تسعى حكومة اليونان الجديدة برئاسة أليكسيس تسيبراس الى مد جسور علاقات التعاون مع روسيا في خطوة أثارت قلق الاتحاد الأوروبي ،في وقت يعتقد خبراء الاقتصاد أن البلاد باتت أمام عد عكسي قد تجد نفسها في نهايته في حالة اختناق مالي مع استحقاقات قريبة جدا للتسديد.
وبينما أعرب رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز عن قلقه من سعي حكومة اليونان الجديدة إلى التعاون مع روسيا ،فقد بدأت الحكومة اليونانية الجديدة برئاسة تسيبراس الذي ينتمي الى حزب سيريزا اليساري الراديكالي منذ الاربعاء بتنفيذ وعود حملته الانتخابية بدقة.
وقال شولتز في حديث لصحيفة "فيلت ام سونتاج" اليوم الأحد إن "القاسم المشترك الأدنى لهذا الائتلاف (اليسار الراديكالي سيريزا و"اليونانيين المستقلة") يعتبر رفض "ثلاثية" الدائنين (الاتحاد الأوروبي ومصرف أوروبا المركزي وصندوق النقد الدولي) وإنجازات التكامل الأوروبي. كما تقلقني جدا رغبة التعاون (اليونان) مع روسيا".
وأضاف معلقا على موقف اليونان من العقوبات ضد روسيا: "لقد قلت لتسيبراس إنكم تطلبون التضامن من الشركاء الأوروبيين، غير أن خطواتكم الأولى شكلت خرقا للتضامن في السياسة الخارجية. ولن يسفر هذا عن شيء جيد، وقد فهم ذلك".
واعتبر المسؤول الأوروبي أن تقارب اليونان مع روسيا يعتبر "قبل كل شيء شأن سياسي داخلي"، يريد تسيبراس من خلاله أن يظهر للناخبين أن السلطة في اليونان بات بأيدي أناس جدد"
وكان رئيس الوزراء اليوناني الجديد قد أعرب عن عدم ارتياحه لموقف الاتحاد الأوروبي من العقوبات ضد روسيا.
واتهم أليكسيس تسيبراس زعماء الاتحاد الأوروبي بأنهم لم يتشاوروا مع أثينا بخصوص تصريحاتهم المتعلقة بالعقوبات ضد موسكو، معربا عن عدم ارتياحه لعدم التزام الاتحاد الأوروبي بشرط الإجماع في اتخاذ قرارات مهمة.
وخلال حملته الانتخابية تعهد زعيم "حزب سيريزا" البالغ من العمر 40 سنة بإعادة النظر في العلاقات مع الناتو، والعمل على إلغاء نصف ديون اليونان، وتمديد فترة تسديد النصف الآخر، والانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وعلى صعيد آخر يرى خبراء الاقتصاد أن اليونان باتت امام عد عكسي قد تجد نفسها في نهايته في حالة اختناق مالي مع استحقاقات قريبة جدا للتسديد ومصارف تسعى جاهدة لاحتواء هروب رؤوس الاموال.
ودق الكسندر دوليغ برفسور الاقتصاد في كلية سان سير العسكرية ناقوس الخطر بقوله"بحسب ما اسمعه لم يعد لدى اثينا ما يكفي لصمودها خلال شهر فبراير.
وكانت حكومة ائتلاف اليسار الراديكالي برئاسة تسيبراس قد بدأت منذ الاربعاء بتنفيذ وعود حملته بدقة ولو اعتبر كما قال "غريب الاطوار" بين رجال السياسة.
واغضب وزير المالية في حكومته يانيس فاروفاكيس رئيس منطقة اليورو يروين ديسلبلوم -الذي صافحه على مضض في ختام مؤتمرهما الصحفي- بتكراره امامه ان اثينا تريد قطع الجسور مع "الترويكا" التي قال انها "تسبب زعزعة الاستقرار".
