بعد اسبوعين على هجمات باريس، كشفت فرنسا مدعومة من الاتحاد الاوروبي الاربعاء عن سلسلة من الاجراءات لتعزيز مكافحة الارهاب وتجنب وقوع هجمات جديدة.
وتطرق رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس في تصريح صحافي الى "التحدي المخيف" الذي تواجهه فرنسا والذي "يفرض اتخاذ اجراءات استثنائية".
وقال فالس "في الاجمال هناك نحو 3000 شخص لا بد من مراقبتهم" في البلاد بسبب ارتباطاتهم بجهاديين او ب"الشبكات الارهابية في سوريا والعراق" مشيرا الى ارتفاع هذا الرقم بسبب ضرورة مراقبة اتصالات الكثير من الاشخاص عبر الانترنت.
وشدد فالس على ان هذه الاجراءات "تندرج في اطار احترام دولة القانون".
من جهتها اعلنت المفوضية الاوروبية عن استعدادها لتعديل اقتراحها بانشاء سجل اوروبي لركاب الطائرات، وهو الاقتراح الذي لا يزال عالقا ولم يقر منذ نحو اربع سنوات بسبب اعتراض الكثيرين عليه.
وكانت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي اقرت مبدأ وضع هذا السجل عام 2011، لانه اداة مهمة لمنع انتقال شبان اوروبيين الى سوريا والعراق للالتحاق بتنظيمات جهادية.
ويرفض البرلمان الاوروبي حتى الان اقرار انشاء هذا السجل، اذ يطالب النواب الاوروبيون قبل ذلك باقرار قانون مشترك حول حماية المعلومات الامر الذي لا توافق عليه الدول الاعضاء. وقال نائب رئيس المفوضية فرانس تيميرمانس ان "الوضع معقد".
وتطرق تيمرمانس ايضا الى "امكانية تشديد قواعد شنغن للانتقال الحر خصوصا لتشديد الحماية على الحدود الخارجية".
واضاف المسؤول الاوروبي ان صلاحيات اوروبا في مجال الامن محدودة وان "المسؤولية" في هذا المجال تقع على الدول.
كما اعتبر تيمرمانس ان الاتحاد الاوروبي يواجه اليوم "التحدي الكبير" المتمثل بطمأنة اليهود على "مستقبلهم في اوروبا".
واوضح رئيس الحكومة الفرنسية ان هذه الاجراءات ستكلف 425 مليون يورو خلال ثلاثة اعوام.
كما يفترض ان تعلن الحكومة عن مشاريع تربوية من اجل تعزيز احترام العلمانية في المجتمع الفرنسي وتربية الشباب على تقبل التنوع وتقوية الحس المدني.
ومع أجور ونفقات العاملين ترتفع الكلفة الى نحو 700 مليون يورو سيتم تأمينها عبر ترشيد النفقات الحكومية.
ودائما على ثلاث سنوات سيتم خلق 2680 وظيفة في مجال مكافحة الارهاب في اطار وزارات الدفاع والداخلية والعدل.
واضاف فالس انه سيتم توظيف "60 اماما اضافيا" للعمل في السجون على ان يضافوا الى 182 اصلا موجودين.
وكشف رئيس الحكومة الفرنسية ان الجمعية الوطنية ستناقش "مطلع اذار/مارس المقبل" قانونا جديدا حول عمل اجهزة الاستخبارات.
وفي حين ان 122 الف شرطي وعسكري يشاركون حاليا في حماية المنشآت الحساسة في البلاد قرر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند جعل عدد الوظائف التي كان من المقرر ان تلغى في الجيش اقل ب7500 وظيفة.
وفي اطار سعيه لتعزيز الطابع العلماني في فرنسا وتنشئة الشبان على التنوع والحس المدني اكد في كلمة له عصر الاربعاء ان "اي حادث في المدارس لن يترك من دون متابعة".
فمنذ الهجمات وقعت حوادث كسرت صورة وحدة البلاد في عدد من المدارس ولا سيما في احياء متوترة حيث اثار تلاميذ الفوضى في اثناء احياء ذكرى قتلى الهجمات، واحيانا اعربوا عن دعم الجهاديين.
كذلك من المقرر ان تعلن المفوضية الاوروبية عن خططها لتحفيز التعاون في الاتحاد الاوروبي الذي قرر اشراك تركيا والدول العربية في جهود مشتركة لمكافحة هذه المشكلة.
في باريس بات التحقيق حول الهجمات يركز على المتهمين بمساعدة الاخوين سعيد وشريف كواشي منفذي الهجوم على صحيفة شارلي ايبدو الساخرة (12 قتيلا) واحمدي كوليبالي شريكهما الذي قتل شرطية في 8 كانون الثاني/يناير في جنوب باريس واربعة رهائن يهوديين في متجر للاطعمة اليهودية في العاصمة في اليوم التالي.
واعلن مدعي عام باريس فرنسوا مولان ان اربعة رجال اوقفوا في اطار التحقيق في اعتداءات باريس التي وقعت في السابع والثامن والتاسع من كانون الثاني/يناير اتهموا واودعوا الحبس ليل الثلاثاء الاربعاء.
وقال مولان ان ثلاثة من الرجال الاربعة اشتروا "مواد" من محلات اسلحة لاحمدي كوليبالي الذي قتل شرطية وقام بعملية احتجاز رهائن قتل خلالها اربعة اشخاص في محل لبيع الاطعمة اليهودية في باريس.
كما ينتظر ان تتسلم فرنسا الفرنسي فريتز جولي-يواكين البالغ 28 عاما قريبا من بلغاريا، حيث اوقف في الاول من كانون الثاني/يناير فيما كان يستعد لدخول تركيا.
وفي بلجيكا قرر القضاء ابقاء ثلاثة اشخاص اتهموا في اطار عملية الاسبوع الماضي في التوقيف الاحترازي وتوجيه الاتهام الى شخص جديد.
واوقف 13 شخصا في اطار العملية التي انتهت بمقتل مشبوهين اثنين، اتهم خمسة منهم "بالانتماء الى مجموعة ارهابية".
وبين الثلاثة الذين وضعوا في الحبس الاحترازي مروان البالي (25 عاما) الذي يشتبه بانه قدم دعما لوجستيا لخلية ارهابية لكنه ينفي الاتهامات بينما يؤكد محاميه انه كان يقوم بزيارة لصديق عند توقيفه.
كما يجري البحث عن رجلين آخرين في اسبانيا لكن تبين ان احدهما موجود في بلجيكا ويخضع للمراقبة الالكترونية.
من جهة اخرى، افادت عدة مصادر في مجلس الوزراء الفرنسي ان الحكومة قد تؤيد مقترحا قدمته المعارضة اليمينية ودعمته الاكثرية الاشتراكية في الجمعية الوطنية باقرار "عقوبة عدم اهلية وطنية" تحرم المدانين بتهم ارهاب من حقوقهم الاهلية والمدنية والسياسية.
والهدف العام يكمن في الحفاظ لاطول فترة ممكنة على مناخ الوحدة الوطنية الذي رفع بشكل كبير منذ الهجمات شعبية هولاند وفالس.
لكن هذا الموضوع حساس. ففيما كان منفذو الهجمات جهاديين فرنسيين متحدرين من مهاجرين، تعرض فالس لانتقادات حادة من اليمين الثلاثاء بعد تنديده بوجود "فصل عنصري مناطقي واجتماعي واتني" في فرنسا، في تلميح الى اعمال العنف التي اكتسحت ضواحي البلاد التي تشمل كثافة سكانية من الاجانب في 2005.
أ ف ب
أرسل تعليقك