أعادت تسريبات رئيس وزراء العراق الأسبق نوري المالكي تعقيد عملية اختيار رئيس الحكومة داخل "الإطار التنسيقي"، بعدما أدت إلى تأزيم العلاقات بين مكوناته، ما وضع نهاية للتوقعات بـ"مسار أكثر يسراً" عقب انسحاب نواب التيار الصدري من البرلمان وصعود بدلاء عنهم من كتلة الإطار والتيارات القريبة منها.
وبخلاف اضطراب العلاقات بين أطراف الإطار التنسيقي وقادته، دفعت التسريبات إلى اشتداد حدة التوتر بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ونوري المالكي، في ظل تراجع حظوظ الأخير في الظفر بولاية ثالثة لرئاسة الحكومة.وفي تطور لافت، أعلن القضاء العراقي في بيان صحافي، الثلاثاء، أن "محكمة تحقيق الكرخ (في بغداد) تلقت طلباً مقدماً من الادعاء العام باتخاذ الإجراءات القانونية بشأن التسريبات المنسوبة للمالكي".
"الإطار منقسم على نفسه"
وانقسم "الإطار التنسيقي" إلى فريقين متعارضين، الأول يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ويدعو لاتخاذ آلية التصويت لحسم قضية اختيار رئيس الوزراء معتمداً في ذلك على عدد الأصوات التي يمتلكها داخل الإطار.
في المقابل، يذهب الفريق الثاني الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ومعه رئيس "تحالف الفتح" هادي العامري إلى اعتماد التوافقية في اختيار رئيس الوزراء.
وفي ضوء التسريبات الأخيرة تراجعت قوة الفريق الأول لصالح الثاني، وبدا واضحاً أن التوافق بين قوى الإطار هو الذي سيحسم ملف اختيار رئيس مجلس الوزراء.
وأسفر اجتماع الإطار، الثلاثاء، في منزل القيادي همام حمودي عن اتفاقات عدة، منها انسحاب العامري والمالكي من الترشح لرئاسة الوزراء، مع إبداء "مرونة" من قبل كلا الطرفين.
واستقر الاجتماع على تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة الأسماء المرشحة لمنصب رئاسة مجلس الوزراء تضم: عمار الحكيم، همام حمودي، قيس الخزعلي، عبدالسادة الفريجي"، على أن تقوم اللجنة بتقديم تقريرها في الاجتماع المقبل.
ملفات خلافية
ولا يقتصر الخلاف على منصب رئيس الوزراء، بل إن هناك ملفات أخرى عالقة لعل أهمها منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، الذي تتنافس عليه قوى عدة داخل الإطار، خصوصاً أن بعض الأسماء المطروحة تواجه عقوبات دولية، ما يضع مجلس النواب في حرج أمام المجتمع الدولي في حال صعود أحدها.
وبخلاف ذلك، هناك خلافات متعلقة بتوزيع الوزارات والمناصب الأخرى بين قوى الإطار وشخصياته.
أبرز الترشيحات
وعلى الرغم من تداول الكثير من الأسماء، إلا أنها لا تمتلك جميعها حظوظاً، إذ يتم بين الحين والآخر طرح مرشحين بهدف إرضائهم أو التمويه والتشويش لاستخدامهم كأوراق ضغط تفاوضية إزاء الأطراف الأخرى.
ويتصدر المرشحون مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع معظم قوى الإطار التنسيقي، ومحمد شياع السوداني وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق المدعوم من قبل "دولة القانون".
كما برز أخيراً اسم المستشار في رئاسة الوزراء محمد الحكيم، نجل النائب الأسبق عبدالهادي الحكيم.
ومن بين الأسماء المرشحة أيضاً رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ووزير الرياضة والشباب الأسبق عبد الحسين عبطان، فضلاً عن أسماء أخرى مثل الوزير الأسبق علي الشكري، ومحافظ كربلاء نصيف الخطابي، وطارق نجم ونعيم السهيل وعبد الحسين الهنين.
وعلى الرغم من إعلان هادي العامري انسحابه من سباق رئاسة مجلس الوزراء، إلا أن هناك دعوات من قبل مؤيديه لحثه على الترشح، إذ دعا قائد مليشيا كتائب الإمام علي إلى اختيار العامري قائلاً إنه "يتحلى بالمقبولية والعقلانية والوسطية"، معتبراً أن ترشيحه "يدرء الفتنة".
حظوظ الكاظمي
أمام تعقيد هذا المشهد، يبرز بين الحين والآخر احتمال التجديد لرئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي بوصفه "الخيار الواقعي" لمنع وصول التقاطع الحاد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى "الصدام المسلح"، و"الاقتتال الشيعي الشيعي".
ويدفع هذا الاتجاه نجاح الكاظمي في إدارة ملف العلاقات الخارجية ووضعها على طريق التوازن، إلا أن هذا الخيار يواجه "معارضة شرسة" من قبل بعض الأطراف داخل الإطار يتزعمها رئيس "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ومع ذلك يبقى الرجل "خياراً قائماً".
السياق الدستوري
حددت المادة (76) آلية انتخاب رئيس مجلس الوزراء العراقي، إذ يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
ويعني ذلك من بين ما يعنيه، أنه لا انتخاب لرئيس مجلس الوزراء من دون المرور بانتخاب رئيس الجمهورية.
ويأمل المراقبون في حسم الأكراد، الخميس، مسألة ترشيح شخصية واحدة لمنصب الرئاسة، لتجنب سيناريو عام 2018 حين ذهبوا بمرشحين اثنين.
وتنص المادة (70) على انتخاب مجلس النواب رئيساً للجمهورية من بين المرشحين بأغلبية ثلثي أعضائه، وإذا لم يحصد أي منهم الأغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الاثنين الحاصلين على أعلى الأصوات في اقتراع ثانٍ.
ويتولى بعد ذلك رئيس الوزراء المكلف تسمية أعضاء حكومته، خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ التكليف، ثم يعرض الأسماء وخطة الحكومة على مجلس النواب.
ويعتبر رئيس الوزراء حائزاً الثقة، عند الموافقة على الوزراء منفردين، وعلى المنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة. وفي حال عدم نيل الثقة أو إخفاق المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها، يُكلِف رئيس الجمهورية مرشحاً جديداً للمنصب خلال 15 يوماً.
ومع انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، فإن الكتلة النيابية الأكثر عدداً باتت ممهدة أمام "الإطار التنسيقي" لترشيح مرشح منه لرئاسة مجلس الوزراء.
سيناريوهات تشكيل الحكومة
السيناريو الأول: فشل عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية (يتطلب حضور 220 نائباً) ما يؤدي إلى حتمية عدم إمكانية تكليف رئيس مجلس وزراء جديد، ما يفسح المجال أمام إجراء انتخابات جديدة وبقاء حكومة تصريف الأمور اليومية.
السيناريو الثاني: الاتفاق على اختيار شخص من قيادات الصف الأول، ومع ضعف هذا السيناريو إلا أنه يبقى قائماً.
السيناريو الثالث: اختيار إحدى الشخصيات التي تم استعراض أسمائها في هذا التقرير، وهو الخيار الأرجح.
السيناريو الرابع: اختيار شخصية غير متداولة (مرشح تسوية) من أجل رأب الصدع بين قوى الإطار التنسيقي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك