لا يزال امام الرئيس الاميركي باراك اوباما سنتين في الحكم لكنه يبقى مصمما على المضي قدما في اثنين من ابرز المواضيع الحساسة في السياسة الاميركية: الهجرة والتغير المناخي.
وفي مواجهة معارضيه الجمهوريين في مجلس الكونغرس، سيدفع اوباما بوتيرة الاصلاح مستخدما السلطة التنفيذية للبيت الابيض مجازفا بصراع دستوري.
وفور عودته من جولة اسيوية اعلن خلالها عن اتفاق مع الصين لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، يخطط اوباما اليوم لاصدار مرسوم يحمي ملايين المهاجرين من الترحيل.
وحول هذين الموضوعين يمضي بسرعة كبرى كما ان تصميمه الواضح على اختبار حدود سلطته اثار غضب معارضيه.
وحول ملف البيئة يرى اوباما ان الوعود التي قطعها لبكين- خفض انبعاثات الكربون بما بين 26 و 28% من مستوياتها عام 2005، بحلول العام 2025- يمكن ان تطبق بدون اللجوء الى اصدار قانون.
وحول الهجرة وبعدما راوحت عدة مشاريع اصلاح في الكونغرس، يرى اوباما انه آن الاوان لكي يتحرك وحيدا.
وقال اوباما للصحافيين الاحد في استراليا بعد قمة مجموعة العشرين "لا يمكنني ان انتظر الى الابد في وقت املك فيه السلطات، على الاقل للسنتين المقبلتين، لتحسين النظام".
واضاف "ساكون اتنصل من واجباتي اذا لم احاول تحسين النظام الذي يقر الجميع بانه منهار".
وبدون تحالف في الكونغرس، لن يتمكن اوباما من التوصل الى اصلاح واسع يحدد الطريق نحو المواطنية لملايين الاشخاص الذين يقيمون ويعملون في الولايات المتحدة بدون اوراق.
لكن البعض يقول ان امرا تنفيذيا يمكن ان يحمي بعض الشبان الذين نشأوا في الولايات المتحدة وتلقوا دروسهم في البلد وادوا الخدمة العسكرية من الطرد في انتظار قانون جديد.
ونطاق تحرك اوباما لم يكشف بعد لكن البيت الابيض قال ان المرسوم سيصدر في نهاية السنة.
وعبر الجمهوريون الذين اعطاهم فوزهم في انتخابات منتصف الولاية هامش تحرك مريح في مجلس النواب، عن غضبهم من محاولة الالتفاف حولهم.
وقال رئيس مجلس النواب جون باينر للصحافيين الاسبوع الماضي "سنحارب الرئيس بقوة اذا واصل المضي في هذا النهج" محذرا من ان اوباما سيعتبر مخالفا للدستور الاميركي.
واضاف "هذه طريقة خاطئة في الحكم. انها تحديدا ما قال الشعب الاميركي في الانتخابات انه يرفضه".
ويعمل بعض الجمهوريين مع الديموقراطيين من مؤيدي اوباما حول اصلاح قانون الهجرة وقد حذر معارضوه من ان تحرك الرئيس بمفرده سينسف هذا النقاش.
وهناك مجازفة اخرى يواجهها اوباما، كما يقر بنفسه، اذا تحرك منفردا وهو انه بغض النظر عما يوقعه منفردا فان ذلك يمكن ان ينسف بسهولة من قبل الرئيس الذي سيخلفه في 2017.
لكن اوباما رفض في السابق اصدار مرسوم حول اصلاح الهجرة.
ففي شباط/فبراير 2013 حين توسل اليه ناشط شاب التدخل لوقف تفكك عائلات عبر طرد افراد لا يحملون وثائق، رد اوباما ان ليس لديه السلطة للتحرك.
وقال انذاك، "المشكلة هي انني رئيس الولايات المتحدة ولست امبراطور الولايات المتحدة. ان واجبي هو تنفيذ قوانين يتم تمريرها".
ومنذ حزيران/يونيو 2012 فضلت ادارة اوباما عدم طرد مهاجرين كان يفترض ان يكونوا محميين بمشروع قانون "دريم اكت"، المعلق الذي يحمي هؤلاء الذين ترعرعوا في الولايات المتحدة.
وفي ايلول/سبتمبر السنة الماضية، قال اوباما لتلفزيون تيليموندو انه لا يمكنه تجاوز بنود النص الضيقة بدون ان يكون الكونغرس قد اقره.
وقال "يمكننا ان نختار من النص البند الذي يقول ان الشبان الذين نشاوا هنا هم اميركيون موضع ترحيب" لكن "اذا بدانا بتوسيع ذلك فساكون اتجاهل القانون بطريقة اعتقد سيكون من الصعب الدفاع عنها قانونيا. وبالتالي ذلك ليس خيارا".
لكن بالواقع تشير معلومات الى ان اوباما يخطط حاليا لتجاوز ما كان يعتبره ليس خيارا.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين في الادارة فان مرسومه سيتجاوز تسليم اوراق موقتة لشبان وانما يشمل اهل مواطنين اميركيين ومقيمين.
وعدد المهاجرين الذين لا يملكون وثائق والذين سيحظون بحماية من الطرد، سيرتفع بالتالي الى حد كبير مقارنة مع العدد الوارد في مشروع القانون ليصل الى حوالى خمسة ملايين شخص.
وقد استخدم رؤساء اخرون صلاحياتهم التنفيذية لوقف تحرك حول مهاجرين غير شرعيين لكن ليس على نفس النطاق. فهل ان الاعداد الاكبر تغير المعادلة السياسية لاوباما؟
وقال مظفر خشتي من معهد سياسة الهجرة في جامعة نيويورك "قانونيا، الرئيس موقعه ثابت. لكن في عالم السياسة، حين يتعلق الامر بخمسة ملايين شخص فالامر مختلف".
واضاف "هذا الكونغرس سيجادل بقوة ويعتبر ذلك انتهاكا مباشرا لارادته السياسية".
لكن اذا تجاوز اوباما العاصفة السياسية فانه سيعلق مسالة توسيع قانون اصلاح الهجرة ويحيلها للرئيس المقبل وربما لرئيس قد يملك غالبية تشريعية.
نقلًا عن "أ.ف.ب"
أرسل تعليقك