يذكر الفتى كريستيان اليوم الذي صارحه فيه صديقان له بانهما يرغبان في الهجرة خلسة من هندوراس الى الولايات المتحدة هربا من عنف العصابات سالكين طريق الاف من اقرانهما في البلاد.
ويقول هذا الفتى البالغ من العمر 16 عاما لوكالة فرانس برس "طلب مني صديقاي ان احفظ السر.. رغم انهما كانا لا يملكان الكثير من المال لتغطية نفقات السفر خلسة، لكنهما كانا مضطرين لفعل ذلك هربا من تهديدات عصابة مارا سالفاتروشا".
وتعمل هذه العصابة وغيرها على تجنيد الفتيان بالقوة في كل من هندوراس والسلفادور وغواتيمالا، ولذا لا يجد كثير منهم ملجأ سوى في الهرب من البلاد.
وما زالت ذاكرة يوم وداع الصديقين في ذلك اليوم من شهر تموز/يوليو ماثلة في مخيلة كريستيان.
ويقول "كان ذلك مؤلما..ذهبا الى الولايات المتحدة لانه قيل لهما انهما سيجدان هنالك كل شيء".
على غرار هذين الفتيين، يجتاز الاف المراهقين والاطفال شهريا في هندوراس حدود مع المكسيك، في طرق خطرة تمتد على 1500 كيلومتر، يكثر فيها نشاط العصابات الاجرامية.
بين تشرين الاول/اكتوبر من العام 2013 وآب/اغسطس من العام 2014، اوقف حرس الحدود الاميركي نحو 62 الف قاصر كانوا يهمون باجتياز الحدود دون مرافقة من اقرباء بالغين، وارسلوا الى مراكز للرعاية قبل ان تبت السلطات باوضاعهم.
والسبب الاساسي وراء الرغبة في الهجرة من هندوراس هو معدل العنف الذي يعد الاعلى في العالم، اذ يقتل فيه 70 شخصا من بين كل مائة الف، وفقا لاحصاءات صادرة عن مرصد العنف التابع للجامعة الوطنية في هندوراس.
ففي العام 1998 مثلا قتل في البلاد 9641 شخصا دون الثالثة والعشرين من العمر.
ويقول كريستيان "يطلب رجال العصابات من الاطفال بيع المخدرات قسرا تحت تهديد القتل".
ويضيف "لهذا يفر الفتيان" من هندوراس.
وقد تحولت هجرة رعايا دول اميركا الوسطى الغارقة في العنف والفقر الى عبء على الولايات المتحدة، وفي الاونة الاخيرة استقبل الرئيس الاميركي باراك اوباما قادة هندوراس والسلفادور وغواتيمالا، خوان اورلاندو هرنانديز، وسلفادور سنشيز سيرين، واوتو بيريز، طالبا منهم وضع حد للهجرة من بلادهم، ولا سيما هجرة الاطفال.
وقال اوباما قبل اسابيع "لدينا مسؤولية مشتركة ازاء هذه المشكلة" مشددا على اولوية التصدي لمهربي المهاجرين.
غير ان المشكلة لا يمكن حلها بمجرد هذه التدابير، وانما ينبغي معالجة اصولها، وفقا لمدير منظمة "كومبارتير" غير الحكومية ياديرا سوسيدا.
وتعتقد مديرة هذه المنظمة العاملة في الاحياء الفقيرة من عاصمة هندوراس ان الافلات من قبضة العصابات ليس بالامر السهل، الا في صفوف الفتيان الذين لا يعرفون سوى البيت والمدرسة ولا يخرجون الى الشارع.
يأمل كريستيان الا تضطره الظروف الى مغادرة بلده، وهو يحلم بان يلتحق في صفوف الجيش، حتى يصبح قادرا على التنقل الآمن وسلاحه بيده دون خوف من العصابات.
أرسل تعليقك