اعلنت كولومبيا انها ستعلق اعتبارا من اليوم الاربعاء ولمدة شهر عمليات القصف ضد متمردي القوات المسلحة الثورية (فارك) في مبادرة مفاجئة تهدف الى تسريع عملية السلام لتسوية اقدم نزاع في اميركا اللاتينية.
ففي خطاب رسمي بثه التلفزيون مساء الثلاثاء، امر الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس بهذا الاجراء غير المسبوق منذ بدء المحادثات مع حركة التمرد في تشرين الثاني/نوفمبر في كوبا.
وقال سانتوس انه "من اجل تعزيز تراجع حدة النزاع، قررت اصدار امر الى وزير الدفاع وقادة القوات المسلحة بوقف عمليات قصف معسكرات فارك لمدة شهر".
وكانت الحكومة استبعدت حتى الآن اي هدنة عسكرية قبل التوقيع النهائي على اتفاق سلام مع اكبر حركة تمرد في البلاد تأسست على اثر تمرد فلاحي في 1964.
واسفر هذا النزاع المسلح في كولومبيا الذي شارك فيه الجيش وحركات تمرد شيوعية وقوات خاصة من اليمين المتطرف وعصابات اجرامية عن سقوط اكثر من 220 الف قتيل ونزوح اكثر من خمسة ملايين شخص خلال نصف قرن، حسب الارقام الرسمية.
واشار سانتوس الى ان الوقف المؤقت لعمليات القصف يأتي تطبيقا لوقف اطلاق النار الذي اعلنه المتمردون في كانون الاول/ديسمبر.
وقال "يجب ان نعترف بانهم يحترمون تعهداتهم"، معبرا عن ارتياحه للاتفاق الذي تم التوصل اليه الاسبوع الماضي حول عمليات نزع الالغام في هذا البلد الاكثر تضررا بالالغام المضادة للافراد في العالم بعد افغانستان.
وصرح ارييل افيلا الباحث في مؤسسة "مصالحة وسلام" والخبير في النزاع الكولومبي ان "وقف عمليات القصف موقتا يسمح لعملية السلام بالتقدم بخطوات كبيرة". واضاف ان "ذلك يتيح امكانية التوصل الى وقف ثنائي لاطلاق النار حتى قبل توقيع اتفاق سلام".
وبعد انتهاء المهلة التي حددت بشهر، ستقوم السلطات الكولومبية بدراسة الوضع من جديد قبل ان تمدد قرار وقف القصف.
وقال سانتوس "سنراجع مجددا احترام وقف اطلاق النار الاحادي الجانب من قبل فارك وعلى ضوء النتائج سنقرر مواصلة هذا الاجراء او عدم مواصلته". واكد انه يحتفظ بحق استئناف عمليات القصف في حال وجود "تهديد وشيك".
وفي الوقت نفسه اكد الرئيس الكولومبي ان توقف عمليات القصف لا يعني بالضرورة انتهاء المواجهات على الارض. وقال "اذا حدثت معارك خلال دورية روتينية في منطقة فهذه ستكون من قواعد اللعبة".
من جهة اخرى، حذر الرئيس الكولومبي من ان العمليات العسكرية ستستمر ضد حركة التمرد الثانية في البلاد جيش التحرير الوطني.
وبدأت الحكومة وهذا الفصيل المتمرد في حزيران/يونيو الماضي اتصالات استكشافية لم تسفر حتى الان عن بدء مفاوضات سلام.
وقال سانتوس ان "هذه المنظمة بدل ان تتجه نحو تخفيف التصعيد والبحث عن السلام زادت من نشاطاتها الاجرامية".
ورأى افيلا ان تصعيد اللهجة ضد "جيش التحرير الوطني" من قبل الحكومة يهدف الى "الضغط على حركة التمرد هذه لبدء مفاوضات".
وقامت هذه المنظمة منذ اشهر بعمليات خطف استهدفت واحدة منها رئيس بلدية متهم بالفساد افرجت عنه مؤخرا. كما احتجزت الحركة التي تقول انها تتحرك باسم الدفاع عن الثروات الطبيعية منتصف شباط/فبراير عددا من خبراء الجيولوجيا افرج عنهم الثلاثاء.
وتشكل القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) وجيش التحرير الوطني الحركتان اللتان تأسستا في الستينات، آخر حركتي تمرد يساريتين متطرفتين تضمان على التوالي 8500 و2500 مقاتل ينتشرون في المناطق الريفية النائية خصوصا.
نقلًا عن "أ.ف.ب"
أرسل تعليقك