GMT 10:28 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 08:58 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تضيف الدفء لمنزلك وتجعل أجواءه مريحة ومثالية

GMT 08:25 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... دبسٌ وهمسٌ

GMT 11:55 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

روبي تحدد شروطًا صارمة لإحياء حفل رأس السنة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab