اكدت روسيا غداة استخدامها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لانشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين عن اسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية في تموز/يوليو 2014 في شرق اوكرانيا، انها تأمل في تحقيق "بعيد عن كل تسييس" في هذه الحادثة.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الروسية ريا نوفوستي "وحده تحقيق موضوعي وغير منحاز يسمح بتحديد المسؤوليات. تحقيق لا يؤثر عليه اي التسييس او الضجيج السياسي او اي شىء".
وكانت روسيا استخدت الفيتو الاربعاء في مجلس الامن الدولي ضد مشروع قرار يقضي بانشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين عن اسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية في رحلتها رقم ام اتش17 في شرق اوكرانيا، مما ادى الى مقتل 239 شخصا.
وايدت 11 دولة من اصل 15 اعضاء في المجلس مشروع القرار الذي وضعته كل من استراليا وبلجيكا وماليزيا وهولندا واوكرانيا وتقدمت به ماليزيا. وامتنعت ثلاث دول عن التصويت هي الصين وفنزويلا وانغولا.
وبدات الجلسة بدقيقة صمت حدادا على الضحايا الـ298 الذين قضوا في الحادث وغالبيتهم هولنديون.
وحظي القرار خصوصا بدعم لندن وواشنطن وباريس التي تتهم المتمردين الاوكرانيين الموالين لروسيا باسقاط الطائرة بوينغ 777 مستخدمين صاروخ ارض - جو تم الحصول عليه من روسيا.
وترى روسيا التي تنفي تورطها بشكل قاطع وتحمل الجيش الاوكرانية مسؤولية سقوط الطائرة، انه يجب انتظار نتائج التحقيق التي يتوقع ان تعلن في تشرين الاول/اكتوبر.
وقال بيسكوف ان روسيا طرحت عدة مرات اسئلة على المحققين وعبرت عن رغبتها في المشاركة في التحقيقات.
واضاف "للاسف، لم نتلق اي رد تقريبا على اسئلتنا المتعلقة بظروف هذه الفاجعة"، مؤكدا ان موسكو ستفعل ما بوسعها "لكشف الحقيقة".
وكان السفير الروسي في الامم المتحدة فيتالي تشوركين اكد الاربعاء على ان تاسيس محكمة "ليس من اختصاص المجلس".، متهما مؤيدي المحكمة بالسعي الى تسييس القضية.
واشار تشوركين الى ان المحققين الروس لم يحصلوا على امكانية الوصول ذاتها الى موقع تحطم الطائرة كغيرهم. وتساءل عما يؤكد "نزاهة التحقيق"، منتقدا "الترويج العدائي في الاعلام" ضد روسيا.
واعرب الاتحاد الاوروبي الخميس عن اسفه للفيتو الروسي. وصرحت المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية مايا كوسيانسيتش امام صحافيين "ناسف لعدم تبني مشروع القرار امام مجلس الامن بسبب الفيتو الروسي".
وانتقدت دول غربية في مجلس الامن، فضلا عن استراليا وهولندا التي كان غالبية الضحايا من رعاياها، موقف روسيا. واكدت تلك الدول ان الفيتو لن يحول دون استمرار الجهود الدولية لملاحقة مرتكبي الحادث.
وقالت السفيرة الاميركية سامنتا باور "من المحزن ان تستخدم روسيا هذا الامتياز الذي عهد به اليها (...) لاحباط السلام والامن الدوليين". واكدت ان واشنطن تصر على الا يفلت مرتكبي "الجريمة" من العقاب.
وشاركت وزيرة خارجية استراليا جولي بيشوب في جلسة التصويت في مجلس الامن، خاصة ان استراليا فقدت 39 مواطنا في حادث الطائرة.
ونددت بيشوب بالموقف الروسي معتبرة انه "صفعة وجهت الى الضحايا وعائلاتهم واصدقائهم"، معتبرة ان "الذرائع التي ساقتها روسيا تستحق اكبر ازدراء".
وقالت "في عالم يتزايد فيه عنف المجموعات الارهابية والعناصر غير الحكومية (...) لا يمكن تقبل ان ينحى مجلس الامن بنفسه عن معاقبة هؤلاء الذي اسقطوا طائرة مدنية". وتابعت ان "الفيتو يضاعف من الوحشية".
واكدت بيشوب ان "استراليا ستفعل ما بوسعها لضمان محاسبة منفذي العمل الوحشي". واشارت الى ان استراليا واعضاء آخرين في التحقيق المشترك سيبحثون عن "آلية اخرى لملاحقة المسؤولين (عن الحادث) امام القضاء وكشف الحقيقة".
من جهته وصف رئيس الحكومة الاسترالي توني ابوب موقف روسيا بـ"المخزي". وقال في بيان ان "روسيا تبدي عبر تصرفاتها تجاهلا تماما لحق العائلات في تحديد المسؤولين ولرؤية المجرمين يمثلون امام القضاء".
اما وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز فعبر عن "خيبة امل عميقة"، مؤكدا دعمه لعائلات الضحايا التي كانت تتطلع لانشاء تلك المحكمة.
واعرب وزير النقل الماليزي داتو سري ليو تيونغ لاي عن "خيبة امل كبيرة"، معتبرا ان المجلس "وجه رسالة خطيرة حول الافلات من العقاب".
وفي كييف، وعد الرئيس الاوكراني بترو بوروشنكو باحقاق العدالة لعائلات الضحايا رغم الفيتو الروسي. وكتب ان "النتائج تتحدث عن نفسها" في اشارة الى نتيجة التصويت في مجلس الامن. واضاف "لكن اوكرانيا لن تتوقف هنا. ينبغي معاقبة المذنبين".
اما وزير الخارجية الاوكراني باولو كليمكين فاتهم روسيا مباشرة في الضلوع في الحادث، اذ قال ان "السبب الوحيد لاعتراض القرار هو ان تكون احد المنفذين". وتابع ان "هذه المحكمة لاظهار الحقيقة، وان كنت خائفا من الحقيقة فذلك يعني انك على الجانب الآخر".
واسقطت الطائرة الماليزية الرحلة ام اتش 17 في شرق اوكرانيا في 17 تموز/يوليو 2014 ما اسفر عن مقتل 298 شخصا هم الركاب وافراد الطاقم.
وتتهم كييف والغربيون الانفصاليين الموالين لموسكو باستخدام صاروخ ارض-جو من طراز بوك حصلوا عليه من روسيا لاسقاط الطائرة. لكن موسكو تنفي اي ضلوع لها.
وقبل التصويت نبه وزير النقل الماليزي ان "جميع من يسافرون بالطائرات سيواجهون مزيدا من الاخطار"، داعيا الى تبني القرار "لاننا ندين بذلك لعائلات الضحايا".
وبعيد الحادث، تبنى مجلس الامن بالاجماع القرار 2166 الذي طالب ب"محاسبة" المسؤولين عن هذه الكارثة الجوية وبان "تتعاون" كل الدول "في شكل كامل" في هذا الصدد. وايدت روسيا يومها القرار.
ومشروع القرار الذي رفض الاربعاء ينص على الزام جميع الدول بالتعاون مع المحكمة الخاصة تحت طائلة فرض عقوبات.
والاربعاء، حض رئيس الوزراء الهولندي مارك روت في اتصال هاتفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الموافقة على انشاء المحكمة. واعلن الكرملين ان بوتين رد ان "روسيا لا تزال تعتقد ان انشاء محكمة مماثلة ليس الخطوة الافضل الواجب القيام بها".
المصدر أ.ف.ب
أرسل تعليقك