وتضم تقنيين ماليين من الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي لتقييم مدى تقدم الاصلاحات وكذلك الضبط المالي وبالنتيجة التصديق ام لا على دفع الاموال في اطار المساعدة الدولية.
لكن مع قطع الجسور مع الذين يهزون العصا يبدو فاروفاكي مستعدا ايضا للتخلي عن شيك بسبعة مليارات يورو مقرر دفعه اواخر فبراير تطبيقا لخطة مساعدة تعود الى 2010 ومبلغ اجمالي من 240 مليار يورو.
وأقرت الحكومة اليونانية نفسها بان الوقت يضيق. وقال وزير المالية يانيس فاروفاكيس لصحيفة اغورا "يقال غالبا ان هناك موعدا اقصى هو 28 فبراير (...) لكننا نعتقد انه موعد تعسفي ثمرة اتفاق فاوضت عليه الحكومة السابقة".
واضاف "ان الاستحقاق الفعلي سيكون في يونيو او يوليو عندما تصل السندات التي يملكها البنك الاوروبي الاوروبي الى نهايتها".
فخلال 2015 فقط يتوجب على اليونان ان تسدد تسعة مليارات يورو لصندوق النقد الدولي، منها 2,3 مليار في شباط-اذار كما اوضح تيبو ميرسيه الخبير الاقتصادي لدى مصرف بيه ان بيه باريبا.
ثم تأتي بعد ذلك السندات بقيمة 6,7 مليار لدى البنك المركزي الاوروبي في يوليو- اغسطس التي تحدث عنها فاروفاكيس. واخيرا سندات الخزينة بقيمة 15 مليار يورو (سندات لثلاثة وستة اشهر) لدى المصارف اليونانية.
إلى ذلك قررت الحكومة الجديدة برئاسة تسيبراس اعادة الانفاق المالي. ففي الاجمال قدر ميرسيه كلفة برنامج حملة حزبه اليساري سيريزا ب13,5 مليار يورو، مع حساب اعادة الموظفين والمساعدات المخصصة للاسر الاكثر فقرا والتدابير المتعلقة باسعار وسائل النقل والرواتب والغاء الضرائب وغيرها.
لكن حتى قبل البدء بتنفيذ هذه المشاريع الكبرى فان صناديق الحكومة فارغة. وأشارت صحيفة "كاثيميريني" الى انه بقي فيها اقل من ملياري دولار ستكون قد تبخرت قبل نهاية فبراير . وكذلك فان الاموال العامة في حالة أسوأ الى درجة دفعت بعض اليونانيين الى التوقف عن دفع الضرائب المتوجبة عليهم اثناء الحملة الانتخابية على امل خفض الضرائب.
ورأى الكسندر ديليغ "ان الحكومة تمول نفسها لان المصارف اليونانية ملتزمة باصداراتها للديون على المدى القصير، ولان البنك المركزي الاوروبي يدعم المصارف المعنية. فان توقف البنك المركزي الاوروبي عن الدفع ينتهي الامر".
ولا يعرف احد كم من الوقت ستتمكن المصارف من لعب هذا الدور كمرجع اخير خاصة وانها تأثرت بهروب رؤوس الاموال وكميات الديون الهالكة.
وأشار ادم ميمون الخبير الاقتصادي لدى المركز البريطاني للدراسات السياسية "ان المدخرين يسحبون مودعاتهم منذ اسابيع بما يقدر بخمسة مليار يورو في كانون الاول و15 مليارا في كانون الثاني".
إلى ذلك حذرت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز من جهتها من انها مستعدة لتخفض بسرعة علامات الملاءة لمصارف الفا بنك ويورو بنك وناشيونال بنك اوف غريس وبيرايوس بنك معتبرة ان المصارف الاربعة التي تمثل 90% من السوق ستحتاج قريبا ل"تدابير دعم استثنائية".
المصدر : سبأ
أرسل تعليقك